لجنة اسرى ومفقودي حرب دارفور.. ملفات شائكة
1 مارس 2022
أنهى اتفاق السلام الموقع بين الحكومة الانتقالية وعدد من الحركات المسلحة الحرب المتطاولة بإقليم دارفور غربي السودان، لكن تعقيدات عديدة تواجه نصوص الاتفاق ومن بين هذه القضايا الشائكة قضايا أسرى ومفقودين الحرب.
تنتظر عشرات العائلات أخبارا سارة عن أسراهم والمفقودين، وبعد مرور وقت على توقيع اتفاق السلام وبدء تنفيذ الاتفاق لا تزال هذه العائلات في الانتظار لاسيما بعد الإعلان عن تشكيل لجنة الاسرى والمفقودين المنصوص عليها في اتفاق سلام جوبا وأدائها القسم الاسبوع الماضي.
عقب أداء اللجنة القسم واعلانها مباشرة عملها قال نائب رئيس اللجنة العسكرية العليا المشتركة لتنفيذ اتفاق سلام جوبا، سليمان صندل حقار، إن بروتوكول الترتيبات الأمنية، قضى بتشكيل لجنة لمعالجة قضية الأسرى والمفقودين، وأن اللجنة ستقوم بدورها كاملا للبحث عن الأسرى والمفقودين، انطلاقًا من مسؤوليتها التاريخية والإنسانية والأخلاقية، واستقبال الشكاوى فى مقرها. وقال رئيس لجنة الأسرى والمفقودين سليمان عمدة هجانه، تتمتع بصلاحيات واسعة حسب قانون التحقيقات لسنة 2017.
المهمة التي تطلع بها اللجنة تواجه تعقيدات بحسب المستشار القانوني السابق لبعثة الأمم المتحدة في دارفور يوناميد، أحمد عبدالكريم. وكذلك يقر مسؤولون في الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق السلام بصعوبات لكن يبدى هؤلاء المسؤولين العزم في أن تحقق اللجنة أهدافها لاعتقادهم أن نتائجها تشكل جزءا من المصالحة الوطنية في البلاد.
وواجه قادة الحركات المسلحة عقب توقيعهم اتفاق سلام جوبا اتهامات تخليهم عن قضايا الاسرى والمفقودين. ويقول أحمد عبد الكريم لـ(عاين)، “الحركات المسلحة منذ توقيع اتفاق سلام جوبا، لم تتطرق لقضية المفقودين والابادة الجماعية بصورة جادة، والاتفاق انحصر على قسمة السلطة والثروة”.
إنجاز مهام العدالة
يأمل القيادي في الجبهة الثورية الموقعة على اتفاق سلام جوبا، محمد زكريا في انجاز اللجنة مهامها ويقول زكريا لـ(عاين)، ” نتمنى ان تنجح هذه اللجنة في مهمتها لمعرفة مصير الاسرى والمفقودين من الطرفين الحركات المسلحة والجيش السوداني.. هناك نوايا حقيقية في التطلع إلى إنجاز ملف السلام والترتيبات الأمنية”.
وشدد زكريا على أنهم في الجبهة الثورية حريصون على معرفة المفقودين والأسرى، باعتبار ذلك جزء من عملية المصالحة الوطنية بين الأطراف المتصارعة في السابق، اضافة الى ان هذه اللجنة تتكون من العديد من الأجسام القانونية والأجهزة العدلية والنيابة، وكل هذه الجهود في سبيل إنجاز مهام العدالة في دارفور التي تأثرت بالحرب قرابة العقدين.
ويضيف محمد، أن التفويض الممنوح للجنة، يساهم في إنجاز هذه المهمة، ويؤكد ان “هناك امل كبير في تحقيق العدالة والمحاسبة ومن بعد المصالحة التي تعتبر خطوة مهمة في طريق التغيير وإنجاز العدالة الانتقالية، وعدم تكرار هذه الانتهاكات مرة أخرى “.
العمل مع الضحايا
من حيث المبدأ يعتقد المستشار القانوني السابق لبعثة الأمم المتحدة في دارفور يوناميد احمد عبدالكريم، أن تشكيل اللجنة خطوة جيدة لتقوم بعملية التسهيل في تحقيق العدالة. ويقول عبدالكريم لـ(عاين) ان الأجسام الدولية المهتمة بالحرب في دارفور كانت تفتقد إلى بيانات حقيقية للاسرى والمفقودين في الإقليم، ومن الضروري أن يكون هناك جسما يعمل على جمع المعلومات من الأرض، وربط ذلك بأسر الضحايا، وهذا يسهل عملية تحقيق العدالة في المستقبل.
وقانونيا يشير عبد الكريم، الى بعض التحديات القانونية تتمثل في عنصر التقادم المسقط للدعوى، أي حال وجود دعوى معينة لم يفتح لها بلاغ، ثم مرت مدة زمنية معينة، وهذه الدعوى تسقط بالتقادم، مؤكدا أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، هذا ما يجعل قضية دارفور لها شأن في أي زمان ومكان، وينصح اللجنة بالرجوع للماضي لربط الأحداث.
دستورية اللجنة
يصف وكيل نيابة وضعية اللجنة بغير الدستوري في ظل عدم وجود اجهزة عدلية مستقلة في البلاد. ويقول إن البلاد بعد الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي في في حاجة لإصلاح كل أجهزة إنفاذ القانون.
ويشكك وكيل النيابة في نوايا تشكيل هذا الجسم، ويطرح بعض التساؤلات المهمة لهذه اللجنة، ما الآليات التي تجعلها قادرة على الحصول على المعلومات بشأن الأسرى والمفقودين؟، ويقول لـ(عاين)، في ظل الشراكة بين الحركات المسلحة في الفترة الانتقالية، يعتقد من الصعب توجيه اتهامات حقيقية للجهات التي تورطت في الجرائم ضد الإنسانية للعدالة.
في السياق ذاته، يطالب أحمد عبد الكريم، بأن تكون هناك مفوضية العدالة الانتقالية وفق اتفاق سلام جوبا، وهي تعمل مع الضحايا، واهل الضحايا، واهمية هذا الجسم يمكنه أن يخاطب كل الأجسام المحلية في السودان أو الاقليمية على مستوى القارة الإفريقية والدولية، فيما يتعلق بحقوق الأسرى المفقودين الذين قتلوا ثناء الحرب في دارفور، وسيكون له الاولوية في نقل القضايا الجنائية في الاطار الجنائي، بعيدا عن الأجندة السياسية.
غموض
يرى الكاتب والباحث في الشؤون الاجتماعية، محي الدين ابراهيم جمعة ابراهيم، أن موضوع الأسرى اكتنفه الكثير من الغموض، ويقول لـ(عاين) منذ توقيع سلام جوبا، تم إغلاق هذا الملف، واخفقت الاتفاقية في مخاطبة قضايا الأسرى، والحكومة السودانية لم تلتزم بتسليم الأسرى إلى حركات المسلحة، وهناك العديد من الاسرى اثناء المعارك التي دارت بين الأطراف، لا يعرف مصيرهم.
ويشير جمعة، إلى أنه جرى طرح بعض التساؤلات من حركة العدل والمساواة، أين أسراهم؟، باعتبارها آخر حركة دخلت معركة مع النظام السابق في منطقة قوز دنقو، والحكومة أسرت أعداد كبيرة من حركة العدل والمساواة، وأسرى آخرين من المجلس الانتقالي، اضافة الى اسرى آخرين منذ دخول حركة العدل والمساواة إلى أم درمان 2008، لا توجد معلومات عنهم.
اضافة الى اسرى جيش تحرير السودان في سجون الحكومة السودانية في الفاشر وزالنجي، بعضهم أطلق سراحهم. ويرى جمعة أن قضية الاسرى غامضة والاجهزة الامنية لم تكشف عن مكانهم، والحركات لم تبحث عنهم، وأسرهم في حالة قلق شديد بعد فشل الحركات في الاجابة عن أماكنهم.