“غياب الاحتياجات” .. صرخة اللاجئات السودانيات في أوغندا
عاين- 29 أكتوبر 2024
تطلق النساء السودانيات اللاتي فررن من نيران الحرب مع عائلاتهن إلى دولة أوغندا، صرخات استغاثة إلى المنظمات الإنسانية للتدخل العاجل لتلبية احتياجاتهن الخاصة مثل الرعاية الطبية المتصلة بالإنجاب، والفوط الصحية التي تشهد غياباً كاملاً، ولا يستطعن توفيرها، كما يشتكين من عنف جنسي وبدني واسع.
وتفوق هذه الاحتياجات مقدرة النساء السودانيات في مخيم كرياندنقو الذي يبعد نحو 200 كيلومتر شمالي العاصمة الأوغندية كمبالا، نسبة لعدم وجود مصادر للكسب المالي، ويعتمدن على مساعدات إنسانية شحيحة، لا تكفي الحاجة من الأكل والشرب، ومع ذلك تتعرض للتقليص من وقت لآخر، إلى أن وصلت مستوى رمزي.
وترتفع الشكاوى من غياب قابلات يستطعن تقديم الرعاية الطبية اللازمة للنساء السودانيات الحوامل واللاتي يواجهن عقبات في عرض مشكلاتهن الصحية بالشكل المطلوبة للقابلات والأطقم الصحية الأوغندية نسبة لعامل اللغة، واختلاف الثقافات، الشي الذي دفع البعض إلى طرح قابلات سودانيات لاجئات للعمل في المخيم، لكن السلطات الصحية المحلية رفضت اعتمادهن، وفق ما نقلته اللاجئة السودانية عوضية يحيى لـ(عاين).
وتشير عوضية إلى أن اعتماد قابلات سودانيات للعمل في مخيم كرياندنقو كان سيعالج العديد من المشكلات التي تواجه النساء في المخيم فيما يتصل بالصحة الإنجابية بشكل عام، لذلك تلتمس من السلطات الأوغندية الموافقة على القابلات السودانيات، حيث تشعر الأمهات الحوامل بالأمان بشكل أكبر، وهن يتابعن حالتهن الصحية مع كوادر سودانية.
وتضيف “هناك أعداد مقدرة من النساء الحوامل في مخيم اللاجئين في أوغندا، ولكن الرعاية ضعيفة، إذ لا يوجد مركز صحي مجاور يحتوي على الإسعافات الأولية التي من شأنها أن تلبي احتياجات النساء الحوامل، كما تعاني نقص في الحمامات والفوط الصحية وهي مستهلكات دورية تتطلب توفيرها على الدوام”.
عنف جنسي
وتنبه إلى نقص الغذاء في المخيم؛ نظرا إلى شح المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الطوعية، الشي الذي أدى إلى ظهور حالات سوء التغذية، والتي يتضرر منها الأمهات الحوامل بشكل أكبر، وأنشأ الشباب مطبخاً مجانياً، لكنه محدود الإمكانيات، ولا يلبي الحاجة الفعلية، كما يوجد نقص في أدوية الأمراض المزمنة، وكذلك يتعرض الأطفال السودانيون اللاجئون إلى تنمر في المدارس؛ نظرا لعدم معرفتهم باللغة الإنجليزية.
وتحضن أوغندا أكثر من 35 ألف لاجئ سوداني، وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يقيم معظمهم في مخيم كرياندنقو شمالي العاصمة كمبالا، ويشتكون على الدوام من نقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب، كما يعانون تردي خدمات الرعاية الصحة في مختلف جوانبها.
وتكشف رفيعة آدم وهي لاجئة سودانية في مخيم كرياندنقو لـ(عاين) تعرض بعض النساء والفتيات اللاجئات إلى التحرش والمضايقات الجنسية في المخيم وفي المدارس، وعندما يشتكي أولياء أمورهن إلى السلطات الشرطية في المنطقة لا تعطي الاهتمام الكافي لهذا النوع من الجرائم، ولا تتتبع الجناة المعتدين، كما يتعرضن إلى عنف جسدي في أثناء صرف الحصص الغذائية؛ مما أدى إلى إجهاض بعض الحوامل.
وتقول “نحن كنساء في المخيم نعاني نقصاً دائماً في احتياجاتنا، لا سيما الفوط الصحية والرعاية الصحية للحوامل، والملابس الداخلية، ونناشد المنظمات الطوعية بمساعدتنا وتقديم هذا النوع من الدعم والمساعدات التي نحتاجها بشكل دوري، كما أننا بحاجة إلى معينات وكراسي متحركة للأشخاص ذوي الإعاقة في المخيم”.
وتشدد اللاجئة علوية عمر على ضرورة أن تنتبه المنظمات الطوعية للاحتياجات الخاصة بالنساء وتوفيرها، لأنهن لا يستطعن شراءها نظرا لعدم وجود مصادر كسب مادي لهن وأولياء أمورهن الذين يعتمدون بشكل أساسي على الدعم الإنساني.
وتناشد علوية التي تحدثت لـ(عاين) الجهات المعنية والمنظمات الطوعية المهتمة بالعمل على إقامة دار خاصة بالنساء في المخيم، لتكون بمثابة ملتقى لهن لمناقشة القضايا والمشكلات التي تواجههن وسبل حلها.
دعم نفسي
وتبدو الحاجة ملحة إلى دعم نفسي كبير للنساء والفتيات في مخيم اللاجئين السودانيين في أوغندا بالنسبة إلى اللاجئة السودانية منى عمر محمد، نتيجة لما تعرضن له من صدمة جراء الحرب واللجوء والواقع القاسي الذي يعيشونه في الوقت الحالي.
وتقول منى في حديثها لـ(عاين) “النساء في المخيم يفتقد لأبسط الخدمات الصحية، وأصيب العديد منهن بالالتهابات كنتيجة مباشرة لعدم استخدام الفوت الصحية في أثناء الدورة الشهرية، كما يعانين وجود حمامات مشتركة مع الرجال فقط، ولم يتم عمل واحدة خاصة بهن كما ينبغي، ويواجهن صعوبات وخوفاً وحرجاً كبيراً في استخدامها خاصة في الليل”.
هذا الواقع كان صادماً إلى سارة محي الدين التي فرت إلى أوغندا، وكان في مخيلتها الحصول على وضع جيد، تتوفر فيه الاحتياجات الأساسية، من أكل وشرب ورعاية طبية على الأقل.
وتقول محي الدين في حديثها لـ(عاين) “نواجه نقصاً حاداً في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، ومع ذلك يضطر اللاجئون بما في ذلك الأطفال وكبار السن السير إلى مسافات بعيدة لجلب المياه، كنا نتوقع وضعاً أفضل عندما فررنا إلى أوغندا، لكن صدمنا بواقع قاس، حيث ننام على الأرض مع أطفالنا نواجه الرطوبة ليلا وحرارة الطقس والأمطار نهاراً، إنه وضع مأساوي للغاية”.