مدنيون مفقودون.. أصوات خافتة في حرب السودان
16 مايو 2023
منذ اندلاع المعارك بين الجيش والدعم السريع في العاصمة السودانية تتزايد أعداد المدنيين المفقودين قسريا بينما عاد البعض من “مراكز احتجاز” وفق إفادات نشطاء يعملون في عمليات البحث عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
في المرة الأولى، غادر الشاب عصام الدين أحمد عيسى وهو أحد المفقودين منزله بحي أمبدة العاشرة بمدينة أمدرمان غربي العاصمة السودانية متوجها الى الخرطوم بحري بواسطة سيارة خاصة وفي شارع الشهيد مطر “الإنقاذ” أوقفه مسلحون ونهبوا سيارته وهاتفه المحمول ونقوده ثم عاد الى المنزل في أم درمان بحسب شقيقته.
تضيف شقيقته في مقابلة مع (عاين ):”غادر شقيقي عصام الدين المنزل مرة أخرى الى الخرطوم منذ 29 أبريل 2023 ولم يكن معه الهاتف الخاص به ولم يعد الى المنزل حتى اليوم ولا يمكن التحرك في ظل هذه الظروف الأمنية الخروج للبحث عنه”.
لم تلجأ عائلة عصام الى قسم الشرطة لتدوين بلاغ الاختفاء القسري لأن مركز الشرطة مغلق منذ بداية الصراع المسلح منتصف أبريل 2023 مثل غالبية أقسام الشرطة التي تقع بعضها تحت قبضة قوات الدعم السريع حسب بيان الجيش السوداني.
مبادرة مفقود: عدد المفقودين يتراوح بين 190 الى 180 بعد عودة حوالي 10 أشخاص الى عائلاتهم من قبضة قوة عسكرية تقتاد عشرات المدنيين من الشوارع
بينما بلغ عدد المختفين قسريا منذ شهر 190 شخصا من المدنيين وعاد حوالي عشرة أشخاص الى عائلاتهم منهم مفقود من أصول سودانية يحمل جوار بريطاني أفرج عنه من مركز احتجاز بالعاصمة السودانية.
وأبلغ مصدر من مبادرة مفقود (عاين) مشترطا حجب هويته لخطورة الكشف عن الاسم أن عدد المفقودين يتراوح بين 190 الى 180 بعد عودة حوالي عشرة أشخاص الى عائلاتهم من قبضة قوة عسكرية تقتاد عشرات المدنيين من الشوارع.
وأضاف :”نحن في وضع خطير للغاية و نخشى على سلامة المفقودين حال تعرضهم الى الاعتقال ونحن نشعر بأن أغلب المفقودين يقبعون في مواقع احتجاز خاصة وأن البعض منهم عاد الى المنزل ومنهم من مكث ثلاثة أسابيع في مراكز الاحتجاز”.
ويضيف : “في خضم نزاع مسلح وعنيف كان من الصعب الوصول الى مفقودين في منازلهم خاصة مع عدم الاستجابة للاتصالات الهاتفية في مناطق وجدت نفسها في قلب النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع”.
من بين هذه الحالات السيدة ماجدولين وهي طبيبة اختصاصية في مجال التخدير بحي العمارات شرق العاصمة عثروا على جثتها رفقة شقيقتها مقتولتين بفعل مداهمة لغرض النهب يضيف هذا المصدر.
واضطر متطوعون برفقة أطباء من الوصول الى مبنى الشقيقتين بحي العمارات شرق الخرطوم ودفن الجثتين في حديقة المنزل لتعذر نقلهما إلى المشرحة أو المقبرة بسبب تحلل الجثث نتيجة الانتظار لأكثر من أسبوع بحسب ما ذكر ناشط من المبادرة في مقابلة مع (عاين).
وفي بعض المناطق مثل حي الحلة الجديدة جنوب العاصمة جرى دفن جثتين متحللتين في مقبرة مجاورة مع التقاط صور للوجه بسبب تحللها في ظل صعوبة دخول فرق الإنقاذ والإخلاء وأبرزها الهلال الأحمر السوداني واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ذكر متحدث من الهلال الأحمر السوداني في مقابلة مع (عاين) أن الوضع الميداني في شوارع العاصمة السودانية لا يسمح بدخول فرق الإنقاذ دون ضمانات أمنية
وأشار هذا المتحدث الى أن تقديم ضمانات من الطرفين العسكريين لم يعد مطروقا في الوقت الراهن ولا يمكن الحصول على ضمانات بحماية أطقم الإسعاف والإنقاذ في ظل عدم ثقتنا في تسلسل الأوامر العسكرية الى الجنود في ميدان المعركة.
وطبقا لأحمد حسن العامل السابق في منظمة طوعية كانت تتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن حالات الاختفاء القسري للمدنيين أثناء الصراعات المسلحة تستوجب تحركات من النشطاء المدنيين لرفع “صوت المدنيين” وسط هذا النزاع العسكري الأعنف من نوعه في السودان منذ سنوات طويلة.
يرى حسن في مقابلة مع (عاين) أن ملف المفقودين لم يناقش ضمن إعلان جدة لحماية المدينين والذي وقعه عليه ممثلو الجيش والدعم السريع.
ويؤكد حسن أنه يتفهم رغبة الوساط الأميركيين والسعوديين في “تثبيت اتفاق أولي ” لكن يجب الوضع في الاعتبار أن المفقودين قسريا في تزايد مستمر ويجب الضغط المحلي والدولي على أي ظرف يقوم بإخفاء المدنيين قسريا.