يوم دام في امدرمان وتظاهرات ليلية بالعاصمة
تقرير عاين : 10يناير 2019
شهدت العاصمة الوطنية أم درمان يوما دمويا غير مسبوقا على أيدي قوات الأمن والشرطة التي فتحت النار علي المتظاهرين السلميين، عقب التظاهرات الرافضة للخطاب الذي القاه الرئيس البشير في الساحة الخضراء بالخرطوم ظهر الاربعاء.والذي حذر فيه من مصير مجهول حال انفلات الأوضاع الامنية، بعد ان استبق القيادي بالحزب الحاكم على عثمان محمد طه باستخدام كتائب جاهزة للدفاع عن الحكومة.
وأكدت لجنة اطباء السودان المركزية سقوط ما لايقل عن اثنين من القتلى وجرح ستة اخرين برصاص القوات الأمنية في مدينة أمدرمان التي انتفضت بقوة غير مسبوقة منذ ظهر الأربعاء حتي فجر الخميس الحالي.
وأكدت اللجنة مقتل صالح عبدالوهاب ومحمد الفاتح واصابة ستة اخرين عقب استخدام القوات الامنية للذخيرة الحية لقتل المتظاهرين الذي سجلوا لحظات استبسال نادرة في كافة شوارع أمدرمان. وفيما أكدت مصادر(عاين) سقوط أكثر من قتيلين ضحايا للمجزرة التي ارتكبتها الاجهزة الامنية في أمدرمان، واستمرت التظاهرات الليلية في عدد من أحياء أمدرمان وانضمت إليها أحياء بري وجبره في الخرطوم سوق سعد قشره والشعبية في مدينة بحري.
تواصل الحراك
مواصلة لمطالب اسقاط النظام التي رفعها تجمع المهنيين السودانين، لبت الجموع السودانية نداء موكب ام درمان الذي وصل الى الهدف المعلن محدثاً اختراقا أساسيا بالوصول الى نقطة الاعلان بعد قمع وحشي وإعتقالات وإطلاق نار في مواجهة آلاف المتظاهرين الذين بدأوا حراكهم في الزمان والمكان المحددين، وادى رصاص القوات الامنية بحياة اثنين من المتظاهرين بينما تعرض ستة آخرون لإصابات خطرة برصاص حي ومنهم من هو في حالة خطرة وفق تقرير الأطباء.وأكدت لجنة الأطباء المركزية مقتل كل من صالح عبد الوهاب ومحمد الفاتح برصاص في منطقة الصدر، وفي ذات التصريح شكا الأطباء من العنف المفرط من قبل الجهات الامنية اثناء تأدية واجبهم في اسعاف الجرحى من المتظاهرين.الأمر الذي ادى الى اضراب شامل للأطباء بمستشفى أم درمان التعليمي .
مشهد ثوري
قبل نحو عشرين دقيقة من الموعد المضروب لإنطلاقة موكب التنحي من ساحة الشهداء في قلب مدينة أم درمان باتجاه مبنى البرلمان، كانت الحركة المرورية تسير بشكل طبيعي من جهة شارع الزعيم الأزهري المؤدي إلى ميدان الشهداء، لكن سرعان ما توقفت حركة المرور وسُمع دوي إطلاق كثيف للقنابل المسيلة للدموع وتصاعد دخانها ليغطي المكان قبل أن تظهر في الطرقات والممرات الجانبية حركة متسارعة للمتظاهرين ومحاولة للتجمع مجددا في صينية أزهري.
البمبان مقابل الهتافات
في الطريق المؤدي إلى ساحة ميدان الشهداء تصاعد الدخان وردد جمع كبير من المتظاهرون قبالة المستشفى هتافات تنادي بالحرية والعدالة واتجه جمعهم من جهة مستشفى ام درمان الى السوق الرئيسي قبل أن تلاحقهم قوات أمنية مجددا لتشهد المنطقة حالة كر وفر بين المتظاهرين وإطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع ما أجبر بعض المحتجين للاحتماء بالباحة الخارجية للمستشفى.
تحدى ومواصلة
جموع المتظاهرين التي تفرقت في منطقة السوق وميدان الشهداء، تبرع عدد من الشبان والشابات الذين يلتحفون علم السودان إرشادهم والتوجه الى صينية ازهري، وهناك احتل المتظاهرون الشارع تماما وهتفوا بسقوط حكومة البشير وتحدي الاجهزة الامنية التي تنتشر بكثافة في المكان.
أخذ تجمع المحتجين في تزايد وخلا الشارع ذو المسارين تماما من السيارات، وتمكن المتظاهرون من السير باتجاه الجنوب وهم يرددون هتافات مدوية ويستقبلهم سكان الحي بالهتاف المماثل والزغاريد العالية ما ألهب حماسة الجموع المتجه الى الجنوب من صينية ازهري دون تدخل من أي قوة أمنية مقارنة بالانتشار الكثيف للقوات الامنية مختلفة الوحدات بالمنطقة.
تراجع سيارات الأمن
اظهر المتظاهرون بسالة عندما حاولت قربة الثمانية سيارات “بكاسي” عليها رجال امن بزي مدني وأسلحتهم الظاهرة كانت فروع من الأشجار لاستخدامها عصى لقمع المتظاهرين، لكن مع العدد الكبير للمتظاهرين الذين علا هتافهم “بسلمية.. سلمية” دخل قادة رجال الأمن في نقاشات حادة فيما بينهم قبل أن تبدأ عدد من السيارات في التراجع أمام مد المتظاهرين ويقرر أحد قادة رجال الأمن التلويح بيده للمتظاهرين يطلب منهم تأمين وسلامة سياراتهم والعودة من حيث أتوا الأمر الذي عانقه على أثره عدد من المحتجين ودعوة الى مغادرة المكان.
بعد هذا المشهد رصدت (عاين) تقدم المتظاهرين باتجاه الجنوب نحو مدخل كبرى شمبات مع تعليمات لمن هم في قيادة المظاهرة بأن موكبهم ينعطف يمينا الى اقرب شارع يؤدي الى المقصد النهائي البرلمان.
رصاص حي
استمر المتظاهرون في السير لما يقارب الثلاثين دقيقية في المنطقة قبل أن تأتي سيارات عليها عدد من رجال الشرطة الذين يحملون بنادق قاذفة قنابل الغاز المسيل للدموع وأخذوا في إطلاقها بكثافة باتجاه المتظاهرين الذين ابدوا شجاعة كبيرة ولم يتفرق جمعهم إلا عندما حاصرتهم قوات أخرى من ناحية الجنوب وبدأت في إطلاق مماثل للغاز المسيل للدموع لكن ذلك أيضا لم يثني تجمعات المحتجين التي تمركزت لمرة ثانية وبدأت في التجمع قبالة صينية أزهري، وهنا توغلت سيارات “بكاسي” عليها رجال شرطة يحملون بنادق الكلاشنكوف وبدأ في إطلاق الرصاص الحي بكثافة في الهواء ويقودون السيارات بتهور وسط المتظاهرين بحسب ما رصدت (عاين) كما نفذت قوة أخرى عمليات اعتقال واسعة وسط المتظاهرين.
في منطقة أخرى، شقت جموع من المتظاهرين من حي بانت طريقها في اتجاه البرلمان من خلف مدرسة المؤتمر وهناك حدثت مواجهات مباشرة بين رجال الشرطة والمتظاهرين بعد أن حاولت الشرطة تفريقهم بالغاز المسيلة للدموع، وقال شهود لـ(عاين)، ان الشرطة المتمركزة في المنطقة عجزت عن أثناء المتظاهرين بالعودة بعد ان فشلت قنابل الغاز المسيل للدموع التي كان رجال الشرطة يقذفونها يدويا على المحتجين بعد إزالة غطائها لكن تعزيزات أمنية دفعت المتظاهرين للتراجع أمام كثافة الغاز المتدفق على وجوههم والسنة دخانه المتصاعدة في فضاء المنطقة.
الاتجاه نحو الهدف
على شارع الاربعين، تقدم جمع آخر من المحتجين من اتجاه الشمال الى الجنوب نحو مبنى البرلمان، سار المتظاهرون دون تدخل أمني وتبعهم عدد آخر من الخلف وأخذوا في إغلاق الطريق تماما أمام حركة المرور بوضع فروع الأشجار الضخمة والكتل الخرسانية لتأمين ظهرهم من أي اعتداءات خلفية،حسب ما رصدت (عاين)، لكن هذه المظاهرة كانت هي الثانية في نفس الشارع وفقما نقل لـ(عاين) احد المتظاهرين والذي قال ان المظاهرة التي بدأت في الشارع عند الواحدة والربع عمها جمع غفير من المتظاهرين وفرقتها الشرطة باستخدام القوة المفرطة وإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي في الهواء وأخذت في عمليات اعتقال واسعة للمتظاهرين.
حصار المتظاهرين
استمرت التظاهرات في أحياء عديدة من مدينة أم درمان، وتجمع المئات في مناطق الملازمين وابوكدوك وبانت، فيما رصدت (عاين) عمليات محاصرة قوات الأمن لمئات المتظاهرين في الباحة الداخلية لمستشفى السلاح الطبي وهي المجموعة هي التي تمكنت من الاقتراب الى مبنى البرلمان، وتكثف السلطات الأمنية وجودها في المنطقة القريبة من البرلمان لكن (عاين) رصدت كذلك، تمركز للأفراد مسلحين من القوات المسلحة بينهم ضباط منعوا قوات الشرطة من اقتحام محتمل لمبنى السلاح الطبي او اطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين يعلو هتافهم بالداخل ويلوحون بأعلام السودان.