“الفاشر”.. تفاصيل موت جماعي يكتنفه الغموض
عاين 10– يونيو 2020م
خلال شهر مايو الماضى حملت بعض الأنباء أرقام متضاربة عن ارتفاع نسبة الوفيات مجهولة الاسباب بولاية شمال دارفور خصوصاً بين فئات كبار السن، ووفقاً لإحصاءات غير رسمية أطلقها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد أن نسبة الوفيات بالمدينة في الفترة بين 22 – 26 من مايو قد بلغ الى الـ100 حالة في اليوم.
جاء ذلك بالتزامن مع التصريح الذي أدلت به بعثة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة في دارفور يوناميد في الثالث والعشرين من مايو عن إصابة 7 أشخاص من بين أفراد طاقمها العاملين بالقاعدة اللوجستية في الفاشر العاصمة الإصابة بفيروس كورونا. والذي بث حالة من الذعر والخوف اواسط الاهالى من تمكن أنتشار جائحة كورونا بالولاية.
ماذا حدث؟
وبحسب مدير إدارة الطوارئ الصحية بالولاية، تقوى إدريس بريمة لـ(عاين)، سجلت ولاية شمال دارفور منذ تفشى جائحة كورونا 149 حالة مؤكدة، وأن المخاوف مازالت منتشرة بين السكان حول ارتفاع نسبة الوفيات مشيرا إلى تزايد أعداد المرضى على أبواب المستشفيات طلباً للرعاية الصحية.
وتضيف ” أن المستشفيات تستقبل أكبر عدد من الحالات خلال الفترة الصباحية حتى الساعة الثالثة مساء من الدوام الرسمي للمستشفى، ثم تقل تباعاً إلى أن تصل إلى حالة او حالتين خلال الفترة المسائية.
وفيما ما يتعلق بالوضع الصحي الراهن بولاية شمال دارفور، ومنذ ازدياد نسب الإصابات في العالم، سجلت ولاية شمال دارفور 149 حالة مؤكده منها 85 حالة وفيات، واكدت الفحوصات المعملية أن 68 من الوفيات جراء الاصابة المؤكدة بفيروس كورونا ، و26 حالة سلبية إلا أن عدد من العينات مازالت بالمعامل ننتظر نتائجها.
وحول جاهزية مستشفى الفاشر لاستقبال المرضى تقول بريمة:” أن هنالك تحسن طفيف طرأ على الأوضاع داخل المستشفى من حيث تقديم الخدمات، والتأهيل، إضافة إلى توفير الكادر الطبي. إلا أنه لم يكتمل بشكل كافى فما زالت هناك حاجة لمزيد من الدعم.
ويذهب في ذات الاتجاه خبير المعمل بمركز العزل الصحي حيث أكد اكتمال المعمل من حيث الاجهزة والمعدات لكنه أشار إلى عدم اكتمل توفير المحاليل الكيميائية المستخدمة في الفحوصات بالشكل الكافي ليستمر العمل بصورة طبيعية.
جهود ولائية
قامت وزارة الصحة بالولاية بالتعاون مع جامعة الفاشر ومنظمة الصحة العالمية بإجراء دراسة على بعض الحالات المتوفى والكشف على ذويهم للتأكد من أسباب الوفيات التى ظلت تتصاعد على نحو متوالي حيث سجلت مدينة الفاشر في الأسبوع الأول من شهر مايو تسع حالات وفاة، وفي الأسبوع الثاني ٣٧ حالة، وارتفع العدد في الأسبوع الثالث إلى ٩٤ حالة.
وتفيد الدراسة التي أجراها فريق الأطباء المكون من أساتذة كلية الطب جامعة الفاشر بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة والتنمية الاجتماعية والتي شملت الفترة بين الأول من مايو الى الرابع والعشرين من ذات الشهر بولاية شمال دارفور إلى عدم استبعاد أن يكون سبب الوفيات الغامضة بمدينة الفاشر تعرض الضحايا لفيروس كورونا على الرغم من رفض بعض ذوي المتوفين أخذ عينات لمعرفة أسباب الوفاة.
وقال أستشاري الجراحة العامة ونائب عميد كلية الطب بجامعة الفاشر الدكتور الطاهر أحمد الطاهر خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد في الـ28 من مايو الماضى بوزارة الصحة والتنمية الاجتماعية أن الدراسة شملت 150 حالة وفاة مبلغ عنها لوزارة الصحة وذكرت الدراسة أن 70% من الحالات توفوا خلال اسبوعان، كما أن 32% كانوا يعانون من الأعراض الاولية لفيروس كورونا.
وبالرغم من قيود الحظر التي فرضتها حكومة الولاية على المواطنين منذ أواخر أبريل الماضى الا انه لم يستجيب السكان للقرار القاضي بالإغلاق التام للمدينة حيث يعتمد نسب كبيرة من الاهالى على الأعمال اليومية،في سبيل تغطية حاجتهم من الاعاشة، وتجدر الاشارة إلى أن خلال الأسبوع الماضي قام برنامج الغذاء العالمى بتقديم مساعدات غذائية لأكثر من 1,300 نازح تأثروا بتنفيذ الإغلاق التام لمدينة الفاشر والتي تكفي لمدة 3 أشهر. تحت إشراف ومراقبة وزارة الصحة لضمان اتباع الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع انتشار فيروس كورونا
قلة الوعي
يقول الطبيب بمركز امراض التنفس – الفاشر عبدالحكيم محمد ” أن ارتفاع نسبة أنتشار الجائحة يعود لقلة الوعى في محاربة المرض بين المواطنين بالإضافة إلى عدم الالتزام بمواجهات المؤسسات الصحية المطالبة بضرورة الحجر الصحى المنزلى. بالرغم من تكثيف الجهود في العمل التوعوي، عبر إقامة الندوات والسمنارات بالإضافة إلى المجهودات التي يبذلها الكادر الطبي إلا انه مازال الكثير من المرافق العامة مبذولة للانشطة العامة لاسيما الاسواق.
وتضيف أيضاً الطبيبة بمركز العزل الصحي محاسن هارون، أن الخوف من الوصمة التى يطلقها المجتمع على المريض بالإضافة إلى الكثير من المعلومات الخاطئة والتى دائماً ما تكون مجهولة المصدر عن الفيروس ساهم في تجهيل المواطنين في مجابهة المرض، والطرق الوقائية منه . وتناشد عبر (عاين) مواطني الفاشر بالاسراع والكشف في حال ظهور اي من الاعراض المتعلقة بمرض كورونا او اعراض اخرى.
ويمثل تطبيق الإجراءات الاحترازية الصادرة من وزارة الصحة الاتحادية، أحد التحديات التي يواجهها الأطباء نسبة لضعف الاهتمام المجتمعي بالكثير من موانع انتشار المرض خصوصا المسائل المتعلقة بالتباعد الاجتماعى، كما يكرر الأطباء مناشدة المواطنين بالولاية خصوصا كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالمتابعة اللصيقة مع المؤسسات الصحية للوقوف على اوضاعهم الصحية. وأخذ الأدوية اللازمة لأمراضهم والتأكد من عدم إصابتهم بأي أمراض ربما تضعف المناعه مما يمهد لفيروس كورونا السيطرة على الجسم.
رفض الفحوصات
تقول الصيدلانية سعاد عبدالله السماني “على الرغم من إلمام المواطنين ومعرفتهم بجميع الأعراض الأولية للمرض الا أن الكثير من مواطنى الولاية يرفضون القدوم المستشفيات لاجراء الفحص اللازم” وتتأسف سعاد على أن هذه التجاوزات والتي تعد اولى اسباب انتشار المرض بالولاية بالرغم من وجود مركز عزل صحي بمستشفى الولاية.
أما بالنسبة لانتشار حالة الوفيات بين كبار السن في الايام الفائتة بالولاية فبعض الحالات تم تشخيص أسباب الوفاة لديهم بفيروس كورونا، بينما لم تثبت معملياً أصابة البعض منهم. إلا أن الوزارة لم تكشف عن تلك الأسباب حتى الان.
نقص المعينات
حمل فريق (عاين) ذات الاسئلة المتعلقة بالاوضاع الصحية في الولاية إلى مدير عام وزارة الصحة بالولاية، سليمان آدم إدريس، والذي لم يستبعد أن يكون فيروس كورونا المسبب الرئيسى فى ارتفاع نسبة الوفيات بالولاية. لكنه يذهب إلى توضيح أوجه القصور المتعلقة بتوفير الدواء لمجابهة وباء كورونا موضحاً وجود نقص حاد في فيتامين C، وفيتامين D، والمضادات الحيوية التي يقومون بشرائها من الأسواق في حالات الضرورة لتستطيع الجهات الصحية تغطية حاجة المواطن والمرضى المحتملين ولتفادي شراءها من الأسواق أيضاً “.
ويضيف، أن “من أهم الأدوات الطبية التي يجب توفيرها عاجلاً والمتعلقة بحماية الأطباء وسلامتهم الملابس الطبية الواقية والمعروفة بـ”PPE” ويشير إلى أن متوسط الأستخدام اليومي لهذه الملابس يصل إلى مئة لبسه للأطباء. بالاضافة الحاجة إلى الكمامات المخصصة لفيروس كورونا، والكمامات الجراحية المعروفة بـ”N95″. وان المتوفر حالياً فقط ” الهيدروكلوريكين”.
وناشد عبر (عاين)، الجهات ذات الصلة بأمر توفير الدواء في الإسراع ودعم مستشفيات الولاية بالأدوية المخصصة لدراء جائحة كورونا نسبة للنقص الكبير الذي تشهده المستشفيات بولاية شمال دارفور والتغيير المستمر في البروتوكولات المتعلقة بتوزيع الادوية.