حرب (التشوين).. ماذا يجري في صحراء شمال دارفور؟
عاين – 22 يونيو 2024
بشكل مفاجئ انتقلت المعارك العسكرية بين الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه، وقوات الدعم السريع إلى صحراء ولاية شمال دارفور غربي البلاد، بعد أن كانت في محيط مدينة الفاشر، في تطور لافت في مسار الحرب بالإقليم وسعي الطرفين لضرب وتأمين خطوط الإمداد.
منذ أيام تجري الاشتباكات في مناطق واسعة في الصحراء بولاية شمال دارفور، مثل وادي مبار بمحلية أمبرو التي تبعد حوالي 200 كلم شمال مدينة الفاشر، وحول منطقة الزرق التي تضم قاعدة استراتيجية ونقطة إمداد رئيسية لقوات الدعم السريع، وفيها عدد ومن محطات الوقود، ومواد لوجستية خاصة بالعمليات القتالية، وفق ما نقلته مصادر لـ(عاين).
ومع اندلاع معارك الصحراء، انخفضت وتيرة المواجهات المسلحة في مدينة الفاشر باستثناء عمليات قصف مدفعي تنفذه قوات الدعم السريع باتجاه قيادة الجيش، ومناوشات محدودة.
ويزعم كل طرف بكسب معارك الصحراء وإلحاق الهزائم بالآخر، إذ بثت القوة المشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش مقاطع مصورة لسيارات وآليات حربية وجنود أسرى، قالت إنها استولت عليها بعد هزيمة قوات الدعم السريع، بينما فعلت الأخيرة الشيء نفسه، وزعمت في فيديوهات أن هزمت الجيش وحلفائه في تلك الاشتباكات.
حرق القرى
ووثق مسلحو قوات الدعم السريع والعناصر المتحالفة معهم لأنفسهم بمقاطع مصورة، وهم يحرقون قرى محيطة بمنطقة الزرق في ودي أمبار ومنطقة أروري، وتشريد مواطنها.
ويقول الخبير في شؤون السلام والنزاعات ضرار آدم ضرار في مقابلة مع (عاين)، إن “الشريط الصحراوي الممتد من جبل العوينات إلى أقصى الغرب في الحدود التشادية، ظل يمثل خط إمداد لقوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب مع الجيش العام الماضي، كما يمثل نقطة لتجميع المرتزقة القادمين من دول الجوار؛ وبالتالي توزيعهم إلى الجبهات المختلفة للقتال مع الدعم السريع”.
ويشير ضرار، إلى أن المعارك في الصحراء مرتبط بشكل أساس بالصراع الخاص بالسيطرة على مدينة الفاشر، فإذا خسرت قوات الدعم السريع معركة الصحراء التي ستؤمن خط إمدادها، فإنها لن تستطيع دخول عاصمة ولاية شمال دارفور.
ويضيف: “معركة الصحراء تمثل حياة أو موتاً لقوات الدعم السريع، لأن خسارتها ستفقدها الكثير بما في ذلك الجنود، لذلك دفعت بتعزيزات كبيرة نحو مناطق الصحراء بما في ذلك قادة بارزين ومؤثرون، وهو ما أدى إلى تراجع حدة الاشتباكات المسلحة داخل مدينة الفاشر، التي رمت الدعم السريع بكل ثقلها خلال الشهر الماضي للسيطرة عليها”.
وأظهرت فيديوهات عدد من قادة الدعم السريع الذين كانوا يقودون القتال في تخوم الفاشر، وهم يشاركون في اشتباكات صحراء شمال دارفور، ولا سيما في وادي امبار، منهم عبد الله رزق المشهور بـ”السافنا”.
فك الحصار
وإلى جانب قطع خطوط الإمداد، ترغب القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش من معارك صحراء ولاية شمال دارفور، تخفيف الضغط على مدينة الفاشر التي تفرض عليها قوات الدعم السريع حصاراً منذ أكثر من شهر في المحاولة للسيطرة عليها، وهي آخر معاقل القوات المسلحة في إقليم دارفور.
ورمت قوات الدعم السريع بكل ثقلها من أجل السيطرة على الفاشر وقادت معارك ضارية في سبيل ذلك، لكنها فقدت قائدها البارز علي يعقوب، وبعدها انخفضت وتيرة الاشتباكات في المدينة.
واستهدفت المعارك منطقة الزرق ذات الأهمية الاستراتيجية لقوات الدعم السريع. وبرزت تلك البلدة في السطح خلال زيارة نفذها إليها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في 2022م، واستعرض خلالها مدرعات قتالية.
وظلت قوات الدعم السريع تفرض تعتيما وحراسة مشددة على المنطقة في الدخول والخروج منذ 2017م، كما أنه تم إنشاء أكثر من 10 من الآبار المياه حول زرق والمناطق المحيطة، وذلك لتشجيع السكان ومواشيهم على التوطين.
وقصف الطيران الحربي للجيش منطقة الزرق ثلاث مرات خلال الشهور الستة شهور الماضية. وقالت قوات الدعم السريع قبل أيام إن الطيران الحربي للجيش قصف منطقة الزرق، وتسبب في مقتل 12 شخصا.
ويستمر القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، مما أدى إلى مقتل 15 ألف شخص، ونزوح 10 ملايين شخص، كما خلفت أوضاع إنسانية قاسية.