السودان: قوات حماية المدنيين بدارفور هل تدخل طرف ثالث في الحرب؟
عاين- 17 سبتمبر 2023
تتزايد المخاوف وسط المدنيين بدارفور من تطورات جديدة في القتال الدائر بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، بدخول قوات حماية المدنيين المكونة من أربعة حركات مسلحة رئيسية طرفاً في الحرب.
ويأتي ذلك في أعقاب حالة التململ وسط الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام السودان -مسار دارفور، وتلويح حاكم إقليم دارفور “مني أركو مناوي” لأول مرة بتحول موقفه المحايد بشأن الحرب المستعرة بين الجيش والدعم السريع حال الاعتداء على القوافل والأطراف الإنسانية التي تقوم بتأمينها الحركات المسلحة، محذراً من المساس بالقوافل.
ومنذ 27 أبريل الماضي، أعلنت (4) حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام وهي تحرير السودان قيادة مناوي، والعدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، فضلا عن التحالف السوداني، وتجمع قوى تحرير السودان، عن تشكيل قوة مشتركة تتولى مسؤولية حفظ الأمن برئاسة حاكم إقليم دارفور في أعقاب الفراغ الذي خلفه القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، كما عملت القوة في نقل المساعدات الإنسانية وتوفير الحماية للقوافل التجارية.
وأعلن مناوي الذي يرأس حركة تحرير السودان السبت الماضي عن تلقي تهديدات بالهجوم والاعتداء على القوة المشتركة التي تبنت مهمة تأمين وصول القوافل الإنسانية والتجارية إلى مدن الإقليم بعد الفراغ الذي خلفه القتال بين الطرفين.
وجاءت التحذيرات عقب اتهامات أطلقها موالون لقوات الدعم السريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بأن قوات الحركات المسلحة تقوم بتوصيل معدات عسكرية لقوات الجيش في دارفور من خلال قوافل المساعدات الإنسانية متوعدين بمهاجمة القوافل.
مصدر عسكري بقوة حماية المدنيين: انخراط القوات طرف ثالث في الحرب وارد
وقال مصدر عسكري في القوة المشتركة لـ(عاين)، “أن فرضية احتمال انخراط هذه القوات في الحرب كطرف ثالث أو انحيازها لأحد طرفي الصراع واحداً من السيناريوهات المحتملة”
ويجئ ذلك بعد تصاعد نيران الحرب وخطاب الكراهية في دارفور لجهة أن الوضع بات هشاً ومقلقاً وينذر بانفجار في أي لحظة، مع احتمالات اتخاذ العنف منحى عرقياً في بعض المناطق.
والأسبوع قبل الماضي منعت قوات الدعم السريع في مدينة “نيالا” بولاية جنوب دارفور نشر قوات حماية المدنيين التي دفعت بها الحركات المسلحة في المواقع التي تسيطر عليها القوات منذ اندلاع القتال، خاصة جنوب وشرق المدينة.
وفي الثامن والعشرين من أغسطس الماضي وصلت القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة إلى مدينة “نيالا” لحماية المواطنين وممتلكاتهم بعد أسبوع من المواجهات العنيفة بين الطرفين التي تسببت في سقوط مئات القتلى وسط المدنيين ونزوح جماعي لمعظم أحياء المدينة.
نفي مساندة الجيش
وفيما يتعلق يتورط القوات المشتركة بنقل معدات عسكرية للجيش اتهم الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة أحمد حسين مصطفى، في مقابلة مع (عاين) جهات لم يسمها بالعمل على جر قوات حركات الكفاح المسلح كطرف ثالث في الحرب.
وأكد ضرورة المحافظة على موقف الحركات المحايد في الحرب لضمان مساعدة وحماية المدنيين. نافياً تورط القوة المشتركة في نقل معدات حربية للجيش السوداني سواءا كان في الوقت الراهن أو في المستقبل.
وأضاف حسين: ” تعرضت قواتنا لعدة هجمات ومحاولة الاعتداء على القوافل من قبل وقدمنا عدد من الشهداء لكننا صبرنا عليها حتى لا ننجر وراء الحرب”. لكنه عاد وأضاف: “في حال وجود أي تهديد أو هجوم على قواتنا حتما سندافع عن أنفسنا ونقدم كل ما نملك لحماية المدنيين”.
وبالمقابل دعا الأمين العام لحركة تحرير السودان المجلس الانتقالي ” الإصلاح” الصادق يحي هارون الاربعاء الماضي، الحركات المسلحة إلى الخروج من خانة الحياد ودعم الجيش السوداني حفاظاً على وحدة تراب الوطن- بحسب تعبيره.
وأدت المواجهات التى شهدتها الأحياء الشمالية بمدينة “نيالا” الأسبوع قبل الماضي بين أفراد من قوات الدعم السريع والقوات المشتركة إلى مقتل أحد عناصر قوات الدعم السريع وإصابة آخرين، ما قاد لحالة من التوتر إلا أن لجان الطوارئ وقادة ميدانيون تمكنوا من معالجة الأزمة بين الطرفين.
ويقول ممثل لجنة الطوارئ بحي النهضة، هارون آدم لـ(عاين): إن “نشر قوات الحركات المسلحة ساعد بشكل كبير في الحفاظ على استقرار المدنيين في حي النهضة وسوق موقف الجنينة ومنع عمليات التفلت ونهب الممتلكات”.
وطالب ممثل لجنة الطوارئ القادة الميدانيين في الدعم السريع بضرورة السيطرة على عناصرها ومنعهم من الدخول إلى الأحياء لتجنب المواجهات مع قوات حماية المدنيين، مشيرا إلى تدخل لجان الطوارئ شمال المدينة ثلاثة مرات للتوسط لحل الخلافات بين القوتين.
وبالمقابل يرى اللواء شرطة متقاعد علي محمد ايدام، أن نشر قوات الحركات لحماية المدنيين وحفظ الأمن في نجح بصورة كبيرة في ولاية شمال دارفور ويرجع ذلك لطبيعة المكونات الاجتماعية المتجانسة بجانب تركيز قوات الحركات على مدينة “الفاشر” لكونها عاصمة الإقليم.“بالرغم من النجاح الذي حققته القوات في مدينة الفاشر إلا أن هناك محاذير تواجه نشرها في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور لجهة أن المنطقة تمثل مركز لقوات الدعم السريع. ونشر القوات يشكل خطرا على المدنيين لجهة أن أي مواجهات بين الطرفين ستقود إلى حرب إثنية وذلك للتركيبة الاجتماعية للحركات المسلحة والدعم السريع ورفض الدعم السريع نشر القوة في بعض الأحياء”. يقول إيدام.
صعوبة الانتشار
وعن تأثير تأخير انتشار هذه القوات على بقية ولايات دارفور، يرى اللواء ايدام أن نجاح هذه القوات يعتمد بشكل أساسي على توفير الدعم اللازم، لجهة إنها تعتمد في على دعم المتطوعين والقدرات الذاتية. ويشير ايدام، أن القوات في حاجة إلى المزيد من التدريب والتأهيل الذي يمكنها من القيام بعمليات الحماية بكل حيادية.
من جهته أشار الباحث بمركز دراسات السلام تابع لجامعة نيالا د. محمد على حسن، إلى أن اتساع دائرة العنف القبلي وخطاب الكراهية يصعب مهمة قوات حماية المدنيين لجهة أنه أكبر المهددات في الإقليم.
أكاديمي: نشر القوة المشتركة في مختلف ولايات دارفور لن يكون أمرا سهلا بسبب التركيبة الاجتماعية لهذه القوات.
وأضاف حسن: أن “عملية نشر هذه القوات في مختلف ولايات دارفور لن يكون أمرا سهلا بسبب التركيبة الاجتماعية لهذه القوات ورفض مجتمعات نشرها في بعض المناطق، بجانب القدرة اللوجستية وعدم وجود أي جهة داعمة”.
وهذه الأسباب جعلت القوات المشتركة غير قادرة على الانتشار في ولايتي غرب ووسط دارفور التي شهدت أفظع الانتهاكات ضد المدنيين بينما اقتصر نشر القوات ولايتي شمال وجنوب دارفور- بحسب حسن.