الغلاء يهزم تقاليد السودانيين في إستقبال شهر رمضان

22 مارس 2023

يقف “محمد المبروك” مواطن سوداني في العقد الخامس، أمام أحد المحال التجارية في سوق ليبيا غربي مدينة أمدرمان، وتسيطر عليه الحيرة بعد أن صدمته أسعار السلع والمنتجات التي ارتفعت بمعدل كبير مع حلول شهر رمضان غداً الخميس.

الغلاء الحاد أجبر “المبروك” على التخلي عن كثير من السلع والمستلزمات المطلوبة لشهر الصوم، و اكتفى بشراء كميات محدودة من المواد الغذائية الضرورية مثل السكر والبلح وبعض الخضروات بما يغطي حاجته لبضع أيام، وذلك بخلاف ما كان يفعل في مواسم رمضان السابقة.

وإن كان “المبروك” إستطاع الذهاب إلى السوق وتلمس بعض من احتياجه الرمضانية، فإن أحمد ابراهيم حسن وهو موظف حكومي، آثر العودة من مؤسسته  إلى منزله بعد انتهاء دوام العمل معتمداً على سلة غذائية تحتوي سلع محدودة مُنحت له ضمن صندوق تكافلي في المصلحة العامة التي يعمل بها.

موظف حكومي: لأول مرة منذ زمن بعيد لم أتمكن من الذهاب الى السوق في مثل هذا اليوم لاقتناء إحتياجاتي الخاصة بشهر رمضان بسبب نقص المال.

ويقول إبراهيم في مقابلة مع (عاين): “لأول مرة منذ زمن بعيد لم أتمكن من الذهاب الى السوق في مثل هذا اليوم لاقتناء احتياجاتي الخاصة بشهر رمضان بسبب نقص المال، حيث نعمل بأجور ضعيفة في حين ترتفع أسعار السلع بشكل كبير، لذلك سوف نقوم بشراء السلع يوم بيوم بسبب قلة المال”.

ودرجت العادة أن يخرج السودانيين في اليوم الذي يسبق حلول شهر رمضان بكثافة إلى الأسواق لشراء السلع والمواد الغذائية والأواني المنزلية في تقاليد راسخ من منذ عقود ويسمونه بيوم “الوقفة” أو “القفلة” والتي تمثل أبرز مظاهر استقبال شهر الصوم في هذا البلد.

محلل أقتصادي: الاقتصاد السوداني تجاوز مرحلة الركود إلى مرحلة التوقف التام للعجلة الاقتصادية

لكن ملامح “الوقفة” لم تكن هي نفسها في العاصمة السودانية التي بدأت حركتها معتادة مع زحام مروري خفيف في وسط الخرطوم، ولا شيء يشير إلى قدوم شهر رمضان الذي بات مجرد ميقات زمني ينتظره غالبية أهل هذا البلد من داخل منازلهم لأداء الفريضة.

وتسبب التقشف الإضطراري للسودانيين في ركود حاد بالأسواق وأفشل موسم هام كان التجار ينتظرونه في كل عام. ويقول الفاضل آدم أحد تجار الأواني المنزلية في سوق ليبيا في مقابلة مع (عاين) “نجلس طوال اليوم في انتظار الزبائن ولكن كل من يقف بمتجرنا يكتفي بالسؤال عن الأسعار ومن ثم يغادر دون أن يشتري”.

“كل شيء تغير هذه السنة، لقد كنا نعوض خسائر عام بأكمله خلال موسم رمضان، لكن هذه المرة لن نحقق ذلك بسبب ضعف عمليات الشراء، ولا نملك شيء سوى أن نقول الحمدلله”، يضيف الفاضل.

تسبب التقشف الإجباري للسودانيين في ركود حاد بالأسواق وأفشل موسم هام كان التجار ينتظرونه في كل عام

من جهته، يقول المحلل الإقتصادي عبدالوهاب جمعة، إن شهر رمضان يعتبر من أكثر المواسم الإستهلاكية والتي يرتفع فيها حجم الاستهلاك السلعي بشكل كبير عن بقية أشهر السنة، وكان في السابق يشهد ندرة في بعض السلع بسبب الارتفاع العالي في الطلب، لكن هذا العام حدث العكس فهناك وفرة وغلاء أدت لركود حاد.

ويضيف عبد الوهاب في مقابلة مع (عاين) “الاقتصاد السوداني تجاوز مرحلة الركود إلى مرحلة التوقف التام للعجلة الاقتصادية، فبالتالي كان طبيعيا إنعكاس هذه المعطيات على عمليات التسوق الخاصة بشهر رمضان، فقد كانت الحركة عادية اليوم بخلاف ما اعتدنا عليه في السنوات السابقة”.

وتابع: “وجد السودانيون انفسهم امام تقشف اجباري، فلم يكن أمامهم خيارات كثيرة في ظل ضعف الأجور ومرتبات العاملين في الدولة، وكل ذلك تسبب في إفشال موسم قفلة رمضان على التجار، ويظهر مزيد من الركود في حركة الأسواق”.