شرق السودان: نساء حوامل يأملن زيارة الطبيب قبل الولادة
عاين- 1 أغسطس 2024
في مدينة سنكات وأريافها بولاية البحر الأحمر شرقي السودان، تتضاءل فرص حياة النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، بسبب عدم توفر الإسعافات، وسط مطالبات ملحة لتأهيل مستشفى المدينة، خاصة قسم النساء والتوليد. هذا القسم الذي يعاني سوء الخدمات العلاجية والطبية.
بعض النسوة اللائي تحدثن لـ(عاين)، طالبن بضرورة وجود اختصاصي للنساء والتوليد في المستشفى الذي يستقبل المرضى بما في ذلك النساء والأطفال من سنكات، ومن مناطق أخرى مثل هيا، درديب، إلى جانب عدد من المناطق الريفية الأخرى.
ووفقا للسيدات، فإن هناك مطالبات ملحة لحث الجهات الحكومية بضرورة توفير طبيب مقيم للعمل بدوام كامل، في قسم النساء والتوليد، وهو الأمر الذي إذا حدث، فإنه سيسهم في إنقاذ العديد النساء من مخاطر الموت جراء عدم توفير الخدمة العلاجية المناسبة. وإلى جانب ذلك، فإن المقابلات التي أجرتها (عاين) تكشف أيضاً عدم وجود حضانات للأطفال حديثي الولادة.
ففي قسم النساء والتوليد بمستشفى سنكات للحوادث والطوارئ في شرق السودان لا توجد حضانة للأطفال حديثي الولادة. كما لا توجد عناية مكثفة لإنقاذ النساء الحوامل حالة حدوث مضاعفات، وهو الأمر الذي يستدعي نقل الحالة إلى مستشفى بورتسودان التعليمي. وعند حدوث حالات طارئة، فإنه من الصعوبة نقل المريضة؛ بسبب عدم وجود سيارات نقل مخصصة لإسعاف المرضى.
مشكلات الرعاية الصحية تتسبب في زيادة عدد الوفيات بين الأمهات والأطفال حديثي الولادة
سيدة من مدينة سنكات
ووفقاً لـفاطمة أحمد وهي سيدة من مدينة سنكات، فإن هذه المشكلات تتسبب في زيادة عدد الوفيات بين الأمهات والأطفال حديثي الولادة. فيما تشير المتطوعة في الصحة الإنجابية في المنطقة فاطمة سيد، إلى أنه ولعدم وجود اختصاصي للنساء والتوليد، فإننا نضطر إلى نقل النسوة اللائي بحاجة إلى ولادة قيصرية، أو أولئك الذين يعانون حالة ولادة متعسرة، إلى مستشفى بورتسودان التعليمي.
“كل ذلك يحدث في مدينة سنكات وحدها، إلا أن الوضع أكثر سوءاً في الأرياف”. تقول فاطمة سيد لـ(عاين)، وتضيف: “لبعد المسافة وعدم توفر المواصلات يفقد كثيراً من النساء الحوامل أرواحهن كما يفقدها الأطفال أيضاً بسبب صعوبة الوصول للمستشفى”. وتتابع أحمد:”في سنكات، لأنها مدينة. يسهل الحصول على وسيلة نقل حالة انعدام المواصلات. أما في الأرياف فهذا ليس سهلا.”
يعاني مستشفى سنكات للحوادث والطوارئ من عدم توفر الإمكانات إلى جانب أن أعداد المرضى الذين يرتادون هذا المستشفى الفقير كبيرة جداً؛ مما يحتم على المسؤولين ضرورة تحسين خدماته لمواطني سنكات ولمواطني المناطق الريفية الأخرى.
تحديات الصحة الإنجابية:
وتؤكد المتطوعة في الصحة الإنجابية في المنطقة فاطمة سيد، عدم وجود اختصاصي لقسم النساء والتوليد، وحالة توفره في بعض أيام الأسبوع، فإن العديد من النساء لا يستطعن مقابلته بسبب وضعهن المالي البسيط.
نأمل أن تزور المرأة الحامل الطبيب 8 مرات قبل الولادة
قابلة بمدينة سنكات
وتأمل القابلة، عرفة بشير، في تقليل عدد وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة، بسبب عدم الرعاية الطبية. وتقول لـ(عاين): “نأمل أن تزور المرأة الحامل الطبيب 8 مرات قبل الولادة، من المهم أن تكون الحامل مدركة لأهمية ذلك، على صحتها وعلى الجنين. وسيكون من الجيد أن تبدأ الزيارتان الأولى والثانية في الثلاثة أشهر الأولى من حدوث الحمل للمتابعة ولأخذ حمض (الفوليك) الذي يجنب الطفل الإصابة بتشوهات خلقية بسبب زواج الأقارب.
المتطوعة في الصحة الانجابية، فاطمة سيد، تقول أن “أبرز التحديات التي تواجه الصحة الإنجابية في محلية سنكات، تتمثل في نقص الكوادر الصحية وعدم وجود اختصاصي بدوام كامل خلال الأسبوع أو الشهر”.
وتشير فاطمة إلى أنه، وعلى الرغم من وجود عيادات خاصة للنساء الحوامل، تعمل خلال الأسبوع في بعض الأحيان. إلا أنها مرتفعة الثمن، ولا يستطيع الجميع الوصول إليها بسبب الأوضاع الاقتصادية الحرجة.
كما تؤكد أيضاً، وجود نقص حاد في سيارات الإسعاف. وتوضح: “في بعض الأحيان تحدث حالات ولادة طارئة. ولعدم وجود الاختصاصي، فإن (الحالة) يتم تحويلها إلى مستشفى بورتسودان التعليمي. ومع عدم وجود سيارة مجهزة للإسعاف، فإن نقلهم بالطرق العادية يهدد حياة هؤلاء النسوة”.
ومن التحديات التي تواجه مرتادي مستشفى سنكات، عدم وجود حضانات، توضح فاطمة سيد، وتضيف:”حالة حدوث ولادة قيصرية، فإننا نكون بحاجة إلى تحويل المرأة التي تلد حديثاً إلى مستشفى بورتسودان، إلا أن الوضع المالي عادة ما يحول دون ذلك”.
ولأهمية وجود الرعاية الصحية المتكاملة تقول فاطمة أحمد وهي سيدة من مدينة سنكات:”في كثير من الأحيان تكون هناك حالات متعسرة أو طارئة مع عدم وجود اختصاصي، ومما يعزز المخاطر المتوقعة في مثل هذه الحالات عدم وجود بنك للدم، حالة حدوث نزيف بعد الولادة”. وتضيف: “يتم الاعتماد على المتبرعين عبر الاتصال بهم والبحث عن فصيلة الدم المتطابقة وحالة عدم توفر ذلك نضطر لنقل الحالة إلى مستشفى بورتسودان”.
وتشدد فاطمة: “نحن بحاجة إلى اختصاصي نساء وتوليداً للتواجد بدوام كامل في مستشفى سنكات، وهو المستشفى الذي يرتاده النساء من مناطق المختلفة. كما أنها إلى جانب ذلك تدعو المسؤولين لتوفير الخدمات الصحية الأولية وحماية ورعاية الطفولة.
كما تطالب المتطوعة في الصحة الإنجابية بمدينة سنكات فاطمة سيد، بضرورة توفير كوادر طبية مدربة ومساعديين طبيين، بجانب الحاجة إلى أقسام تغذية وبنك دم وقسم للحضانة، حتى تكون كل الخدمات الصحية المتعلقة بالصحة الإنجابية متوفرة بالمستشفى، مع ضرورة توفير مستهلكات طبية للقابلات.
تثقيف صحي تدريب:
ومع أهمية ما تقدم، فإن سيد، تلفت الانتباه إلى أهمية التدريب المستمر.وتنظيم الدورات تنشيطية لمعرفة المستجدات الطبية الجديدة لتغطية أي عجز يتصل بالتأهيل مستقبلا.
كما أنها تشير إلى أن هناك فتيات يُزوجن قبل أن يبلغن مرحلة النضوج وبالتالي هن غير مؤهلات لحمل طفل. وتشير إلى أن هذا التثقيف هو مهمة يجب أن تقوم بها الحملات الصحية. إلا أنها تقول إن انعدام الإمكانات هو الذي يعيق الوصول لهذه المناطق البعيدة.
وتؤكد فاطمة أحمد المواطنة بسنكات، على أهمية “التوعية الصحية” وتقول” أصبح هناك إقبال من النساء على مراجعة الاختصاصيين لتعزيز الصحة الإنجابية.
وتقول: “التوعية الصحية مهمة أصبح هناك إقبال على الاختصاصين المهتمين بالصحة الإنجابية”. وتضيف: “أصبح لدينا توعية كبيرة في مسألة مخاطر الختان. كثيرات صرن يقاومن “الختان بعد أن أدركن مخاطره”. وتؤكد: “الحملات أثرت برفع الوعي تجاه خطورة الختان”.
ردود حكومية:
من جهته، فإن مدير إدارة الطب العلاجي بولاية البحر الأحمر، عوض وداعة، يقول إن مستشفى سنكات للحوادث والطوارئ، به اختصاصيان لأمراض النساء والتوليد.
ووفقا لوداعة الذي تحدث لـ(عاين) فإن هذين الاختصاصيين، يكشفان على الحوامل وتقديم الرعاية والمتابعة وتقديم الرعاية الصحية اللازمة. كما يجريان العمليات الجراحية الطارئة والباردة بمجمع العمليات بمستشفى سنكات.
وردا على سؤال يتعلق بعدم توفر سيارات الإسعاف حالة حدوث حالات طارئة، فإن مدير الطب العلاجي بولاية البحر الأحمر، يقول “لا توجد أي حالات ولادة محولة لمستشفى بورتسودان التعليمي”.
وأكد وجود سيارتي إسعاف بمستشفى سنكات مجهزتين على نحو كامل أعدتا لتحويل المرضى حالة حدوث أي طارئ. وحول بنك الدم، يقول مدير إدارة الطب العلاجي بولاية البحر الأحمر عوض وداعة “يوجد بالمستشفى بنك دم يعمل بكفاءة عالية، ويقدم خدماته للمرضى”.
كما أن وداعة يقول: “يوجد بالمستشفى اختصاصيون في تخصصات النساء والولادة والباطنية والأطفال”. وأضاف” الآن تم تعيين اختصاصي جراحة عامة سيستلم عمله في الأسبوع القادم. ولفت وداعة إلى أن وزارة الصحة هي التي ستتولى دفع رواتبهم واستحقاقاتهم وحوافز استبقائهم.
مدير الطب العلاج بولاية البحر الأحمر، أكد وجود “نفرة شعبية” تعمل بجدية من أجل تأهيل المستشفى. وبحسب وداعة، زارت لجنة مكونة من وزارة الدفاع ومجلس السيادة مستشفى سنكات للحوادث والطوارئ قبل أسبوعين. ولفت إلى أن هذه اللجنة أعلنت عزمها تأهيل مستشفى سنكات.
وأوضح وداعة، أن التأهيل سيشمل المبني وشبكة الماء والكهرباء وتأهيل مجمع العمليات والحوادث وكما سيشمل تأهيل المعمل عن طريق شراء أجهزة ومعدات طبية. وأكد “حُددت قيمة التكلفة المالية لهذه الإصلاحات”.
وردا على سؤال يتعلق بنقص الكوادر الطبية بمستشفى سنكات للحوادث والطوارئ، أوضح أن عدد الكوادر الطبية تضعه الإدارة وفقا للرأي الفني وتقديرات الإدارة. ولفت إلى أن هناك مشكلة في المستشفى، تتصل بعدم توفر الحضانات للأطفال حديثي الولادة.
وتابع: بعد توفر اختصاصي الأطفال طلبت إدارة المستشفى بتوفير حضانات من الصحة الإنجابية، وتمت المخاطبات اللازمة، ومن المتوقع أن تتوفر قريبا.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، وأدى إلى حدوث أزمات إنسانية كارثية، كما أدت إلى مزيد من تدهور القطاع الصحي المتدهور أصلاً.