الحرب تحيل ساحات وميادين رياضية إلى مقابر جماعية بالخرطوم

عاين- 10 فبراير 2023

لطالما كانت الساحات وسط أحياء العاصمة السودانية مخصصة لممارسة الرياضة أو إقامة الأسواق الشعبية قبل الحرب،لكنها ضم حاليا نتيجة المعارك العسكرية مقابر جماعية جثث المئات من المدنيين والعسكريين في ظل انعدام الممرات الآمنة إزاء القتال العنيف بين الجيش والدعم السريع منذ تسعة أشهر.

وتحولت ساحة عامة قرب شارع عبيد ختم شرق العاصمة حاليا إلى مقابر لعشرات الجثث التي دفنت في هذا الموقع حسب ما أظهر صور أُخذت عبر “الأقمار الاصطناعية” من نشطاء سودانيين.

مقبرة وسط الخرطوم

الصور أظهرت وجود ما لا يقل عن 40 إلى 50 مقبرة في هذه الساحة وهي تتكشف لأول مرة منذ اندلاع الحرب على خلفية تراجع جبهات القتال في العاصمة الخرطوم.

محمد بلة مهندس متخصص في المساحة تواصلت معه (عاين) للتأكد من صحة الصور، والذي أكد صحة الصور المأخوذة عبر التصوير الجوي “الأقمار الاصطناعية” عن طريق نشطاء لديهم دوافع لمعرفة الأوضاع بالعاصمة لقلة المعلومات الواردة من على الأرض.

في الأسابيع الأولى للحرب ومع اعتماد الجنرالين على خطط عسكرية تقتضي المواجهة البرية بين القوتين العسكريتين شهدت بعض أحياء العاصمة اشتباكات مباشرة قتل إثرها آلاف العسكريين والمدنيين، ولم يتمكن المتطوعون في دفن الموتى من الحصول على ممرات آمنة لنقل الجثامين إلى المقابر.

قبور تشاهد الحرب

ستكون القبور المنتشرة على الطرقات والساحات في العاصمة الخرطوم شاهدة على الحرب التي دارت بين الجيش والدعم السريع وفق ما يقول “عماد” الذي يقطن منطقة الدروشاب بالخرطوم بحري ويسرد كيفية موارة جثامين عسكريين من الجيش والدعم السريع وأربعة مدنيين في مقبرة جماعية عقب انتهاء المعارك في صبيحة أحد الأيام في شهر سبتمبر الماضي.

صورة جوية توضح مدافن جماعية في ساحة بالخرطوم- الصورة من مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك

ويقول عماد الذي شارك في دفن الجثامين إن السكان في شارع رئيسي في الدروشاب عقب انتهاء معارك بين الجيش والدعم السريع خلال شهر سبتمبر 2023 عثروا على 10 جثث لجنود من الجيش و20 جثة لجنود الدعم السريع وأربعة مواطنين دُفِنُوا في مقبرة واحدة لم نتمكن من التكفين أو الغسل لم يكن أمامنا أي خيار سوى دفنهم بهذه الطريقة قررنا استغلال توقف المعركة وإنهاء الدفن على وجه السرعة.

ويسرد عماد واقعة أخرى حدثت في محطة “شنغهاي” في منطقة الدروشاب بالخرطوم بحري أدى قصف الطيران الحربي عن طريق الخطأ على قافلة عسكرية تابعة للجيش متمركزة في مصرف مياه لنصب كمين لقوات الدعم السريع ويضيف: “القصف الجوي دمر ثمانية مركبات تابعة للجيش، واحترق الجنود على متنها بالكامل تمت مواراة الجثامين في مقابر جماعية لم يكن أمام السكان خيار آخر“.

تشييع تحت الرصاص

ومنعت قوات الدعم السريع المواطنين من نقل الجثامين إلى المقابر في حمد النيل أو أحمد شرفي وفقا لشهادات مواطنين خلال الشهور الماضية، وفي بعض الأحيان تعرض المشيعون للموتى للرصاص داخل المقابر من جنود الدعم السريع في أم درمان حسب مختار.

قال مختار لـ(عاين) إن قوات الدعم السريع كانت تمنع تجمعات المواطنين حتى في أثناء تشييع الجثامين في حالات الوفاة الطبيعية لم يسمح للناس بنقل موتاهم إلى المقبرة العديد منهم قرروا دفن موتاهم داخل المنزل أو قربه هناك العديد من مثل هذه الحالات في أحياء “بيت المال” و”القمائر” و”ودنوباوي” في منطقة أم درمان القديمة تشاهد القبور داخل الشوارع وهي من المناطق الساخنة التي تكاد تخلو من المدنيين.

وأضاف: “وكأن المتحاربين أرادوا دفن المدن بالكامل… لا يمكن للعائلات معرفة موقع دفن موتاهم من قتلى المعارك بالتالي لن يعودوا إلى مشاهدة قبورهم هذه الحرب تفتقر للمعايير الآدمية ناهيك عن الأخلاق“.

ويرى ان دفن الموتى في الشارع أصبح مألوفا خلال الحرب، ويحتاج نقل هذه الرفاة إلى فترة طويلة إلى المقابر المخصصة بعد توقف الحرب؛ لأنها دفنت بطرق تقليدية أغلبهم لم يجدوا مواد التكفين، ودفنوا قريبا من سطح الأرض.