الحرب تدفع بآلاف السودانيين للحصار وسط غابات إثيوبيا 

عاين- 23 مايو 2024  

يواجه أكثر من 6 آلاف لاجئ سوداني عالقين وسط غابة في إقليم الأمهرة بدولة إثيوبيا، خطر الموت جوعاً بعد أن نفد ما لديهم من طعام ودواء، في ظل غياب تام لكافة أشكال التدخلات الإنسانية.

وأطلق العالقون الذين يعيشون في العراء لمدة تجاوزت الثلاثة أسابيع، نداء استغاثة إلى المنظمات الدولية الإنسانية لإنقاذ حياتهم، بعدما وجدوا أنفسهم أمام إضراب قسري عن الطعام، بينما تحاصرهم مياه الأمطار وظروف الطبيعة القاسية والبيئة المليئة بالثعابين والعقارب، علاوة على تهديدات أمنية واسعة.

اللاجئون السودانيون قرروا مغادرة مخيم “أولالا” في إقليم الأمهرة بأثيوبيا؛ بسبب تدهور الوضع الأمني وتعرضهم إلى اعتداءات مستمرة من مسلحين.

وتفجرت هذه الأزمة مطلع مايو الجاري، بعدما قرر لاجئون سودانيون مغادرة مخيم “أولالا” في إقليم الأمهرة بأثيوبيا؛ بسبب تدهور الوضع الأمني وتعرضهم إلى اعتداءات مستمرة من مسلحين، وبعد أن قطعوا مسافة بسيطة في حدود 3 كيلومترات من المعسكرات متجهين إلى مدينة قندر اعترضتهم قوات الأمن التابعة للحكومة الإثيوبية، ومنعتهم من العبور إلى قندر، فاضطروا إلى الاعتصام في الأشجار على جانبي طريق الأسفلت.

سودانيون لاجئون عالقون في منطقة نائية وغابية في إثيوبيا

ورفض اللاجئين السودانيين العودة إلى المخيم لكونه صار مكاناً غير آمن، وصار الحال فيه مشابهاً للأوضاع المضطربة التي أجبرتهم على الفرار من بلادهم، حيث توجد عمليات إطلاق نار عشوائي من مليشيات مسلحة داخل المعسكر؛ مما يثير الرعب والخوف لا سيما لدى الأطفال، كما توجد أعمال نهب تحت تهديد السلاح، وذلك حسب ما نقل هؤلاء اللاجئون في مقاطع مصورة.

إضراب قسري

وقالت تنسيقية اللاجئين السودانيين العالقين في بيان يوم الأربعاء “أدخلتنا المأساة التي عشناها في الأيام الماضية إلى طريق مسدود، حُرمنا من كل أشكال المساعدات الدولية والمحلية، والمنظمات الطوعية، ومن الحياة الإنسانية، وقد نفدت معظم ما نملك من غذاء ودواء، وما تبقى من الغذاء قد لا يكفي لسد رمق يوم واحد، لذلك تقرر أن يكون ما تبقى من طعام للأطفال وكبار السن”.

كما تقرر أن يكون متبقي الدواء للأشخاص ذوي الإعاقة والحالات الحرجة، على أن يدخل العالقون في إضراب عن الطعام باستثناء النساء الحوامل والمرضعات، اعتبارا من اليوم 23 مايو، نتيجة لقلة الطعام ولسوء الحال وتردي سبل العيش، وحث البيان العالم أجمع التدخل السريع وإنقاذ الموقف.

السودانيون العالقون في اثيوبيا عددهم 6248 شخصاً، بينهم 2133 طفل، و76 من الأشخاص ذوي الإعاقة، و1196 شخصاً مرضى، ونحو 2843 شخصا أصحاء.

وبحسب البيان، فإن من بين اللاجئين السودانيين العالقين 2133 طفلاً، و76 من الأشخاص ذوي الإعاقة، و1196 شخصاً مرضى، ونحو 2843 شخصا أصحاء، وسيحجمون عن الطعام قسرياً، مما يشير إلى أن العدد الكلي للعالقين حوالي 6248 شخصاً.

سودانيون لاجئون عالقون في منطقة نائية وغابية في إثيوبيا

وتظهر صور وفيديوهات وصلت (عاين) واقع قاس يعيشه اللاجئون السودانيون، وهم عالقون في العراء ولا شيء يحميهم من مياه الأمطار التي تهطل بكثافة في المنطقة، وجراء ذلك ترتفع أصوات النساء والأطفال بالبكاء ونداءات الاستغاثة، في حين لم تجد هذه الأزمة أي استجابة سواء من السلطات الإثيوبية أو المنظمات الدولية الإنسانية.

وقال مصدر في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في إثيوبيا لـ(عاين) إن السلطات الإثيوبية رفضت السماح للمفوضية السامية الوصول إلى اللاجئين السودانيين العالقين في إحدى الغابات في طريق قندر، معللة ذلك بتدهور الوضع الأمني في إقليم الأمهرة، فظلت المفوضية تراقب أوضاعهم عن بعد، وهي غير قادرة على القيام بأي تدخلات إنسانية.

تهديدات أمنية

ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن اللاجئين السودانيين غادروا المخيم نتيجة تهديدات أمنية حقيقية، وعندما أوقفتهم الشرطة الإثيوبية رفضوا العودة، وفضلوا البقاء في الغابة.

مصدر بمفوضية اللاجئين بإثيوبيا: حياة السودانيين العالقين في خطر

وتابع “يوجد معسكرين للاجئين السودانيين في إثيوبيا، وجميعهما في إقليم الأمهرة المضطرب، وتجري المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مفاوضات مع الحكومة الإثيوبية من أجل الحصول على قطعة أرض إضافية في منطقة آمنة بغرض إيواء اللاجئين السودانيين العالقين، لكن الإجراءات في إثيوبيا تمضي ببطء، وقد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً، مما يشكل خطراً على حياة الأشخاص العالقين”.

ويشهد إقليم الأمهرة اضطرابات واسعة منذ مارس الماضي، بعد مواجهات بين الحكومة الإثيوبية ومسلحي فانو الذين قاتلوا مع الجيش الفيدرالي في حربه ضد التغراي، وبعد انتهاء المعركة رفضوا تسليم أسلحتهم للدولة، وسيطروا على أجزاء واسعة من الإقليم.

احتجاجات اللاجئين السودانيين متواصلة رفضا لتجاهل المفوضية وتردي الأوضاع الأمنية

وبحسب لاجئين، فإن المسلحين يهاجمون مخيم أولالا باستمرار بغرض النهب والحصول على الهواتف والمقتنيات المختلفة، ويطلقون الرصاص عشوائيا مما أدى إلى إصابة لاجئ سوداني يدعى “أمير” في يوم 26 أبريل الماضي، وعلى إثر ذلك نظم اللاجئين السودانيين وقفة احتجاجية للتنديد بالحادثة وشتى التهديدات والمآسي التي يواجهونها.

ويقول اللاجئون السودانيون العالقون كذلك، إن مسلحي فانو يسيطرون على مداخل معسكر اولالا، ويستحوذون على كل المساعدات القادمة للاجئين بما في ذلك مياه الشرب، الأمر الذي خلف واقع إنسانياً صعباً، وأنهم لن يعودوا إلى المخيم، وينبغي مساعدتهم على النجاة، بمحنهم مسارات آمنة إلى دولة أو أخرى أو إعادتهم السودان.