إعتصام القيادة…مطالب بتصعيد المقاومة
تقرير: عاين 22أبريل 2019م
يقين الآلاف من الذين يسيرون المواكب اليومية الى مقر اعتصام ملايين السودانيين امام مقر القيادة العامة للجيش، وتحقيق رغباتهم وتطلعاتهم في الدولة المنشودة؛ التي تقوم على العدالة والمساواة هو بقائهم في هذه الساحة، وتصعيد عملهم مع تأكيدهم على ضرورة محاسبة مرتكبي الانتهاكات والجرائم في حقهم. في الساحات بمقر الاعتصام انتصبت خيام عديدة وانتظمت مواكب عدة لاصحاب القضايا المطلبية؛ من دارفور- جبال النوبة- النيل الازرق، ومظالم شرق السودان وشماله ووسطه إضافة لمطالب متضرري السدود ونهب الأراضي وضحايا قتلى التظاهرات.
جموع هذه المكونات تعبر عن شعوب تعرضت لانتهاكات مباشرة من قبل النظام السابق، وإصرارهم على البقاء هو ضامن تحقيق تطلعاتهم المتسقة مع إعلان الحرية والتغيير بحسب ما يقول نشطاء من هذه المجموعات لـ(عاين).
“رصاصة الغدر”
تطوف بذاكرة عبد الله اسماعيل، القادم من شرق السودان، مظالم إقليمه الممتدة لسنوات وافقاره المتعمد، ولن تسقط ذاكرته ايضا مجزرة بورتسودان الشهيرة في العام ٢٠٠٥ عندما ارتفعت الأصوات المطالبة بالحقوق “كانت رصاصة الغدر في صدور المطالبين اسفينا نتذكره الآن ونحاول مع جموع السودانيين تجاوز مرارته ونحن على مقربة من تحقيق دولة العدالة“.
وتُذكر العشرات من مكبرات الصوت والمنصات في ساحة اعتصام القيادة العامة، بعشرات القضايا المماثلة في اقاليم السودان المختلفة، من ضحايا حرب دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق، انتقالا الى اقصى الشمال الى ضحايا التنمية الدموية في السدود. “على أنصار النظام البائد أن يأتوا ورموزهم الى هذه الساحة ليشاهدوا حجم الانتهاكات التي ارتكبوها في حق الشعب السوداني العظيم” تقول المشاركة في الاعتصام اسراء عبد العظيم، وتضيف ” سنحاسبهم جميعا لن نغفر ولن ننسى.. تحاكمهم مؤسساتنا العدلية التي سنبنيها في المستقبل القريب.. وسنواصل اعتصامنا الى حين تحقيق اهدافنا كاملة غير منقوصة”.
جاهزية التجمع
جموع السودانيين بدات أكثر استجابة لنداءات قوى إعلان الحرية والتغيير بتسيير المواكب الى ساحة الاعتصام، وبينهم من هم على يقين بمماطلة المجلس العسكري في تسليم السلطة الى حكومة مدنية لكنهم منقسمون ايضا في الداخل لجهة عدم توافق قوى إعلان الحرية والتغيير على الحكومة المدنية في مستوياتها الثلاثة مجلس السيادة والوزراء التنفيذيين والمجلس التشريعي.
تجمع المهنيين اللاعب الأبرز في الثورة السودانية دعا للتصعيد على كافة الجبهات لتحقيق أهداف الثورة في حكومة انتقالية مدنية تتشكل من الكفاءات. يقول المتحدث باسم تجمع المهنيين، محمد الأمين عبدالعزيز، لـ(عاين)، ان التجمع في ظل الأوضاع التي صاحبت تشكيل الحكومة الانتقالية بين مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير كان جاهزاً في تقديم حكومته منفردا مساء أمس ليلية المؤتمر الصحفي، لكنه وإدراكا لشق وحدة المعارضة التاريخية أرجأ الأمر بعد تدخل القوى السياسية التي طلبت مهلة 48 ساعة من تاريخ ليلة أمس للتوافق وإعلان الحكومة الخميس المقبل في مؤتمر صحفي مشهود.
ويرجح الأمين عدم التوافق إلى التعقيدات الموجودة داخل الأحزاب هذا بجانب قوى الكفاح المسلح. ويضيف “نحن في تجمع المهنيين قررنا التصعيد ولدينا ادواتنا المجربة في هذا الصدد سنفعلها على الفور”. ويلفت عبد العزيز إلى أن هناك عمل دولي وإقليمي لديه مصالح مباشرة لكن كل لقاءات التجمع بهذه المجموعات اثبتت جدية هذه المحاور الاقليمية سيما الامارات والسعودية في ضرورة تسليم المجلس العسكري الحكومه للمدنيين.
التفاف عسكري
عضو التجمع محمد ناجي الأصم، في بث مباشر على صفحته في فيسبوك اليوم الأثنين، اتهم أشخاص في المجلس العسكري بالالتفاف حول مطالب الشارع السوداني الواضحة المتمثلة في إعلان قوى الحرية والتغيير، ويقول الاصم أنهم لمسوا من خلال اللقاءات مع اللجنة السياسية بالمجلس العسكري أن لديهم عشرات الرؤى التي قدمتها القوى السياسية وانهم بصدد خلق توافق حولها الأمر الذي يعده الأصم التفاف حول مطالب الثورة بمشاركة قوى سياسية في الحكومة المدنية المقبلة كانت قبل أشهر تشارك بشكل او بآخر نظام الرئيس المخلوع.
وشدد الاصم على أنه لا يمكن أن نقبل باعادة نظام الانقاذ بنسخة اخرى، وعليه قررنا مقاطعة الحوار مع المجلس العسكري. واكد على تصعيد العمل المقاوم لجهة أن المرحلة الحالية هي أدق وأخطر من سابقاتها فمحاولة المجلس العسكري الاتفاق عبر اشخاص بداخلة اصبحت واضحة.
عودة جداول
قال ناجي الأصم، سنعود مجددا الى جداول العمل المقاوم مع استمرار الاعتصام بالمدن والولايات. واضاف “المرحلة الحالية أصعب وتحتاج قوة اكبر وصمود اكثر لاننا نواجه وجوه جديدة من النظام البائد.. نحن متمسكون بإعلان الحرية والتغيير .. تنفيذ مطالبنا في تنفيذ إعلان الحرية والتغيير والبنود الواردة فيه جميعا”. وزاد “المطلوب الآن وحدتنا.. بدينا متوحدين ولابد ان نستمر ونبتعد عن الاصوات التي تدعو تقسيمنا.. حققنا انتصارات وامامنا معارك لم تنته بعد”.
عصيان وإضراب
اما المحلل السياسي اسامة السعيد، يرى انه وفي خضم الالتفاف الذي يقوده المجلس العسكري على الثورة السودانية يتوجب تصعيد العمل المقاوم عبر الاستمرار في الاعتصامات وصولا الى العصيان المدني والإضراب السياسي الشامل، ويقول لـ (عاين) ان في هذا التصعيد كسر لشوكة المجلس العسكري وحلفائه وبالتالي شل الدولة، ويشير إلى أن هذا العمل المقاوم يتطلب تنظيم بالعودة الى لجان الأحياء وبناء هذه اللجان في المناطق الجديدة. ويشير السعيد، إلى أن عملية بناء النقابات في المرحلة الحالية قفز فوق المراحل لجهة اننا مواجهين الآن بنظام مازال موجودا، لكن علينا العمل وسط القوى العاملة وحملها للإضراب.
وعلى الرغم من أن النظام اللعب على تناقضات حكومات العالم أجمع- وفقا لاسامة السعيد- لكن ميزان القوى الآن في يد الشارع الثائر ضد أذيال النظام السابق. ويقول “النظام تلقى في الفترة الماضية وحتى الآن دعما دوليا مقدر بخبرة ثلاثين عاما من اللعب على المتناقضات الدولية”. ويضيف “الثورة السودانية كانت وحيدة في مواجهة كل هذه التقاطعات الدولية وانتصرت حتى الآن بنسبة كبيرة وما تبقى يحتاج مواصلة العمل المقاوم عبر الآليات المذكورة والتحسب ايضا لتكتيكات النظام التي بدأ اللعب عليها الآن وهي العامل الديني بحشد للدعاة وتأييدهم في خطاب ممجوج”.