انقلاب السودان.. الملفات الأمنية خارج سيطرة المدنيين في السلطة
انقلاب السودان.. الملفات الأمنية خارج سيطرة المدنيين في السلطة
21 سبتمبر 2021
عاشت العاصمة السودانية فجر اليوم الثلاثاء توتراً بالغاً بعد أن سرت أنباء في الساعات الأولى من الصباح عن محاولة ضباط في الجيش السوداني الاستيلاء على السلطة بالقوة، فيما انتشرت عدد من مدرعات الجيش في شوارع قريبة من مقر القيادة العامة للجيش وإغلاق أحد الجسور الرئيسية في الخرطوم، قبل ان تعلن الحكومة الانتقالية في البلاد إحباط العملية الانقلابية وهي الرابعة من نوعها منذ تشكيل الحكومة في اعقاب الاطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
ويتقاسم المدنيون والعسكريون في السودان منذ أغسطس 2019، حكومة انتقالية مهمتها الإشراف على عودة الحكم المدني الكامل، لكن هذه المهمة تواجه عثرات عديدة واتهامات متبادلة بين الإطراف.
هوية منفذي العملية
وفيما اتهم رئيس مجلس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، جهات داخل وخارج القوات المسلحة بتدبير المحاولة الانقلابية وهو إمتداد لمحاولات فلول النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي. قال رئيس مجلس السيادة السوداني، وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لدى زيارته سلاح المدرعات نهار اليوم ان الهوية السياسية للضباط الذين قاموا بالمحاولة الانقلابية الفاشلة غير معلومة- وفقا لما نقلته قنوات عربية.
وقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، إن المحاولة الانقلابية الفاشلة صباح اليوم كانت تستهدف الثورة وكل ما حققه الشعب السوداني من انجاز وتقويض الانتقال المدني الديمقراطي وإغلاق الطريق أمام حركة التاريخ، واشار إلى أن عزيمة شعب السودان أقوى والردة مستحيلة.
رئيس الوزراء: “الانقلاب مظهر من مظاهر الأزمة الوطنية ويؤشر لضرورة إصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية ويستدعي مراجعة الشراكة على أسس وطريق يؤدي الى الانتقال المدني الديمقراطي”.
وكشف حمدوك في اجتماعه اليوم مع قوى إعلان الحرية والتغيير عن اجراء اتصالات مع رئيس مجلس السيادة، وقال إن ما حدث انقلاب مدبر من جهات داخل وخارج القوات المسلحة وهو إمتداد لمحاولات الفلول منذ سقوط النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي.
حمدوك: “المحاولة الانقلابية سبقتها تحضيرات واسعة تمثلت في الانفلات الأمني في المدن واستغلال الأوضاع في شرق البلاد ومحاولات إغلاق الطرق وإنتاج النفط والتحريض المستمر ضد الحكومة المدنية”.
وقال رئيس الوزراء، إن الانقلاب مظهر من مظاهر الأزمة الوطنية ويؤشر لضرورة إصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية ويستدعي مراجعة الشراكة على أسس وطريق يؤدي الى الانتقال المدني الديمقراطي. وشدد على أن القبض على أشخاص اثناء العملية الانقلابية يستدعي كشف الحقائق كاملة للشعب السوداني ومحاسبة كل الضالعين من العسكريين والمدنيين.
وأكد حمدوك، في خطاب للسودانيين، أن الحكومة الانتقالية ولجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ستتخذ إجراءات ومواصلة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو الذي لا يزال يشكل خطرا على الانتقال.
ودعا حمدوك، الشعب السوداني الى ضرورة ممارسة حقه في التعبير ودعم الحكومة ونادى بضرورة اكمال هياكل السلطة الانتقالية والتي أهمها المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية ومجلس القضاء إضافة للمفوضيات.
ارتباك
وفيما استبق المدنيون في السلطة الانتقالية قادة الجيش لإعلان احباط المحاولة الانقلابية، اكتفى المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة الطاهر ابو هاجة ببيان مقتضب اكد فيه اعتقال 21 من الضباط وضباط الصف والجنود منفذي العملية واستعادة كل المواقع التي سيطر عليها الانقلابيين.
فيما أكد مسؤول في المكون المدني بمجلس السيادة الانتقالي، شح المعلومات حول العملية، وقال مفضلا حجب اسمه لـ(عاين)، “ننتظر الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن والدفاع المقرر أن ينعقد خلال الساعات القادمة”.
محلل سياسي: السلطة التنفيذية ومجلس الوزراء خارج دائرة الملفات الأمنية
وطبقاً لذلك، يرى المحلل السياسي يوسف سراج الدين، أن السلطة التنفيذية ومجلس الوزراء خارج دائرة الملفات الأمنية، وأضاف” كان من الممكن أن يعلن المكون العسكري في مثل هذا اليوم انحيازه للشارع والحفاظ على مكتسبات الثورة ولكن لم يحدث ذلك” .
وبحسب سراج الدين، فأن الإنقلاب كان معلناً وكل الإرهاصات في الأيام الفائتة تشير إلى ان هناك من يعمل على اعادة العجلة الى الوراء ويغذي ذلك التباعد بين مكوني الحكم واقعياً ولا تعدو اكثر من شراكة فوقية، ومع قرب نهاية رئاسة العسكر للحكومة بدت هناك أطماع واضحة تظهر في قصور العسكر في تنفيذ مايليهم من الوثيقة الدستورية وعدم إصلاح المؤسسة العسكرية يساعد على ظهور مجموعات انقلابية من فترة لأخرى في ظل التشاكسات القائمة وهذا انقضاض على شعارات الثورة.
ويقول سراج الدين لـ(عاين) ان المناخ ماعاد مواتياً للإنقلاب العسكري على الرغم من وجود اخفاقات وانتقادات واسعة المؤسسة العسكرية جزء منها بعدم تفكيك النظام البائد بالشكل المطلوب، ويظهر ذلك في أحداث شرق السودان الدائرة في الوقت الحالي بقيادة الناظر ترك التى تجاوزت انها مطالب عادية وامتدت الى المطالبة بالغاء مسار الشرق يتضح هنا استخدام نظار الشرق لتنفيذ اجندة النظام البائد، وهذا من ضمن المخطط الذي كان يمضى بترتيب ودقة انتظم في ولايات الشرق ومدن اخرى وهناك قصور واضح في التصدى لمثل هذه التحركات .
رد فعل دولي
وفي أول رد فعل دولي حول المحاولة الانقلابية الفاشلة بالبلاد، أعربت دول الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج) عن دعمها القوي لعملية الانتقال الديمقراطي للسودان.
ورفضت أي محاولات لعرقلة أو تعطيل جهود الشعب السوداني لإنشاء مستقبل ديمقراطي سلمي ومزدهر مطالبة بأن يعمل المكونان المدني والعسكري – وجميع الفاعلين السياسيين معًا لمنع التهديدات التي تواجه الانتقال الديمقراطي، وإنشاء مؤسسات إنتقالية، ومعالجة التوترات في الشرق والمناطق الأخرى.
وقالت دول الترويكا “يجب على أولئك الذين يسعون لتقويض عملية الانتقال التي يقودها المدنيون أن يفهموا أن شركاء السودان الدوليين يقفون بحزم خلف شعب السودان وحكومته الانتقالية.
أحزاب ترفض
وفي تعليقه على المحاولة الانقلابية، يؤكد الحزب الشيوعي السوداني أن موقفة المبدئي الرافض للإنقلابات اي كانت أسبابها. ويشدد الحزب الذي خرج عن تحالف قوى الحرية والتغيير -الحزب الحاكم- يشدد على أن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت فجر اليوم نتيجة استلام العسكر للسلطة في الحادي عشر من أبريل الفين وعشرين ، بدلاً من ان تسير الثورة الى مجراها الطبيعي وتأتي بسلطة مدنية كاملة.
وقال المتحدث بإسم الحزب الشيوعي السوداني، فتحي فضل، لـ(عاين) رغم رأينا في الوثيقة الدستورية وضعفها إلا أننا ظللنا ننادي بالالتزام ببنودها ولكن المكون العسكري تقاعس في تنفيذها سيما اعادة هيكلة القوات المسلحة بعد ان تحولت من القومية الى الحزبية خلال ثلاثين عاماً والتناقضات داخل الاسلاميين جعلت منها مطية للانقلابات.
ويوضح المتحدث باسم الحزب الشيوعي السوداني ، أن الحكومة تتريس في التعامل تجاه مايقوم به الناظر ترك في شرق السودان وهو احد الدلائل الواضحة بأن هناك مخطط يمضي بمساعدة جزء من السلطة لذلك يجب اسقاط هذه السلطة لتأتي سلطة مدنية كاملة وهذا هو الحل .
ويشير فضل إلى أن تصفية النظام السابق ليست مسؤولية السلطة وحدها ولكن دورها مهم وقال ” نهيب بجماهير الشعب السوداني أن تتهيأ للدفاع عن ثورتها والدفاع عن حقوقها لان السلطة الحالية لاتستطيع الدفاع عن مبادئ الثورة التى لا تؤمن بها وهزيمة التفكير الإنقلابي تتطلب التفاف قوى الثورة وبعد سنتين من الحكم لم يحدث انجاو في ملفات الأمن والاقتصاد والسلام والسياسة الخارجية “.
مغامرة
ويصف حزب المؤتمر السوداني- مشارك في الحكومة- المحاولة الانقلابية بـ”مغامرة طائشة وخيار خاطئ في توقيت غير مناسب”. ويعتقد القيادي بحزب المؤتمر السوداني، نور الدين صلاح الدين، في مقابلة مع (عاين) بأن الخلافات بين الإئتلاف الحاكم ومكونات الإنتقال تخلق مناخ خصب للإنقلابات رغم أن الخلافات شيء طبيعي اذا تم إدارتها بشكل ايجابي وتحجيمها حتى لاتصل مرحلة التصدع وتطيح بالفترة الإنتقالية .
وينظر صلاح الدين، إلى أن الانقلاب الذي حدث فجر اليوم رسالة واضحة لمكونات الحكم للتعامل بجدية أكثر في إدارة الملفات خاصة الأمن والإقتصاد وما تبقى من ملف السلام والتحول الديمقراطي، وإعداد المسرح لقيام الانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية .