مع اقتراب محاكمته  موسي هلال أمير حرب أم ضحية لنظام الانقاذ 

مع اقتراب محاكمته موسي هلال أمير حرب أم ضحية لنظام الانقاذ

تقرير: عاين 20 سبتمبر 2019م

تعد محاكمة أحد أبرز أمراء الحرب في اقليم دارفور وقائد مليشيات “الجنجويد” موسى هلال المعتقل منذ عامين، إحدى أكبر القضايا التي تضع اختبارا صعبا أمام الحكومة الانتقالية لأسباب قانونية وسياسية وعسكرية وأخلاقية عديدة. أبرز تلك الأسباب ان هلال ومعاونيه محتجزون دون محاكمة حاليا ما يعد اختبارا للحكومة الانتقالية التي تمسكت بشعارات الإصلاح القانوني وإنفاذ حكم القانون. كما يثير أمر اعتقال موسى هلال الغريم الأول لزعيم النسخة الثانية من قوات”الجنجويد” محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي، تساؤلات أخرى بشأن العلاقة بين القوى المدنية والعسكرية المكونة للحكومة الانتقالية اذ انه من المعلوم ان حميدتي القائد الاقوى عسكريا في البلاد حاليا هو من قام بنفسه باعتقال موسي هلال ويرفض أي محاولات قانونية أو شعبية لإطلاق سراحه ، في ظل اسباب نزاعات مختلفة ومصالح متضاربة بين الرجلين اللذان قادا مليشيات الجنجويد في فترات مختلفة في إقليم دارفور. 

الحكومة وقوي الحرية والتغيير غضت الطرف عن محاولات أسرة هلال وأنصاره الضغط من أجل إطلاق سراحه، الأمر الذي يستوجب التساؤل عن تصنيفها لموسي هلال هل هو “مجرم ” كما يرى الكثير من الضحايا والنازحين في الإقليم أم أنه  مشارك في الثورة قاوم نظام البشير في السنوات الأخيرة لحكمه كما ترى أسرته ويصر أنصاره. وماهي المسوغات القانونية والأخلاقية التي تبرر ل حميدتي القبض عليه وهو ايضا من تطاله اتهامات الضحايا بارتكاب جرائم في الإقليم في سنوات لاحقة لسلفه وابن عمه موسي هلال. 

مع اقتراب محاكمته موسي هلال أمير حرب أم ضحية لنظام الانقاذ

محكمة عسكرية 

وبعيدا عن تركيز قوي الثورة وأعين الإعلام المحلي والدولي تقود أسرة وانصار زعيم ميليشيا الجنجويد السابق موسي هلال جهودا حثيثة ومختلفة لإطلاق سراحه من قبضة القوات المسلحة أو بصورة أكثر دقة من قبضة قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي. لكن تقارير كشفت بان موسي هلال سيقدم إلى محكمة عسكرية في الخرطوم الأسبوع المقبل عقب ان رفضت السلطات مقابلته باربعة من محامية وبعض أفراد أسرته. 

وتقول اسرة هلال المعتقل منذ نوفمبر من العام 2017 انها لم تلتقيه مطلقا منذ القبض عليه بواسطة الدعم السريع. وكانت جهات دولية واقليمية ومحلية ومنظمات حقوق انسان طالبت باطلاق سراح هلال أو تقديمه لمحاكمة وفقا لحيثيات واضحة. ورغم تمسك الاسرة والانصار ببراءة زعيمهم ودوره في التمرد على النظام السابق واضعافه إلا ان قوى عديدة في اقليم دارفور يبينها حركات مسلحة ونازحون ومنظمات مجتمع مدني تهتم بالأوضاع في الإقليم تعتبره أحد المشاركين في الفظائع التي تمت في الإقليم خلال السنوات الماضية. 

من جانبها تنتقد هيئة محامي دارفور -المهتمة بأوضاع حقوق الانسان في الاقليم منذ سنوات) اعتقال موسي هلال بدون توجيه تهم اليه، وتعبر تقديمه لمحاكمة عسكرية أمرا غير قانوني. وقالت الهيئة في بيان لها انه ” يجب ان يقدم هلال الى محاكمة قانونية ووفق شروط عادلة غض النظر عن تاريخه في الإقليم والجرائم التي يعتقد انه ارتكبها في السابق” 

وسائل ضغط

مع اقتراب محاكمته موسي هلال أمير حرب أم ضحية لنظام الانقاذ

ورغم التظاهرات المتعددة التي نظمها أنصار وأسرة الأب الروحي لمليشيات الجنجويد موسى هلال ومناشداتهم المتكررة ورفعهم المذكرات للحكومة إلا ان كل تلك المحاولات باءت بالفشل في محاولة اطلاق سراح هلال المسجون مع عدد من قواته وأنصاره منذ القبض عليه بواسطة مليشيات الدعم السريع قبل حوالي العامين. وترى منظمات حقوقية بينها هيئة محاميي دارفور ان اعتقال هلال غير قانوني وتطالب بإطلاق سراحه فيما يقول المركز الأفريقي لدراسات السلام والتنمية المهتم بأوضاع حقوق الإنسان في السودان ان عدد المعتقلين من قوات هلال بلغ حوالي 239

وشهدت عدة مناطق في اقليم دارفور بينها الفاشر والجنينه ومنطقة مستريحة بولاية شمال دارفور وهي مسقط رأس موسي هلال ومعقل قواته، تظاهرات لأنصاره يطالبون فيها بإطلاق سراحه ومناصريه، الذين اعتقلوا في عهد الرئيس السابق عمر البشير. 

وفي خطوة تصعيدية أخري قرر 10 من أعضاء مجلس الصحوة الثوري الإضراب عن الطعام في سجن ام درمان الحربي، احتجاجا على استمرار اعتقالهم الذي قارب العامين، وبينما طالبت اسرة الزعيم موسي هلال بإطلاق سراحه وأنجاله الاربعة. واعتقل موسي هلال بضاحية مستريحة في نوفمبر 2017 ، بعد اشتباكات مع قوات الدعم السريع أثناء حملة جمع السلاح قررها الرئيس السابق عمر البشير.

 كشف المتحدث باسم اسرة موسي هلال، محمد احمد’’ انه تحت الاقامة الجبرية منذ ثلاثة أشهر، بعد أن افرجت السلطة الحالية عن المعتقلين، طالبها في ذات الوقت أن تطلق سراحه، ونصحها بعدم المضي في قرارات النظام البائد، مطالبا بالاسراع بإطلاق سراح الشيخ موسي هلال‘‘. 

في اواخر ايام شهر أغسطس الماضي، نظمت اسرة الشيخ موسي هلال وقفة احتجاجية امام مقر تجمع المهنيين السودانيين للمطالبة بإطلاق سراحه، ونفت زيارته لو مرة واحدة منذ اعتقاله، وخاطب المحتجين محمد الحسن التعايشي، عضو مجلس السيادة، قائلا إن دولة القانون لن يكون فيها معتقل سياسي من دون وجه حق. 

ذلك فيما أكد المتحدث باسم مجلس الصحوة الثوري، احمد محمد ابكر، أن السلطات ترفض لهم زيارة ذويهم والتعرف على أماكن اعتقالهم، مناشدا المنظمات الدولية بالتدخل لإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط، مع اطلاق كافة أسرى الحرب والمعتقلين السياسيين من دارفور، جنوب كردفان، النيل الازرق. وحذر مجلس الصحوة الي يعد نفسه جزءا أساسيا من القوى التي تمردت على النظام السابق وأضعفته إلى ان سقط. 

مناضل أم مجرم 

تنظر ابنة موسي هلال أماني لوالدها كونه معارضا لنظام البشير، ومناضلا قاتل ضد النظام حتى إسقاطه، فيما يتمسك نازحون وضحايا من الحرب في الإقليم بضرورة محاسبته ويصفونه بالمجرم. واشارت أماني مقابلة خاصة مع (عاين) إلى سوء معاملة والدها داخل المعتقل الذي وصفته بغير الشرعي ويمكث فيه هلال منذ عامين. تضيف ابنته “منذ أن اعتقل الشيخ موسي هلال، السلطات لم تسمح للاسرة بزيارته، ومكتفين، ان الشيخ موسى زعيم قاعدة اجتماعية عريضة جدا، أن عملية اعتقاله في حد ذاتها معاناة، بالإضافة إلى تعرضه للحبس الانفرادي، والأمراض التي تأتي بسبب الضغط النفسي، مؤكدة أن الحبس الانفرادي في حد ذاته معاناة، ومعه قيادات  اعتقلوا بسببه، وكلهم لا تسمح السلطات لأسرهم بالزيارة، مثلا السافنا وحافظ داؤد، و هارون مديخير. 

 ذلك فيما كشف بعض المحامون تحدثت إليهم (عاين) بان حبيب الابن الكبر لموسي هلال أجريت له عمليتين وهو في المعتقل، الأمر الذي يدل على الظروف غير الانسانية وغير القانونية التي يتم بها الاعتقال. وتضيف أماني  أن والدها يعامل بطريقة غير انسانية، مشيرة إلى وجوده في الحبس الانفرادي مع عدم السماح له بالاجتماع، ومقابلة قاعدته الجماهيرية، وتصف التهم التي وجهها النظام السابق لوالدها وادعاء اعتقال الشيخ موسي هلال بسبب عملية جمع السلاح الافتراءات الكاذبة من قبل قادة النظام السابق ضد والدها، قبل ان تضيف ان “إلمامه  ومعرفته بأشياء غائبة عن الشعب تمثل الدولة العميقة يعد السبب الأساسي وراء تمديد اعتقاله. وتشير إلى ان قائد الدعم السريع الحالي تعمد وضعه في السجن رغم ان توجيهات البشير كانت تتعلق بوضعه تحت الاقامة الجبرية. 

 في المقابل،  يتمسك نازحون باقليم دارفور تحدثت اليهم (عاين)، بضرورة إنفاذ العدالة ومحاسبة موسي هلال على جرائمه، وتقديمه لمحاكم عادلة، موجهين أصابع اتهامهم لهلال وتورطه في العديد من الجرائم التي وقعت في دارفور منذ العام 2003. ويرى الطالب الجامعي الذي نشأ في منطقة شنقل طوباي بشمال دارفور محمد آدم ان محاكمة موسي هلال تعد مطلبا عادلا وأساسيا ومهما من أجل العدالة ومن ثم السلام في الإقليم. وقال آدم لـ (عاين) ان هلال يجب أن يحاكم وفقا لقوانين جديدة ومنصفة تصوغها وتجيزها حكومة الثورة. مضيف” موسي هلال أقر باشتراكه في الحرب التي شنتها الحكومة بعد العام 2003، لا يمكن أن تقبل بمجرد اعتذار رغم هذه الدماء التي سالت دون محاكمات واجراءات واضحة”. فيما يقول علي آدم من معسكر كلمة للنازحين في جنوب دارفور ان اعتقال موسي هلال لفترة طويلة دون محاكمة يعد أمرا غير قانوني لكنه يتمسك أيضا بضرورة محاكمته على الجرائم التي ارتكبها في أوقات سابقة في دارفور. مشددا ” الوضعية غير القانونية الحالية التي تضع فيها الحكومة حاليا، لا تمنع أهمية محاسبته وتقديمه لمحاكمة المعروفة للجميع”، قبل ان يضيف “موسي هلال نفسه أقر باشتراكه في تجنيد آلاف المقاتلين ليقاتلوا بجانب النظام السابق.

مع اقتراب محاكمته موسي هلال أمير حرب أم ضحية لنظام الانقاذ
تصر اماني علي ان نائب رئيس المجلس العسكري وقائد قوات الدعم السريع حميدتي هو المدبر والمخطط لاعتقاله، في وقت امتنع فيه حميدتي عن التحدث عن القضية لأنه هو من اعتقله. وتستنكر أماني استمرار اعتقال والدها موسي هلال

حميدتي المتهم الأول 

في يونيو الماضي وافق الفريق محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري، ورئيس اللجنة العليا للتفاوض مع الحركات المسلحة، على إطلاق سراح أسرى الحرب في سجون البلاد المختلفة، ونفى في ذات الوقت وجود معتقل سياسي في معتقلات السلطة الحالية، وقدر عدد المطلق سراحهم من قبل المجلس العسكري  بحوالي 235، في شهر يوليو الماضي، أغلبهم من حركتي تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي،  والمجلس الانتقالي السابق لحركة تحرير السودان.   

لكن منظمات حقوقية تقول ان عدد الأسرى من الجنود والضباط التابعين لقوات حرس الحدود التي يقودها موسي هلال يفوق ال200 أسير في سجون النظام منذ نوفمبر 2017.ويقول تقرير لمنظمة المركز الأفريقي لدراسات السلام والعدالة صدر في مايو الماضي ان عدد أسرى قوات موسى هلال يبلغ 239. 

  أماني موسي هلال ابنة القائد المثير للجدل، وجهت الاتهام الى المجلس العسكري بتحمل المسؤولية الكاملة وعلي رأسها قائد قوات الدعم السريع حميدتي حال وقوع اي اذي لوالدها المعتقل منذ حوالي العامين. تقول أماني في مقابلة خاصة مع ـ(عاين)، ان الاسرة لا تعرف  بالتحديد مكانه، مضيفة “مرة يقولون أنه في سجن القيادة العامة، مرة يقولون معتقلات الاستخبارات، مرة يقال ان حميدتي رحلهم الي معتقلات الدعم السريع في الجيلي، ومرة في معتقلات الجهاز، الاسرة لا تعرف مكانه بالضبط حتى الآن”  

تصر اماني علي ان نائب رئيس المجلس العسكري وقائد قوات الدعم السريع حميدتي هو المدبر والمخطط لاعتقاله، في وقت امتنع فيه حميدتي عن التحدث عن القضية لأنه هو من اعتقله. وتستنكر أماني استمرار اعتقال والدها موسي هلال رغم مشاركته في صناعة الثورة عن طريق التمرد على النظام القديم، داعية الى ضرورة إطلاق سراحه والدها بصورة عاجلة دون قيد أو شرط. وتشير أماني ان دليل مقاومة والدها للنظام السابق هي الاتهامات الكثيرة التي طالته من قبل قادة النظام السابق، ومنها اتهامه بالعمل مع حفتر في ليبييا وغيرها من الاتهامات.

توضح أماني موسي هلال أن  الأسرة قامت بعدة خطوات واتصالات مع جهات عديدة لإطلاق سراحه لكن باءت كل تلك الجهود بالفشل نسبة لتعنت المسئولين، قبل ان تضيف “ما قبل سقوط النظام كنا مكتفين ومهددين تماما، لا يوجد حراك في قضيته، وكان النظام البائد هو القاضي وهيئة الدفاع والشاكي،  ذهبنا للرئيس، قال القضية في يد اولاد عمه، وذهبنا لحميدتي، رد ليهم ان القضية في يد الرئيس البشير،”. وفي ذات الاتجاه يذهب أحد أفراد أسرة موسي هلال ومساعده ويدعي عبد المالك موسي إلى ان عدم اطلاق سراح موسى هلال يعود لخلافات شخصية بينه وحميدتي، يضيف أنه توقع  من قيادات المجلس العسكري ان يفرج عنه، موضحا ان التأخير لوجود خلافات شخصية بينه وبين حميدتي. 

ويري مساعد موسي هلال ان الثورة الحالية ابدلت دكتاتورا بدكتاتور جديدا، في اشارة لاتساع نفوذ حميدتي على حساب بقية المجلس السيادي وقبله المجلس العسكري. ويشير موسى إلى شكوكهم بأن  شيخ موسي الآن المعتقل الشهير التابع لجهاز الامن في موقف شندي ببحري. مبينا ان النظام استهدف قبيلة المحاميد كمجتمع به قرابة 2000 فرد اعتقل، البعض أطلق سراحهم وآخرين لا يزالون رهن الاعتقال.“انا كنت ضمن المعتقلين، اعتقلت في أكتوبر 2018، أطلق سراحي في مارس 2019، قرابة 5 شهور في المعتقل، دون وجه حق، سوى انه ناهض سياسات النظام السابق، نريد ان تتحقق العدالة لنا ولسوانا”. 

ويمضي للقول بأن ثورة ديسمبر لم تحقق شعاراتها، وذلك ببساطة لان نفوذ حميدتي ليس أعلي من نفوذ مجلس السيادة ومجلس الوزراء، بل أعلي حتي من الوثيقة الدستورية التي وقعوا عليها”. مردفا ” الشيخ موسي هلال زعيم ساعد في حقن الدماء، لكن من سفك الدماء في فض الاعتصام ما زال حرا طليقا، من ارتكبوا جرائم في حق الثوار، يتجولون بكل حرية”.  وكشف موسى عن العديد من المبادرات قامت بها قيادات من الإدارات الاهلية والسياسية بعد سقوط نظام البشير من أجل سد الفجوة بين هلال  حميدتي من اجل ابرام اتفاق حسن نوايا وإطلاق سراح هلال إلا أنها باءت بالفشل بسبب رفضها بواسطة حميدتي. 

مع اقتراب محاكمته موسي هلال أمير حرب أم ضحية لنظام الانقاذ

تجاهل من الحرية والتغيير 

وتدعوا أماني قوي الحرية والتغيير التعامل بجدية مع قضية اعتقال موسى هلال، مشيرة إلى تقدمهم بعريضة لقوي الحرية والتغيير، لكن لم تجد العريضة الاستجابة المطلوبة حتى الآن.وتضيف “حاليا البشير غير موجود، بعد سقوط النظام قدمت عريضة لقوي اعلان الحرية والتغيير، لبعض القيادات، بأنه كان اساسي في عملية التغيير، وسبق الآخرين في مواجهة فساد الدولة، ولا يوجد أي حراك من جانب قوى إعلان الحرية والتغيير، والحكومة الجديدة في هذا الشأن،  قضيته قضية عامة، اعتقل لأسباب، رفضه تنفيذ أوامر قيادات النظام السابق، واتهامه لهم بالفساد، وهذه اسباب مشرفة، معروف انه صنديد، ولا تنقص من قدره، اكيد قلم الظلم مكسور”. 

 عبدالمالك موسى المقرب من موسي هلال، يرى أن أهداف ثورة ديسمبر الماضي والتي تمثلت في شعارات الحرية والسلام والعدالة التي رفعها أبناء الشعب السوداني لم تتحقق على الارض حتي الان. ويقول عبدالمالك في حديث لـ(عاين) ان أهداف الثورة لم تتحقق بعد، لان الشيخ موسي هلال الذي قاوم النظام ما يزال في المعتقل. ويقول استبشرنا بعد سقوط النظام، ان يطلق سراحه لكن الثورة لم تنجح بعد، في إطلاق سراح الشيخ موسي هلال ، مضيفا أنه تفاجأ بعدم اطلاق سراحه، مازال حبيسا داخل معتقلات النظام السابق دون وجه حق،  “حتى بعض أسرى الحرب أفرج عنهم، ولماذا موسي هلال مازال قابعا في الاعتقال؟ “. 

ويدعو موسى الى الافراج الفوري عن زعيمه، قائلا :”  الان تشكلت حكومة جديدة، لها مجلس سيادة وحكومة تنفيذية، جاءت عبر نضالات الشعب، وأهدافه التي ثار من أجلها، حرية سلام عدالة، الان الشيخ  في المعتقل لقرابة السنتين بدون حقوق، حتى الحقوق التي كفلها له القانون، لم تعطي له”. ويتفق مع ابنة موسي، بان مؤسسات الدولة لم تسمح للأسرة بالزيارة، ولا تعرف وضعه  الصحي، ولا حتى اتصال لأسرته للاطمئنان عليه، مع اربعة من اولاده. 

 يتساءل مساعد موسي هلال عن أسباب عدم إطلاق زعيمه، عازيا ذلك الى ازدواج المعايير “لماذا يكون في خيار وفقوس في العدالة؟، بعض اعضاء قوى الحرية التغيير المعتقلين، بعد سقوط النظام أطلق سراحهم، واطلاق سراح أسرى الحرب حوالي 130 من حركة تحرير السودان جناح مني أركو مناوي. مضيفا “في حكومة الان تشكلت، أتت بإرادة الشعب، وعلى رئيس الوزراء محمد عبدالله حمدوك أن يطلق سراح الشيخ موسى، لأنه ناهض النظام السابق، لذا لا يوجد مبرر أن يستمر اعتقاله حتى الآن”. 

ويرى الرجل المقرب من موسي هلال ان زعيمه له الحق الكامل ليس فقط في الحرية بل في ان يصبح جزءا من العملية السياسية الراهنة في البلاد، لأنه كان معارضا للنظام السابق حتى آخر لحظة. “مجلس الصحوة الثوري، من ضمن القوى الموقعة على إعلان قوي الحرية والتغيير، وحتى قوي الحرية والتغيير لم تطالب بإطلاق سراحه”. ورغم تأكيد عضو مجلس السيادي عن الحرية والتغيير محمد حسن التعايشي الاسبوع الماضي بان حكومته لن تسمح بوجود معتقلين دون محاكمات عادلة، إلا ان وضعية قائد الجنجويد السابق ما تزال كما هي عليه. ويرى الناشط الحقوقي ابراهيم الضي ان السلطات في الحكومة الجديدة تجاهلت بشكل واضح مطالب الأسرة وأنصار موسي هلال، رغم ان المذكرات بشأن وضعه القانوني رفعت لمجلس السيادة ومجلس الوزراء ورئيس القضاء الحالي. 

خلافات 

وكانت خلافات عميقة وقعت بين موسى هلال وابن عمه قائد قوات الدعم السريع حميدتي، بسبب رفض الأول الامتثال للقرارات الحكومية التي أعلنت عن حملة لجمع السلاح في كافة أنحاء السودان وعلي راسها اقليم دارفور المضطرب، اضافة لرفض موسي هلال دمج قواته في قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي منذ العام 2013، قبل ان يقوم باعتقاله بعد معركة قصيرة في معقل هلال الحصين في منطقة (مستريحة) بشمال دارفور في نوفمبر 2017وكان هلال مقربا من الرئيس السابق عمر البشير قبل أن يستبدله بـ حميدتي بعد ان تعاظمت قوة هلال، ورفض الامتثال لأوامر الخرطوم ووجه لها انتقادات قاسية، موقعا اتفاقيات مع حركات التمرد في البلاد بعد ان أسس تنظيمه السياسي ((مجلس الصحوة الثوري)). 

وبعد أن بدأت أصابع الاتهام الدولي تشير إلى جرائم ارتكبها منذ العام 2003 بعد أن أسس مليشيات الجنجويد لمعاونة النظام البشير في حربه ضد متمردي دارفور، تم تعيين هلال مستشارا  لشئون الحكم الاتحادي في حكومة عمر البشير في العام 2008، ليتم بعدها بقائه ضمن مقاعد البرلمان القومي في الخرطوم الي ان خرج على النظام في العام 2014 وأسس مجلس الصحوة الثوري. واشتهرت العلاقة المعقدة بين هلال والبشير بالتقارب الاجتماعي الشديد اذ أشرف البشير علي زواج ابنته أماني من الرئيس التشادي ادريس ديبي في العام 2012. وبدأت أسباب الخلافات في التصاعد في العام 2017 عندما عقد هلال مخاطية جماهيرية في مستريحة أكد خلالها استعداده لمواجهة النظام ورفضه الامتثال لنزع السلاح ودمج قواته ضمن قوات الدعم السريع. 

مع اقتراب محاكمته موسي هلال أمير حرب أم ضحية لنظام الانقاذ

تضارب مصالح 

لكن، هل ترسم هذه الأسباب أعلاه الصورة الكاملة للتصعيد والحرب بين أبناء العمومة وحلفاء البشير وقادة الجنجويد القدامي والجدد، بعض المقربون من الرجلين يرون غير ذلك، ويعزون أسباب الخلافات لما هو أعمق من ذلك. ويري محللون ان تضارب المصالح بين هلال وحكومة البشير من جانب وبين هلال وحميدتي من جانب آخر تعد المحرك الأساسي للحرب التي استعرت بين الرجلين وانتهت بهزيمة هلال وانتصار حميدتي بمعاونة نظام البشير.  ويري هلال ان حملة جمع السلاح، أعدت بشكل أساسي من قبل نظام البشير لإضعاف قوته بعد أن تمرد علي الدولة المركزية التي بدأت تعد حميدتي لاحتلال مكانته ونفوذه القديم. يقول مساعد هلال، مالك موسى ان أسباب النزاع بين هلال وحميدتي تعود لأمور استراتيجية بينها رفض موسي هلال

 الانخراط في حرب اليمن وإرسال قواته إلى هناك، واصفا قوات حميدتي التي تقاتل في اليمن بالمرتزقة التي تعمل لصالح المملكة العربية السعودية. قبل ان يضيف “لقد تم ايضا ارسالهم الي ليبيا بمعاونة الإماراتيين وموسي هلال رفض تحويل قواته لسلعة”، مشيرا إلى ان العائد المادي من تلك الحرب يعد السبب الأساسي الذي دفع حميدتي ارسال قواته الى هناك. ويشير مالك موسى في مقابلته مع (عاين) إلى أسباب اقتصادية أخرى علي رأسها النزاع بين الرجلين علي السيطرة علي منطقة جبل عامر الغنية بالذهب في الإقليم. وكانت القوات التابعة لموسي هلال قبل هزيمتها وإلقاء القبض عليه تقوم بتصدير الذهب وتفرض اتاوات على المنقبين عن الذهب في المنطقة. 

وتقدر الأمم المتحدة كميات الذهب التي تم تهريبها من السودان الى دولة الامارات خلال الفترة من 2010 الي 2014 بما يعادل 4.6 مليار دولار. بعد ان تكن حميدتي من إلقاء القبض علي موسي هلال سيطرته شركة (الجنيد) التابعة لحميدتي علي كافة عمليات التعدين في جبل عامر، كما يؤكد مالك موسي.