الحريات في السودان.. قمع ما بعد الثورة
23 أغسطس 2021
تثير مقترحات مسودات ثلاثة قوانين جديدة في السودان حول الحق في الحصول على المعلومة والصحافة والمطبوعات والاذاعة والتلفزيون طرحتها وزارة الإعلام موخراً جدلاً كثيفاً وسط الصحفيين السودانيين. وتنتقد مجموعات صحفية محتوى المسودات وتصفها بـ”القمعية”.
ويحظر قانون حق الحصول على المعلومات وصول المواطنين للمعلومات المتعلقة بالأمن القومي والسياسة، والمعلومات المتعلقة بالاسرار التجارية والتى تتضمن توصيات أو استشارات تُقدم قبل اتخاذ قرار بشأنها، ويشمل ذلك المراسلات السرية وذات الطبيعة الشخصية ولم يوضح طبيعة المراسلات التي تخص المسؤولين أو المواطنين .
مسودات القوانين الثلاث تنتظر استكمال النقص ليس في الصياغة فحسب بل تشمل المضمون والمحتوى، وصولاً لقوانين الصحافة والإعلام التي تتسم بالديمقراطية لإصلاح قطاع الإعلام في السودان. الصحفي، فيصل الباقر
فيما أبقى مشروع قانون الصحافة لعام 2021م على مجلس الصحافة والمطبوعات وقال انه يعمل على حماية الحريات والحقوق الصحفية وحق الصحف في الحصول على المعلومات ومحاسبة الصحفيين والصحف التي تنتهك ميثاق الشرف، ومنع الصحف الورقية وغير الورقية من ممارسة نشاطها قبل إخطار المجلس، وبحسب القانون أن المجلس يعتمد من المجلس التشريعي ويعمل تحت إشرافه به 8 أعضاء تختارهم الجمعية العمومية للصحفيين .
وتأتي هذه التعديلات القانونية التي تواجه انتقادات بغرض اتاحة المزيد من الحريات الصحفية في اعقاب تشكيل حكومة الثورة وعدم تقييد حق الوصول للمعلومات، لاسيما وان القوانين القمعية السارية الآن والمراد استبدالها صدرت في حقبة الرئيس المعزول وكرّست لقمع الحريات.
قمع جديد
ويُهاجم الصحفي المهتم بقضايا الحريات الصحفية، محمد الأمين محمد، مشروعات القوانين ويقول إن “الحكومة تدعي أنها ترسخ لحق الحصول على المعلومات من خلال هذه المسودة المطروحة وبالمقابل سنت قانون جرائم المعلوماتية“.
ويقول الأمين، أن اللجنة الاستشارية التي شاركت في إعداد مسودات قوانين الصحافة، الإذاعة والتلفزيون، والحق في الحصول على المعلومة هي لجنة محاصصة حزبية بين الأحزاب والحركات المسلحة وبعض الأجسام الصحفية المتناحرة ولا تمثل القاعدة الصحفية، ويفترض وجود مفوضية للإعلام لتكون قراراتها ملزمة ولكن تم التحايل على هذه الأشياء وخرج هذه المسودات المشوهة . واعدت مسودات القوانين الثلاث بواسطة لجنة استشارية تعمل على إصلاح قطاع الإعلام مكونة من خبراء قانونيين ومجموعات صحفية وسياسية أشرفت عليها وزارة الثقافة والإعلام .
وأضاف الأمين في مقابلة مع (عاين)،”ان الحكومة الانتقالية بشكل عام وان كانت توحي بإعطاء الحريات الصحفية وبالفعل هي الأقل من بين الحكومات السابقة في المنع والتقييد لكنها لم تعمل ثورة لتفكيك النظام في المجال الإعلامي إذ لا يوجد شكل إصلاح حقيقي يشبه الثورة، ومن ثم جاءت القوانين والتعديلات الحالية، أولها قانون المعلوماتية الذي سنته الحكومة نفسها وهذا قانون قمعي .
ويعتقد الأمين أن تشكيل القانون نفسه يقنن للرقابة رغم الادعاءات الشكلية المطروحة من قبل الحكومة، ويقول “مثلا طرحت مسودة قانون الصحافة اتحاد الصحفيين والمعروف أن الصحفيين ماضيين في اتجاة تأسيس نقابة الصحفيين وليس الاتحاد”.
اللجنة الاستشارية التي شاركت في إعداد مسودات قوانين الصحافة، الإذاعة والتلفزيون، والحق في الحصول على المعلومة هي لجنة محاصصة حزبية بين الأحزاب والحركات المسلحة وبعض الأجسام الصحفية المتناحرة ولا تمثل القاعدة الصحفية. الصحفي، محمد الأمين محمد
وحول قانون الاذاعة والتلفزيون يقول الأمين، أن الحكومة بهذه المسودة تريد ان تتخلى عن التزاماتها المالية تجاه الأجهزة الاعلامية الحكومية ولكن هذا اتجاه غير سليم ويجب ان يكون هناك برنامج ثورة تروج له من خلال اجهزة الإعلام الحكومية وتصرف على هذه الاجهزة في ظل برامج تدعم الثورة بدل تفكيك الاجهزة بهذا القانون. وتقول وزارة الإعلام إن مسودات مشروعات القوانين الخاصة بمراجعة سياسات وقوانين قطاع الإعلام في السودان في مرحلة المناقشة العامة والتي تعد أهم خطوة وتستعد وزارة الإعلام لاقامة ورش عمل في الخرطوم والولايات لمناقشة المسودات قبل إجازتها بشكل نهائي .
من جهته، يعتبر الصحفي والمدافع عن حقوق الإنسان، فيصل الباقر، ان عرض المسودات للنقاش العام هي الخطوة الأولى ومكملة للجهد المبذول في الاتجاه الصحيح –على حد وصفه ، وأضاف ” على المجتمع الصحفي والإعلامي، والمجتمع المدني، الدخول والانخراط في عملية المناقشة الجادّة والبناءة، والعلمية والموضوعية، لهذه المسودات، لنصل للهدف المنشود سيما وان هذه المسودات الثلاث لمشروعات القوانين هي الأولى من نوعها ” .
ويشير الباقر ، إلى أن مسودات القوانين الثلاث تنتظر استكمال النقص ليس في الصياغة فحسب بل تشمل المضمون والمحتوى، وصولاً لقوانين الصحافة والإعلام التي تتسم بالديمقراطية لإصلاح قطاع الإعلام في السودان، على المستويين التشريعي والمؤسسي وإيجاد المناخ السياسي والتشريعي والقانوني، الصديق لحرية الصحافة والإعلام، بإجراء عملية إصلاح فى التشريعات والقوانين المجاورة.
ممانعة دولية
لجنة حماية الصحفيين (CPJ)الدولية أبدت عدم رضاها عن مسودة قانون الصحافة. وقال منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من منظمة حرية الصحافة في لجنة حماية الصحفيين، شريف منصور لـ(عاين)، “نعتقد أن وزارة الإعلام يجب أن تعيد النظر في هذه التعديلات لأنها تظل مقيدة كما كانت من قبل”. وأضاف “أنها في الواقع تفرض إجراءات تسجيل صعبة على المنافذ الإخبارية”.
وحث شريف، الحكومة السودانية على اتباع التوصيات التي قدمها برنامج اليونسكو الدولي لتنمية الاتصال لإصلاح قوانين الإعلام في البلاد إذا كانت تدعم حقًا مطالب الشعب السوداني بمزيد من حرية الصحافة.
دفاع
ويدافع عضو اللجنة الاستشارية، القانوني ساطع الحاج، عن مسودات القوانين وقال إن مصادرة الصحف وإغلاقها سيتم عبر السلطة القضائية وتم تضمين بروتوكولات اليونسكو لتكون جزءاً من قانون الحصول على المعلومات.
وأشار الحاج، إلى ان هذه القوانين جاءت بشكلية مختلفة رسخت لإبعاد الرؤية الاستبدادية وتصحيح البنية القانونية للإصلاح الإعلامى، وقال ساطع لـ(عاين)، ان قانون الإذاعة المقترح أعطى الإذاعة الاستقلالية الكاملة وشكل لها مجلس محافظين من 21 عضواً صلاحيته سبع سنوات ويتم تشكيل المجلس من قِبل رئيس الوزراء وصلاحيته المالية والإدارية والتحريرية كاملة.
ايضاً قانون الصحافة المقترح- وفقا للحاج- ربط بينه وقوانين الصحافة الدولية وأصبحت المادة 19 من قانون الإعلان العالمي للحقوق وقانون الأمم المتحدة لحماية الصحفيين ٢٠١٥ جزءاً من القانون .