بعد فتح معبر أدري.. ما هي تحديات وصول الإغاثة لدارفور؟

عاين- 22 أغسطس 2024

مع تزايد الضغوط الدولية على طرفي القتال في السودان استجابت الحكومة السودانية بالموافقة على فتح معبر أدري، وهو معبر إنساني من تشاد إلى السودان، يسهل عبور المساعدات إلى دارفور عبر مدينة “الجنينة” عاصمة ولاية غرب دارفور التي تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع.

 عن معبر أدري

معبر “أدري” أحد أهم ثلاثة معابر واقعة على الحدود السودانية التشادية البالغة 1400 كيلومتر، أخذ اسمه من مدينة “أدري” التشادية الحدودية مع ولاية غرب دارفور.

وتقع مدينة أدري التشادية على بعد 30 كيلومتراً من الجنينة عاصمة غرب دارفور، بينما تبعد عن زالنجي عاصمة وسط دارفور، مسافة 154 كيلومتراً. كما تبتعد عن نيالا عاصمة جنوب دارفور، حوالي 329 كيلومتراً، وعن مدينة الضعين عاصمة شرق دارفور، بمسافة تصل إلى 485 كيلومتراً، وعن الفاشر، عاصمة شمال دارفور نحو 341 كيلومتراً.

يتميز معبر أدري بموقعه الجغرافي الذي يساعد على تسهيل العمليات اللوجستية، ويشكل نقاط ارتكاز للمنظمات الإنسانية الدولية

ويعتبر المعبر شرياناً اقتصادياً لمناطق دارفور الحدودية بين السودان وتشاد، ويسهّل التجارة الثنائية وحركة تنقل الأفراد بين البلدين.

ويتميز معبر “أدري” بموقعه الجغرافي الذي يساعد على تسهيل العمليات اللوجستية، ويشكل نقاط ارتكاز للمنظمات الإنسانية الدولية، وهو المعبر الوحيد الآمن لإيصال المساعدات الإنسانية لإقليم دارفور.

وتتهم الحكومة السودانية قوات الدعم السريع باستخدام المعبر ممراً للإمداد العسكري، وتهريب الأسلحة تحت غطاء الإغاثة الإنسانية، وحذرت المنظمات الإنسانية من استخدامه، علاوة على ذلك يتهم الجيش الدعم السريع باستخدامه ممراً لدخول المقاتلين المرتزقة من دول غرب أفريقيا.

وفي الخامس عشر من أغسطس الجاري قرر مجلس السيادة السوداني فتح معبر أدري لعبور المساعدات الإنسانية لدارفور لمدة ثلاثة أشهر بعد إغلاقه في فبراير الماضي.

ماهي تحديات وصول الإغاثة

وعلى الرغم من تحرك شاحنات محملة بالإغاثة من المعبر الحدودي مع تشاد، إلا ان تحديات كبيرة تواجه وصول هذه المساعدات إلى وجهتها النهائية.

تحديات تواجه قوافل الإغاثة أبرزها انقطاع الطرق بسبب الخريف، بجانب نقص الوقود الكافي للشاحنات وتدهور الأوضاع الأمنية.

ويقول عمال إغاثة في دارفور لـ(عاين): “ستواجه قوافل الإغاثة ثلاث صعوبات رئيسية في الوصول إلى وجهاتها النهائية تتمثل في انقطاع الطرق وصعوبة الحركة في فصل الخريف، بجانب نقص الوقود الكافي لرحلة العودة، علاوة على تدهور الأوضاع الأمنية ووجود مجموعات خارجة عن القانون قد تهاجم الشاحنات، على الرغم من تعهد قوات الدعم السريع بتوفير الحماية لهذه القوافل”.

وحالت الأمطار الغزيرة التي هطلت في دارفور دون وصول (100) شاحنة مساعدات وصلت بالفعل معبر “أدري” الحدودي تتبع لمنظمتي “اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي” محملة بأدوية ومواد غذائية في طريقها إلى مخيمات النازحين بولايات شمال وجنوب ووسط دارفور.

وأشار زكريا هرون وهو أحد عمال الإغاثة في ولاية غرب دارفور، إلى تحديات على الأرض ومعظم الشاحنات متوقفة؛ بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات. وقال: “وصول الإغاثة يحتاج إلى أشهر حتى تصل وجهتها المحددة، ونعلم أن أي تأخير هناك أطفال يموتون بسبب الجوع في مخيمات النازحين”.

وأضاف زكريا هرون في مقابلة مع (عاين): أن “تأخير شحنات الإغاثة لفترات طويلة ربما يعرضها للاعتداء من المليشيات المسلحة، خاصة في ظل الحاجة الماسة للغذاء في دارفور”.

وكانت الأمطار الغزيرة التي هطلت الأيام الماضية بدارفور تسبب في انهيار جسر “كاجا” بمدينة الجنينة الذي يربط الطريق من أدري إلى ولاية شمال دارفور، وجسر “باري” بمنطقة مورني الذي يربط معبر أدري بولايات جنوب وشرق ووسط دارفور.

شاحنات مساعدات متجهة للأراضي السودانية من معبر أدري الحدودي مع تشاد

وتأمل رئيسة قسم الإتصالات ببرنامج الغذاء العالمي، ليني كينزلي في أن يتمكن البرنامج من إيصال الشاحنات عبر الحدود كل يوم بالوتيرة المطلوبة.

وقالت كينزي في مقابلة مع (عاين): “منذ إعادة فتح الحدود قبل بضعة أيام قمنا على الفور بتعبئة المساعدات، وقد عبرت بالفعل القافلة الأولى التي تحمل حوالي ١٥٥ طن من المواد الغذائية، و التي تكفي لمساعدة ١٣ الف شخص إلى منطقة كرينك وهي إحدى المناطق المعرضة لخطر المجاعة”.

وتابعت: “كما أننا نقوم بتجهيز قافلتين أكبر بأسرع وقت ممكن للعبور في الأيام والأسابيع القادمة، وسيبلغ إجمالي ما سنقوم بتوزيعه حوالي ستة آلاف طن من المساعدات الغذائية و الحيوية التي ستدعم حوالي نصف مليون شخص، مع التركيز على مناطق خطر المجاعة في غرب، وسط وشمال دارفور”.

وكان كينزلي قالت في وقت سابق هذا الأسبوع، إن الممر الإنساني الحيوي في “أدري” سيسمح للبرنامج بتوسيع نطاق المساعدات إلى (14) منطقة ظهرت بها ظروف المجاعة، أو يهددها شبح المجاعة في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة.

وأشارت في مؤتمر الصحفي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، أن أكثر من (50) شاحنة تحمل ما يقدر بنحو (4800) طن متري من المساعدات الغذائية والتغذوية، لمساعدة نحو نصف مليون شخص، عالقة في مواقع مختلفة في جميع أنحاء السودان وغير قادرة على التحرك نحو وجهاتها النهائية؛ بسبب الطرق المغمورة وغير القابلة للعبور.”

قرار حكومي سياسي

المسؤول السابق بمفوضية العون الإنساني بولاية جنوب دارفور، يقول إن “الشاحنات المحملة بالإغاثة لا يمكنها العبور في الوقت الحالي ما لم تتوقف الأودية الموسمية في دارفور”.

قرار فتح معبر أدري في الوقت الحالي جاء نتيجة لدوافع سياسية وليس لأغراض إنسانية.

مسؤول حكومي سابق

ويشير  إلى أن وصول الإغاثة إلى وجهتها ربما يستغرق شهوراً بين ولايات دارفور، لجهة أن الطرق الآن أصبحت غير صالحة لمرور الشاحنات، الأمطار الغزيرة دمرت جسوراً مهمة تربط مدن الجنينة، زالنجي، نيالا والفاشر، ناهيك عن المحليات المترامية.

وقال المسؤول الحكومي السابق والذي فضل حجب اسمه لـ(عاين): إن “قرار فتح معبر أدري في الوقت الحالي جاء نتيجة لدوافع سياسية أكثر من كونه لأغراض إنسانية، لجهة أنه كان بإمكان الحكومة فتح المعبر قبل فصل الأمطار”.

وتابع: “الحكومة اتخذت قرار فتح المعبر، وهي تعلم أن الظروف الطبيعية هي عامل أساسي في استخدام معبر أدري في الوقت الحالي”.

ضمانات

“ضمانات وصول الإغاثة من خلال معبر أدري إلى وجهاتها لا يزال محل توقف، خاصة ولاية شمال دارفور التي تشهد عملية حصار وقتال بين الجيش والحركات المسلحة من جهة وقوات الدعم السريع وحلفائها من المليشيات الأهلية من جهة أخرى”. يقول عضو غرفة طوارئ شمال دارفور محمد أبكر لـ(عاين).

ويشدد أبكر، على ضرورة إيجاد ضمانات قوية من قبل قوات الدعم السريع لضمان وصول المساعدات إلى ولاية شمال دارفور، التي تفرض عليها حصاراً، وتمنع دخول المساعدات إليها منذ أبريل من العام الماضي.

مسؤول الإدارة المدنية المعين من قبل قوات الدعم السريع بولاية غرب دارفور التجاني كرشوم، شدد على أن إدارته ستقوم بالإشراف على عبور الإغاثة إلى وجهاتها واستخراج تصاريح المرور الخاصة بها، بجانب تنسيق عمل حماية الشحنات الإغاثية، وذلك بالتنسيق مع قوات الدعم السريع.

وتسيطر قوات الدعم السريع على 4 ولايات في دارفور من اصل خمس ولايات التي من المقرر ان تصل إليها المساعدات الإنسانية.

وأكد كرشوم في مقابلة مع (عاين): “أنهم يبذلون ما بوسعهم لتذليل التحديات المتعلقة بالخريف والطرق، رغم الإمكانيات المحدودة للولاية”.