السودانيون يودعون أسوأ عام ويستقبلون آخر بأمنيات السلام

عاين- 1 يناير 2024

ودع السودانيون العام 2023م الأسوأ بالنسبة لهم بعد أن شهد اندلاع حرب مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما يستقبلون العام الجديد بحالة من اليأس في ظل استمرار العمليات العسكرية وانعدام بوادر حل للصراع المسلح خلال المدى القريب وسط تطلعات وآمال بتحقيق السلام.

وبدا “أحمد إبراهيم” الذي يقيم بعائلته في أحد مراكز إيواء النازحين في مدينة كسلا شرقي السودان أكثر تشاؤماً بالعام الجديد فلا يرى ما يدعو للتفاؤل، إذ تتوسع رقعة الحرب في كل يوم دون اكتراث من طرفيها للحالة المأساوية التي وصل إليها المدنيون، وفق تعبيره.

يقول إبراهيم الذي يواجه محنة النزوح المزدوج “من الخرطوم إلى ودمدني، ومنها إلى كسلا” في مقابلة مع (عاين): “نشعر بحزن عميق، لقد عشنا سنة مليئة بالحزن والكآبة، فقدنا خلالها أشخاص أعزاء علينا ونهبت ممتلكاتنا، وتشردنا ولا شي يبشر حتى الآن بأن العام 2024م سيكون أفضل من سابقه حيث لا نرى أملاً في نهاية هذه الحرب من واقع التصعيد العسكري الماثل”.

ويضيف: “كل تمنياتي أن تتوقف الحرب الدائرة، ونعود إلى منزلي في العاصمة الخرطوم، ونأمل أن تتحقق لي في العام الجديد، لقد سئمت حياة النزوح والفرار والخوف والرعب. حان الوقت ليعم السلام وننعم بالأمن”.

ويستقبل 7.1 ملايين سوداني فروا بسبب الحرب وفق حصيلة للأمم المتحدة، العام الجديد وهم خارج منازلهم، ويعيشون تحت ظروف إنسانية قاسية وسط نقص في الغذاء والرعاية الصحية، بينما تمضي أحوالهم برمتها إلى المجهول في ظل استمرار القتال وغياب أفق الحل.

وبحسب بيان صادر عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في 13 ديسمبر الماضي، فإن 18 مليون سوداني أي ما يقارب نصف سكان البلاد يواجهون خطر الجوع الشديد، كواحد من تداعيات الحرب، وسط تحذيرات من تفاقم تردي الموقف الغذائي في أعقاب توغل قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة التي تضم أكبر مشروع زراعي في البلاد.

وغابت مشاهد الاحتفاء بليلة رأس السنة في السودان، فجميع المدن الآمنة خاصة كسلا، القضارف، بورتسودان، سنار، تعيش تحت حالة الطوارئ وحظر تجوال ليلي ضمن تدابير أمنية أقرها حكامها.

نازحات في مركز إيواء بمدينة الفاشر- شمال دارفور

ويقول وداعة عابدين وهو مواطن من مدينة سنار في مقابلة مع (عاين): “كانت 2023 قاسية علينا، فبالرغم من الأمن الذي تمتعنا به في ولايتنا وسط السودان، إلا أننا واجهنا مصاعب اقتصادية ومعيشية بعد أن توقفت أعمالنا، وفشل الموسم الزراعي، ونأمل أن يكون العام الجديد فأل خير ومختلف كلياً عن سابقه”.

“لا شيء يبشر بالخير والرخاء، فالحرب ما تزال مستمرة، ولم نلمس إرادة حقيقية من الطرفين تجاه عملية السلام، نحن نخشى أن تزداد الأوضاع سواء خلال العام الجديد. لقد أنفقت كل ما ندخره من ممتلكات وأصول، وليس لدي ما يمكن فعله من أجل تلبية احتياجاتي المنزلية، أنه واقع مظلم” يضيف عابدين.

وعطلت حرب الجيش وقوات الدعم السريع التعليم بالكامل في السودان، ووضعت مستقبل مئات الآلاف من الطلاب على حافة الضياع، فيما يمني البعض أنفسهم بالعام الجديد باستقرار يعيد العملية التعليمية والتربوية إلى الحياة.

وينظر “أبو القاسم حسن” – طالب جامعي من ولاية غرب كردفان بتوجس شديد للعام الجديد، وهو يتطلع لاستقرار يمكنه من تكملة مشوار العلمي، لكن مستوى تفاؤله بتحقيق ذلك قليل للغاية، وفق ما يرويه في مقابلة مع (عاين).ويتابع: “سيكون 2024 عامي المميز حال تمكنت خلاله من التخرج في الجامعة، لقد انتظرت طويلا لأجل هذه اللحظة”.

ولايات تحت الحظر

الولايات الآمنة والبعيدة نسبيا من القتال لن تتمكن من إحياء الاحتفالات مع قرار حظر التجوال في أغلبها منذ تقدم قوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة في 19 ديسمبر الماضي، كما أن الوضع الاقتصادي يحاصر الغالبية، ويجعلهم بين جدران مراكز الإيواء أو منازل مؤقتة يحاولون استعادة ذكريات قد لا تتكرر.

العالقون في العاصمة الخرطوم أو المدن الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع مثل نيالا وزالنجي والجنينة لا شيء في مدنهم غير أصوات الرصاص وانتشار الجنود والمركبات العسكرية وأصوات الرصاص وانتشار أعمال النهب.

مركز إيواء نازحين- مدينة القضارف

يقول مدثر الذي يقيم في أحياء الثورات في أمدرمان والواقعة تحت سيطرة الجيش لـ(عاين) : “لا أحد هنا يتذكر الاحتفال بليلة رأس السنة أو عيد الاستقلال الذي يصادف الأول من يناير من كل عام الجميع منهمكين في النجاة من المدافع والحصول على وجبات الطعام وتدبير المال”.

وأضاف: “ربما نتجمع في منزل الجيران، ونتسامر مع توفر الشاي لا يمكن أن نخطط لأبعد من هذا المدى في الاحتفال؛ لأنه لا يمكن مغادرة إلى مكان آخر في الليل”.

ينقضي العام مع سيطرة الحرب على السودان وتلاشي فرص السلام عقب انهيار المفاوضات في منبر جدة الشهر الماضي ومع ذلك يأمل المدنيون في إطفاء الحرب خلال العام الجديد.