مرتزقة الدعم السريع من جنوب السودان.. مخاوف (جوبا) على النفط
عاين- 7 أبريل 2024
الجيش الوطني لجنوب السودان، والمعروف أيضًا باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، نأى بنفسه عن أي روابط أو صلة بالمرتزقة ال١٤ من جنوب السودان الذين أسرتهم القوات المسلحة السودانية، والذين يُزعم أنهم كانوا يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع في مارس من العام الجاري، أثناء استعادة الجيش السوداني لمقر هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهو الموقع الذي سيطرت عليه قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب.
وكان المتحدث باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، الجنرال لول رواي قال لـ(عاين) في العاصمة جوبا إن “الجيش لا علاقة له بالمرتزقة”.
وشدد: “لا، هؤلاء المرتزقة ليسوا أعضاء في قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان وليس لديهم ارتباط بهذه القوات بأي شكل من الأشكال”. وأضاف المتحدث الرسمي باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، قائلا “بل هم أفراد من جنوب السودان قاتلوا بمفردهم كمرتزقة”.
و في منتصف فبراير الماضي، تم تسريب تقرير صادر عن فريق خبراء من الأمم المتحدة، يؤكد على عدم معرفة حكومة جنوب السودان بأنشطة المرتزقة في البلد المجاور. وتنفي الحكومة أيضا أي مزاعم بضلوع بعض أفراد الجيش بتهريب النفط لدعم قوات الدعم السريع في دارفور.
لما يقارب العام، تدور في السودان حرب سياسية واقتصادية بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه النظامية، ما أدى إلى نزوح أكثر من ٧ ملايين شخص وتسبب في نقص حاد في الغذاء في جميع أنحاء البلاد. و قد فشلت جهود التفاوض الإقليمية المتعددة في التوصل إلى أي تسوية، ما أثار مخاوف من أن تؤدي الحرب في السودان إلى جر أطراف إقليمية تدريجياً إلى المعركة.
ويؤكد القبض على المرتزقة ال١٤ من جنوب السودان ادعاء الجيش السوداني بشأن التكوين لقوات الدعم السريع القتالية، لطالما اتهم كبار الجنرالات العسكريين في الجيش قوات الدعم السريع بتجنيد مقاتلين من دول الجوار. ووفقاً لصحيفة سودان تربيون، فإن المجموعة التي تم القبض عليها تمتلك خبرة في تشغيل المدفعية الثقيلة والطائرات بدون طيار.
وكان الجنرال وليام مانيانغ ماياك، قائد فرقة المشاة الرابعة في ولاية الوحدة، قد قال إن الجيش لديه معلومات موثوقة عن تعاون قوات الدعم السريع مع متمردي جنوب السودان بقيادة الجنرال ستيفن بواي رولنيانغ.
وادعى الجنرال مانيانج أن قوات الدعم السريع وقوات الجنرال بواي كانت تخطط لشن هجمات على مدينة الفولة وهجليج بغرب كدرفان، ثم على حدود جنوب السودان وحقول النفط هناك، نقلا عن مصادر داخل السودان ساعدت الجيش في جمع المعلومات عن أنشطتهم.
في عام ٢٠٢١، انشق الجنرال بواي، القائد السابق لفرقة المشاة الرابعة، بعد سنوات من احتجازه للاشتباه في تعاونه مع الجيش الشعبي لتحرير السودان – المعارض. (المتمرد).
الحياد القائم على الحاجة
حرصت حكومة جنوب السودان على اتخاذ موقف محايد تجاه كلا الطرفين المتحاربين لضمان تكرير النفط الخام الجنوب سوداني في السودان المجاور و الذي يشكل ٩٥% من دخل الدولة.
وقال دينيس دومو القائم بأعمال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في جنوب السودان، لـ(عاين) عندما سُئل عما إذا كان أسر المرتزقة الجنوب سودانيين سيؤثر على علاقة جنوب السودان بجارتها الشمالية: “لا، لن يغير ذلك أي شيء”.
“لا يزال موقفنا المحايد كما هو. وكما ذكر رئيسنا سلفا كير، فإن السلام في السودان يعني السلام في جنوب السودان. ونأمل أن يجلس أطراف النزاع قريباً لحل خلافاتهم”.
سلام تاديسي ديميسي، المحلل الأمني في منطقة القرن الأفريقي بأديس يقول: “يجب على جنوب السودان أن يحافظ على الحياد تجاه الأطراف المتحاربة لتجنب جعل حقل النفط هدفا”. ويتابع سلام: “يجب أن تكون حماية الحقل النفطي محور الجهود الإقليمية والدولية لحل النزاع، مع تحميل الطرفين في السودان المسؤولية المطلقة. وبالتوازي مع ذلك، هناك حاجة إلى مساعدات مالية دولية لمعالجة الوضع الإنساني المتردي في جنوب السودان”.
مشاكل إنتاج النفط
بعد حدوث ضرر بالغ في خط الأنابيب حسب مرصد السودان للحرب، ينقل النفط الخام من جنوب السودان عبر الأراضي السودانية إلى بورتسودان، مما دفع وزير النفط السوداني إلى إبلاغ شركاء الإنتاج الصينيين والماليزيين بأن السودان لا يستطيع الوفاء بالتزاماته في تسليم النفط الخام. وقد حدث الضرر بسبب انسداد في خط أنابيب تحت الأرض في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في شمال ولاية النيل الأبيض في قرية تبعد حوالي ٢٠ كم جنوب مدينة القطينة بالقرب من خط المواجهة مع القوات المسلحة السودانية
وبسبب العمليات العسكرية في المنطقة، نفذ الديزل من محطات الضخ التي تديرها الشركة الحكومية بشائر لخطوط الأنابيب (بابكو)، مما تسبب في “حادث تبلور” أي انسداد، أدى إلى حدوث تمزق كبير وفقاً لرسالة بتاريخ ١٦ مارس صدرت من وزير الطاقة والبترول السوداني، محيي الدين نعيم محمد سعيد. لم يتم تحميل ناقلات النفط التي كان من المقرر تحميلها في بورتسودان في أواخر فبراير، وكان آخر تحميل لها بالنفط في منتصف فبراير.
وإذا لم يتم إصلاحه، فإن هذا التلف يهدد مصدراً رئيسياً لإيرادات حكومتي البلدين، خاصة بالنسبة لجنوب السودان الذي فشل في تطوير مصادر إيرادات بديلة منذ استقلاله عن السودان في عام ٢٠١١.
وقد بدأ الحادث في ١٠ فبراير، وكان مخفيًا إلى حد كبير عن العامة، وفقًا لستاندرد آند بورز وهي مؤسسة تعمل في مجال أبحاث تجارة اقتصاد الموارد
كما أكد مهندسون في حقول النفط في غرب كردفان وقوع حالات تخريب قبل أسبوعين في حقل دفرة النفطي، بالقرب من حقل هجليج النفطي الواقع على الحدود بين السودان وجنوب السودان.
في مارس من العام الجاري، قال وزير الطاقة والنفط السوداني، محيي الدين نعيم سعيد، إن إعادة بناء البنية التحتية النفطية التي دمرت خلال الحرب الحالية ستكلف ما لا يقل عن 5 مليارات دولار.
وقال سعيد لوكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) أن حوالي ٢١٠،٠٠٠ برميل من النفط الخام قد فُقد جراء التخريب السابق لمنشأة التخزين في مصفاة الخرطوم التي كانت توفر حوالي ٤٠% من احتياجات السودان. وقد أدى انخفاض إنتاج النفط طوال هذه الفترة إلى فقدان حوالي سبعة ملايين برميل من النفط الخام
المزيد من المرتزقة
لكن عواقب عدم قدرة الجارة الجنوبية للسودان على تصدير النفط قد تكون أكثر كارثية. حيث يشير تحليل ستاندرد آند بورز العالمية إلى أنه مع محدودية أو انعدام عائدات النفط، فإن حكومة جنوب السودان لن تتمكن في نهاية المطاف من دفع رواتب جنودها وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من أنشطة المرتزقة على غرار ما ورد في أم درمان.
قال وزير الإعلام في جنوب السودان في مؤتمر صحفي عقد في السابع والعشرين من فبراير: “بدون تدخل فوري، قد يؤدي هذا الوضع إلى هلاك حكومة جنوب السودان. “إن عائدات النفط هي مصدر دخلنا الأساسي”
ومع ذلك، فإن الضرر يؤثر فقط على تدفقات أحد فرعي نظام خط الأنابيب، وهو خط أنابيب بترودار الذي يجلب النفط من ولاية أعالي النيل في جنوب السودان. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت التدفقات من حقول النفط في ولاية الوحدة في جنوب السودان ستتأثر.
وحتى إذا أمكن إصلاح خط الأنابيب، فإن صناعة النفط في البلدين تواجه تهديدات وجودية أخرى، بما في ذلك هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر وعدم اهتمام الشركات بالاستثمار في هذا القطاع، نظراً لخطر توقفه في أي وقت