السودانيون يحتلون الشوارع مجدداً ويرددون “الثورة ثورة شعب والعسكر للثكنات”
13 ديسمبر 2021
سيطر الآلاف من المتظاهرين السودانيين المحتجين على الانقلاب العسكري في البلاد اليوم الأثنين لساعات طويلة على محيط القصر مقر السلطة الانتقالية وسط العاصمة، فيما احتل آلاف آخرين شارع الزعيم الازهري بمدينة ام درمان بالتزامن مع مواكب جماهيرية بمدن سودانية أخرى.
ومع تقدم المتظاهرين نحو القصر الجمهوري واجهت قوات الأمن السودانية المحتجين بإطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع وسط حالة من الكر والفر وسط الخرطوم، واطلقت الشرطة الغاز ايضا على المتظاهرين بمدنية أم درمان شارعي الاربعين والأزهري لتفريق المحتجين ما أوقع إصابات بين المتظاهرين.
وتحرك الموكب الرئيسي من “محطة باشدار” جنوب العاصمة إستجابة لدعوة أطلقتها تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم بالتوجه نحو القصر الرئاسي للمطالبة بتنحي المكون العسكري وتسليم السلطة للمدنيين.
ووصل المحتجون إلى شارع الجمهورية مع القصر بينما تمركزت قوات الشرطة قبالة البوابة الجنوبية للقصر واستخدمت عبوات الغاز بكثافة لمنع تدفق الآلاف نحو مقر السلطة الانتقالية. وكان لافتا تزايد أعداد المحتجين هذه المرة حيث امتد تدفق المتظاهرين من محطة شروني إلى تقاطع الجمهورية مع القصر على بعد أمتار من القصر الرئاسي.
وكثفت قوات الأمن من عبوات الغاز التي كانت تسقط وسط المتظاهرين لكن العشرات من المتظاهرين كانت مهامهم تتلخص في إبعادها عن المتظاهرين. وتعد الإحتجاجات الشعبية التي انطلقت اليوم وسط العاصمة السودانية بمثابة اختبار لموكب مركزي في 19 ديسمبر القادم ويتوقع أن يتظاهر عشرات الآلاف من المتظاهريين في محيط القصر.
وقالت سماح عبد المنعم 27 عاما والتي شاركت في احتجاجات القصر في تصريح لـ(عثمان)، إن المتظاهرين لن يتراجعوا مهما وقع السياسيون اتفاقات مع قادة الجيش بمعزل عن مطالب الشارع. وأوضحت أن : “سقف المطالب مرتفع ولم تعد الإرهاصات التي تتحدث عن الشراكة العسكرية مع المدنيين هي غاية هؤلاء المحتجين”. ودرجت قوات الأمن على إطلاق عبوات الغاز لتسقط وسط المتظاهرين لكنهم لم يغادروا شارع القصر لساعات طويلة استمرت حتى المساء فيما كثفت الشرطة.
ولم يفلح الاتفاق الموقع بين الجيش و حمدوك في 21 نوفمبر الماضي في إخماد الاحتجاجات الشعبية التي تعتزم تضييق الخناق على السلطة العسكرية كما يقول المحتجون في هتافاتهم التي تدعو الجيش العودة إلى “الثكنات” وتسليم السلطة إلى الشعب.
ويؤكد عبد الرحمن 24 عاما وهو يضع علم بلاده على كتفه في تصريح لـ(عاين)، أن المتظاهرين يصممون على الإحتجاج مهما كانت السلطة تصم عن سماع أصواتنا وتضرب بمطالبنا عرض الحائط .. يوما ما ستشعر بالندم عندما ينفد الوقت أمامها” يقول هذا الثائر”.
إصابات وسط المحتجين
ومع تقدم الوقت وتزايد المواكب التي وصلت إلى شارع القصر رفعت القوات الأمنية كثافة عبوات الغاز لكن المتظاهرين تمسكوا بالتظاهر في هذا الشارع الحيوي متحدين ترسانة شرطية لم تتوقف سوى دقائق من إطلاق الغاز.
ورصدت (عاين) نحو 14 اصابة في صفوف المحتجين جراء الاختناق من الغاز والإصابة بعبوات الغاز مباشرة على الأجساد ويتهم المتظاهرون الشرطة باستهداف المتظاهرين بعبوات الغاز. وذكر مسعف طبي تحدث لـ(عاين)، أن جميع المصابين حصلوا على الرعاية الطبية من مسعفين ميدانيين من كوادر نقابات الأطباء.
واحتمى المتظاهرون في الشوارع المحيطة من قنابل الغاز والاعتقالات إلا أنهم سرعان ما كانوا يعودون إلى شارع الرئيسي للتظاهر وترديد الهتافات المناوئة للسلطة العسكرية. ولاحقا تحولت الإحتجاجات إلى عدة نقاط إحتجاجية بين شارعي السيد عبد الرحمن والقصر ووصلت عبوات الغاز حتى محيط شارع الحرية غربي العاصمة السودانية.
كما شهدت الشوارع المتفرعة من الشوارع الرئيسية تجمعات كبيرة للمتظاهرين واضطرت الشرطة إلى تقسيم ناقلاتها بين غرب وشمال وجنوب وسط العاصمة السودانية لحماية القصر الجمهوري مقر مجلس السيادة الانتقالي.
وأوضح أواب وهو متظاهر عشريني في تصريح لـ(عاين)، أن الموكب الذي وصل اليوم إلى شارع القصر أثبت جدارة عالية في كسر الأطواق الأمنية ما يعني أن المتظاهرين يمكنهم قلب الطاولة في المرات القادمة. ويرى هذا الشاب أن : “السلطة العسكرية تعتقد أن التعامل مع الاحتجاجات بهذه الطريقة ستجعلها تنحسر لكنها لم تقرأ الشارع جيدا نحن مرتبون ولدينا قضايا ومطالب يجب أن تًسمع جيدا”.
أم درمان تستقبل بحري
وفي مدينة أم درمان غربي العاصمة، تجمع الآلاف على شارع الزعيم السوداني الراحل اسماعيل الازهري، واحتلوا لساعات الشارع وساحة ميدان الأهلية. وتدفق المتظاهرون من مدينة بحري باتجاه أم درمان، بجانب تسيير مواكب جماهيرية من مدينة بحري باتجاه ام درمان، وردد المتظاهرون شعارات تندد بالانقلاب العسكري.
وقال أحمد الخير 42 عاما وهو أحد المشاركين في مظاهرات ام درمان، ” لن يحكمنا العسكر، يقول الخير ذلك لـ(عاين)، وهو مزهو بالحراك الشعبي ومنخرط فيه، “كيف لبرهان أن يحكم هؤلاء الشبان والشابات الشجعان وهم يرددون بالصوت الواحد.. السلطة سلطة الشعب والثورة ثورة شعب .. و العسكر للثكنات”.
وفي المساء، هاجمت قوات من الشرطة المتجمعين بشارع الزعيم الأزهري وأطلقت عليهم عبوات الغاز المسيلة للدموع، كما أطلقت قوة من الشرطة البمبان على مواكب جماهيرية في طريق عودتهم إلى أحياء أم درمان شارع الأربعين.