“نيالا”: بين العسكري والاقتصادي.. أسباب وراء ضراوة المعارك

عاين- 27 أكتوبر 2023

 بعد إعلان سيطرتها على مدينة نيالا ثاني أكبر مدن السودان، أعلنت قوات الدعم السريع على لسان قائد ثاني القوات عبد الرحيم دقلو، المضي قدماً في “بسط هيبة الدولة في المدينة” موجهاً قواته بحماية المدنيين الذين دعاهم للعودة إلى منازلهم، في وقت لم يصدر الجيش السوداني تعليقاً على مزاعم الدعم السريع بالسيطرة على القيادة العسكرية في المدينة.  

وتشكل السيطرة على المدينة الإستراتيجية نقطة تحول جديدة في صراع الطرفين الدائر على السلطة لجهة أن مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور هي الولاية الثانية بعد ولاية الخرطوم.

ومدينة (نيالا) التي تبعد عن العاصمة الخرطوم حوالي ألف كيلومتر، موقعها  الاستراتيجي يجعل منها بوابة للعلاقات التجارية الحدودية مع دول أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وتشاد.

ومثلّت المدينة كذلك أهمية عسكرية لقوات الدعم السريع لضمها الفرقة 16 مشاة والتي تعتبر رئاسة قيادة المنطقة الغربية للجيش السوداني في إقليم دارفور، حيث يوجد بها عدد من وحدات الجيش منها المدفعية والمهندسين وسلاح المدرعات.

ومنذ بداية الحرب في الخامس عشر من أبريل الماضي بالعاصمة وعدد من مدن الولايات، نجحت مبادرة أهلية في عدم نقل الحرب للمدينة وتقسيمها لمنطقتي سيطرة تخضع كل منطقة لطرف من طرفي القتال لكن سرعان ما انهار هذا الاتفاق وجرت عدة معارك في المدينة تدخل فيها الطيران الحربي أكثر من مرة.

قيادة الفرقة 16- نيالا

 ويرى اللواء شرطة متقاعد، علي محمد ايدام، أن سيطرة الدعم السريع على المدينة الإستراتيجية يعني سيطرة قوات الدعم السريع على الولاية الثانية في الترتيب بعد الخرطوم وربما تتخذها قاعدة رئيسية لقواته وتأمين خط الإمداد.

ويشير الخبير العسكري ايدام في مقابلة مع (عاين)، إلى أن وجود قائد قوات الدعم السريع في إدارة الحرب في نيالا يعزز فرضية أهمية المنطقة للدعم السريع دون الولايات الأخرى والتي يمكنه الاستفادة من موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية تحسباً لتشكيل حكومة موازية حال إعلان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان حكومة إدارة الأزمة في بورتسودان.

 ومنتصف سبتمبر الفائت، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي في تسجيل صوتي  إن قواته “ستبدأ مشاورات لتشكيل ما سماه سلطة مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها ردا على ما وصفها بمحاولات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ادعاء شرعية زائفة”.

وأضاف حميدتي، في التسجيل: “أن قيام البرهان بتشكيل حكومة مقرها بورتسودان يعني الاتجاه نحو سيناريوهات حدثت في دول أخرى بوجود طرفين يسيطران على مناطق مختلفة في بلد واحد”.

توجيهات ومخاوف  

وعقب إعلان الدعم السريع سيطرتها على مدينة نيالا الخميس، بثت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تتبع للقوات فيديو لقائد ثاني القوات، عبد الرحيم دقلو، من امام مقر الفرقة 16 بالمدينة دعا فيه لتسيير دولاب الدولة موجها الشرطة والمؤسسات العدلية بمزاولة نشاطها  

يأتي ذلك وسط مخاوف السكان المحليين من انتشار الفوضى وعمليات نهب ممتلكات المواطنين في أحياء المدينة اسوة بما حدث بالعاصمة السودانية الخرطوم.

وقال جمعة محمد أحمد، الذى نزح إلى مدينة الضعين عاصمة  ولاية شرق دارفور لـ(عاين): ” لدي مخاوف من تحول الأوضاع للأسوأ بعد سيطرة الدعم السريع  على المدينة”. ويضيف: “لا زال الوقت مبكراً حتى نعودة إلى منازلنا.. وعلى الدعم السريع السيطرة على المليشيات أولاً حتى يدعونا للعودة إلى منازلنا”.

وبالمقابل يأمل سكان من مدينة نيالا استطلعتهم (عاين)، في توقف الحرب، أو على الأقل تساهم سيطرة طرف على المدينة في توقف القذائف المتفجرة التي حصدت أرواح مئات المدنيين الأبرياء وتسببت في النزوح الجماعي للمواطنين من مساكنهم.