“مناوي” حاكماً لإقليم دارفور.. ماهي أبرز التحديات؟
8 يونيو 2021
بعد مرور شهر على تعيين القيادي بالجبهة الثورية، ورئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، حاكمًا عامًا لإقليم دارفور، ما يزال الموقف ضبابيًا فيما يخص القرار، فبعد اتساع رقعة الأصوات الرافضة للقرار من داخل وخارج الإقليم وتصريحات بعض الولاة عقب التعيين، برزت أصوات تشير إلى عدم اتساق القرار مع الوضع الحالي للبلاد، وأخرى تذهب في اتجاه آخر حيث ترى أن مجلس الوزراء تعجل في تعيين حاكمًا للإقليم قبل تحول البلاد بالكامل إلى أقاليم. إضافة إلى ردود أفعال سالبة ترفض تحول دارفور إلى إقليم واحد، الأمر الذي يضع مناوي أمام تحديات ضخمة في إدارة إقليم دارفور المتوتر.
وكان رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، أصدر قراراً في بداية شهر مايو الفائت بتعيين مني أركو مناوي حاكما عامًا لإقليم دارفور، كاستحقاق لاتفاقية جوبا لسلام السودان، وعلق مناوي مشيدًا بالقرار ومثمنًا جهود مجلسي السيادة والوزراء آملًأ في التعاون المشترك بين كل المكونات.
– مؤتمر الحكم
وكان من المفترض أن تقيم الحكومة مع شركاء السلام، مؤتمرًا لقضايا الحكم والإدارة يحدد فيه شكل الحكم، بعد 6 أشهر من توقيع اتفاقية جوبا لسلام السودان، وبعد انتهاء تلك المهلة يبرر قانونيون ذلك بأن تعذر قيام مؤتمر الحكم يستعاض عنه بالشروع في تكوين هياكل الأقاليم مباشرة، في الوقت الذي لم ينفوا فيه أن تعيين مناوي جاء بقرار سياسي.
– مسؤوليات ضخمة
وتباينت ردود الأفعال حول القرار، حيث جاء بعضها مؤيدًا بينما جاء الآخر معارضًا للقرار، ويرجع محللون ذلك إلى ضخامة المسؤوليات التي يضطلع بها مناوي كحاكم لإقليم دارفور الذي يشهد حروبًأ ونزاعات منذ أكثر من 15 عامًا. ونشطت آراء مناوئة لتعيين مناوي بدافع أن هياكل الحكم الإقليمي لم تكتمل بعد، والتي من المفترض أن تُحسم بعد مؤتمر الإدارة والحكم الذي سيناقش عدد الولايات وأوضاعها، خاصة في دارفور المقسمة حاليا لخمس ولايات وما زال الولاة المعينين حديثًا على مقاعدهم.
– والي الولاة
وبهذا الصدد جرى لقاءاً بين رئيس الوزراء ومناوي لبحث ترتيبات ما بعد التعيين، وقال مناوي – في تصريح صحفي – إن اللقاء ناقش الإسراع في الدعوة للجلوس مع ولاة الولايات بدارفور الموجودين حالياً، وتعيين الولاة الجدد بحكم اتفاق جوبا لسلام السودان، وكذلك الخطة العاجلة التي تم وضعها للتعامل مع النازحين واللاجئين وكذلك المصالحات الاهلية والمؤتمرات القاعدية.
وفي رصد (عاين) لردود أفعال ولاة الولايات تجاه تعيين مناوي حاكما للإقليم، وصف والي ولاية وسط دارفور د. أديب عبدالرحمن، القرار بالمتعجل، معللًا بأن المناطق التي خرجت من الحروب ليست كالمناطق الطبيعية، لجهة أن تعيين مسؤولاً عليها يحتاج إلى مشاورات وليس قرارات، مشيراً إلى أن مثل هذه القرارات أدت إلى تعقيد الأوضاع، في الوقت الذي انتقد فيه والي غرب دارفور محمد عبد الله الدومة أن تكون الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، عاصمة للإقليم.
– مسافة واحدة
ويقول المواطن عبد الرحمن آدم أحمد لـ(عاين)، إن قرار تعيين مناوي حاكمًا لإقليم دارفور يواجه عددًا من الصعوبات المتعلقة بطبيعة المنطقة والنزاعات الأهلية المستمرة فيها، وأضاف أن مناوي سيفشل في إدارة الإقليم إذا لم يقف في مسافة واحدة من كل المكونات الاجتماعية الموجودة، منوهًا في ذلك إلى ضرورة التعيين في هياكل الإقليم والإدارات والمؤسسات اعتمادًا على الكفاءة وليس على القبيلة متخوفًا من احتمال انحياز مناوي إلى قبيلة دون الأخرى.
وفي التشبيه بين حالة مناوي وحالة والي كسلا السابق صالح عمار، الذي واجه صعوبات ورفض من مكونات اهلية في الإقليم، ما قاد في نهاية الأمر إلى إقالته، يشير عبد الرحمن آدم أحمد، إلى أن واقع دارفور يختلف عن واقع المناطق الأخرى، ورجح أن الاحتكاكات إذا تصاعدت يمكن أن تؤدي إلى اشتباكات مسلحة بين تلك المجموعات ما يؤدي إلى نشوب حرب جديدة بسبب التنازع على سلطة الإقليم.
وأكد عبد الرحمن على الفرصة الكبيرة التي تلقاها مناوي باعتباره أحد قادة الكفاح المسلح كحاكم لدارفور، وما تحتاجه المنطقة من تنمية الأمر الذي يتوجب على قيادتها توجيه كل مصادرها لصالح التنمية واستدامة السلام والاستقرار والأمن.
– علة الإختيار
ومن جانبه اعتبر منسق لجان الخدمات والتغيير بولاية شرق دارفور، حسين السيد عمر لـ(عاين)، اعتبر وجود أحد قادة الكفاح المسلح حاكمًا للإقليم أمر جيد ونقلة نوعية خاصة في ظل نظام حكم فيدرالي، واستنكر في نفس الوقت اختياره عن طريق المركز، وقال إنه من الأفضل اختياره عبر مؤتمر الحكم او انتخابه من أبناء منطقة دارفور، واستبعد في ذات الأوان أن يسبب تعيين مني خلافات قبلية، معتبرًا أن مناوي أحد مفجري ثورة دارفور وأن نضاله كان باسم شعب دارفور، ولم يستنكر وجود رفض لقرار تعيين مني.
ودعا رافضي القرار لتوجيه مجهودهم ناحية تنفيذ اتفاق بروتوكولات اتفاقية جوبا لسلام السودان حسب مصفوفتها الزمنية، وناشد أبناء دارفور للتضامن والتوافق برغم اختلافاتهم على الحد الأدنى المتفق عليه للخروج بدارفور إلى بر الأمان.
– أولويات
ومن ناحيته، يقول الناطق الرسمي الحركة تحرير السودان، محمد حسن هارون، إن اتفاقية جوبا جاءت بعد نضالات وتضحيات كبيرة قدمتها حركات الكفاح المسلح، وأضاف أن هذا الاتفاق ليس لدارفور فقط وإنما لكل أبناء السودان لأنه سيجلب الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وقال إن أهم الأولويات التي يركزون عليها في الحركة هي الملف الأمني الخاص بترتيبات الجيوش ومن ثم الملف الإنساني الخاص بإعادة ترتيب أوضاع النازحين وإرجاعهم إلى قراهم الأصلية، وقال : “نحن في حركة تحرير السودان على يقين بأننا قادرون على الخروج بدارفور من هذا المأزق بالتعاون مع رفاق الكفاح المسلح”.
وتحدث هارون في مقابلة مع (عاين)، عن التحديات الكبيرة التي تواجه تنفيذ اتفاق جوبا بغياب حركتي تحرير السودان والشعبية، مضيفًأ إلى ذلك التحديات التي تواجه حكم إقليم دارفور، داعيًا أبناء دارفور إلى التوحد وترك المشاحنات والتعصب والتجرد من الانتماءات السياسية والإثنية والعرقية.