معارك مصفاة الجيلي.. أرض على وشك الحريق
عاين- 24 يناير 2025
تتعرض أكبر منشأة نفطية وصناعية شمال العاصمة السودانية إلى مخاطر قد تمتد إلى مساحة مدينة كاملة؛ بسبب اشتداد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في محيط مصفاة الجيلي الواقعة على بعد 70 كيلومترا شمال الخرطوم منذ ثلاثة أيام، وتبادل الطرفان اتهامات بتدمير وحدات من المصفاة.
واستولت قوات الدعم السريع على مصفاة النفط شمال العاصمة الخرطوم منذ اليوم الأول للقتال منتصف أبريل 2023 ونشرت القطع الحربية وحصلت على مستودعات ضخمة من الوقود مكنتها من تسيير عملياتها العسكرية بالعاصمة ضد الجيش.
التحصن بالوحدات الحيوية
ومع التحولات الميدانية، وتحسن موقف القوات المسلحة السودانية تقدمت نحو محيط المنشآت النفطية والصناعية ومنطقة التصنيع الحربي أكبر مصنع للأسلحة والذخائر المملوك للجيش، وامتدت المعارك إلى وحدات تشغيل الخام بالمصفاة-وفق مصدر هندسي من تجمع العاملين بقطاع النفط لـ(عاين).
أنشأت مصفاة الجيلي في العام 1997 أثناء حكم الرئيس المعزول عمر البشير بشراكة مع الصين وقيمتها السوقية أكثر من خمسة مليارات دولار فيما تقدر الخسائر خلال الحرب التي تقترب من الشهر الـ 22 بين الأطراف الصراع في السودان بـ 30% من أصول المصفاة ومصنع البتروكيماويات”مصنع البلاستيك” ومحطة قري الحرارية ومحطة معالجة النفط.
ويقول مصدر من تجمع العاملين بقطاع النفط لـ(عاين): إن “الأضرار الناتجة عن تدمير المصفاة حال إصرار الجيش وقوات الدعم السريع على خوض المعارك الميدانية المباشرة ستمتد إلى جميع القرى والمناطق الواقعة في تخوم المنشآت النفطية والصناعية والكهربائية، وتسبب تدميرا للبيئة وتشكل خطرا على الإنسان والحيوان”.
يوضح المصدر، أن هناك تدميراً جزئياً لمصفاة الجيلي جراء المعارك الأخيرة والمرحلة الحالية هي الأخطر باعتبار أن الجيش يواجه صعوبة في التقدم الميداني لاسترداد المنطقة في ذات الوقت يعتمد على الغارات الجوية لتنفيذ ضربات ضد قوات حميدتي مع الوضع في الاعتبار أن هذه القوات تتحصن في جميع المنشآت.
وتضررت حسب المصدر في تجمع العاملين بقطاع النفط أجزاء من وحدات حيوية في المصفاة جراء الهجمات العسكرية الأخيرة، ويمكن الحفاظ على المصفاة حال تحمل الجيش وقوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة في الحفاظ على البنية التحتية.
خروج آمن
ويواجه الجيش السوداني صعوبة في التقدم نحو وحدات مصفاة الجيلي؛ بسبب تمركز قوات الدعم السريع والاعتماد على كثافة النيران كما أن انتشار هذه القوات في جميع الوحدات الفنية ومحطات التكرير تعرقل العمليات العسكرية بالنسبة للقوات المسلحة.
ويقول الخبير في مجال البيئة محمد السني لـ(عاين): إن “القتال الذي يدور في محيط مصفاة الجيلي ومحطة قري للكهرباء والتصنيع الحربي، ويفتقر للمسؤولية من جانب الجيش وقوات الدعم السريع”.
وتابع: أن “المجتمع الدولي لم يعد مكترثا للكارثة القادمة حال انفجار المصفاة وخزانات الوقود العملاقة، والتي قد تدمر مدينة كاملة مأهولة بالسكان”.
وأضاف: “موقع المصفاة والتصنيع الحربي غير ملائم مع وجود القرى في ريفي الخرطوم بحري ورغم ذلك تحمل المواطنين الأضرار البيئية والأدخنة على مدار السنوات الماضية، حتى وصلوا مرحلة البقاء على مرمى حجر من انفجار وشيك للمصفاة جراء العمليات العسكرية”.
قوات الدعم السريع منعت ست حافلات تجلي 200 شخص من العاملين وعائلاتهم من مغادرة مساكن مصفاة الجيلي مطلع يناير 2025
وتابع السني: “يجب توقف القتال فورا في مصفاة الجيلي وضمان الخروج الآمن لقوات الدعم السريع مقابل ترك المنشآت دون خسائر، وعلى الجيش أن يقود عملية تفاوض إذا كان الموقف الميداني يسمح له بذلك بدلا من الإصرار على دخول منشآت قد تتحول إلى حمم بركانية، وتتسرب المواد الخام إلى نهر النيل الذي لا يبعد عن هذه المناطق”.
وكانت قوات الدعم السريع منعت ست حافلات تجلي 200 شخص من العاملين وعائلاتهم من مغادرة مساكن مصفاة الجيلي مطلع يناير 2025 وأصبح مصيرهم غير معروف وفق بيان لجنة مقاومة منطقة قري.
ويقول الباحث في مجال القطاع العسكري والأمني علي عباس لـ(عاين): إن “عملية استرداد المنشآت النفطية والصناعية الحيوية والاستراتيجية تشبه عملية تحرير الرهائن، وكان على الجيش أن يعتمد على قوات خاصة ولديها كفاءة في التسلل إلى محيط المصفاة لتفادي الخسائر البيئية والاقتصادية”.
وأضاف: “ما يحدث الآن كلا الطرفين يحشدان المقاتلين على الأرض في أرض تضم منشآت حيوية، وعلى وشك الانفجار؛ لأنها تضم خزانات الوقود والنفط الخام الذي لم يتمكن العمال من معالجته نتيجة الحرب وحتى إذا انتصر أي طرف عسكري لن يبق أحد على قيد الحياة؛ لأن أي قوات عسكرية تتعرض للحصار تقاتل عادة حتى الرمق الأخير ما لم يقد الطرف المهاجم وهو الجيش عملية تفاوض للخروج الآمن”.