ما دلالات تشكيل إدارة مدينة في إقليم دارفور؟
عاين- 29 مايو 2024
تنخرط قوات الدعم السريع في مشاورات مكثفة عبر لجنة خاصة من قيادات أهلية وسياسية من أجل تشكيل إدارات مدينة لشؤون الحكم في 4 ولايات تسيطر عليها في إقليم دارفور غربي البلاد، في خطوة أثارت مخاوف واسعة بشأن الوحدة الوطنية لما تحمله من مضامين انقسام، وتشظي في البلاد التي تشهد حرب ضارية لأكثر من عام.
وشكلت قوات الدعم السريع لجنة تضم 70 عضواً تضم قيادات أهلية وسياسية، والتي وصلت بالفعل إلى مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وابتدرت لقاءات مع المجتمع المدني والضباط الإداريين وممثلين من الولايات التي تسيطر عليها، لبحث تشكيل إدارات مدنية لتسيير شؤون تلك المناطق بالتنسيق مع القيادة العسكرية للدعم السريع، وفق ما نقله مراسل (عاين).
وسبق أن شكل الدعم السريع إدارة مدنية في كل من ولايتي الجزيرة وجنوب دارفور التي يسيطر عليهما، ورغم التأكيدات المستمرة لهذه القوات بأنها لا تحمل أي نوايا انفصالية، لكن المخاوف بدت حاضرة تجاه الخطوات المتسارعة التي تقودها في سياق تكوين سلطات خاصة بها، وترتفع وتيرة القلق مع احتمالية سقوط عاصمة إقليم دارفور الفاشر التي تعيش تحت وطأة قتال ضاري هذه الأيام.
وذكرت قوات الدعم السريع في بيان سابق أن الإدارات المدنية المزمع إنشاءها ستعمل على استعادة النظام الإداري وحماية المدنيين في إقليم دارفور، بجانب توفير الخدمات الأساسية لهم، بالتنسيق مع قياداتها العسكرية.
وفي بادي الأمر اكتفت قوات الدعم السريع، بتعيين قادة عسكريين على رئاسات الحاميات العسكرية في ولايات شرق وغرب وجنوب ووسط دارفور، وولاية الجزيرة، قبل أن تتحول بشكل متسارع نحو تشكيل سلطات مدينة في تلك المناطق.
تحديات واسعة
ويقول المدير السابق للحكم المحلي بولاية غرب دارفور بشير عيسى لـ(عاين) إن حالة عدم الأمان في دارفور التي تسيطر على معظمها قوات الدعم السريع تعتبر أكبر التحديات التي تواجه الإدارات المدنية المرتقبة للقيام بمهمتها، بالإضافة إلى التخريب والنهب الذي طال مؤسسات الدولة في تلك المناطق والمأمول منها تقديم الخدمة.
تحدي آخر يراه عيسى، وهو رفض متوقع من بعض منسوبي الخدمة المدنية والفنيين العمل تحت قيادة الدعم السريع، إلى جانب أن موظفي الخدمة العامة لم يتقاضوا رواتب منذ أكثر من عام، فبالتالي لن يكونوا مستعدين للتعاون مع الإدارات الجديدة قبل صرف مستحقاتهم المالية، كما أن غالبية الموظفين فروا إلى الفاشر وخارج الإقليم بسبب الحرب.
ويضيف “الإدارات المدينة المرتقبة يمكن أن تحقق أهدافاً سياسية لقوات الدعم السريع، أكثر من كونها ستخدم المواطنين في ظل استمرار الحرب، وتدمير المؤسسات والمرافق العامة وتشريد موظفيها”.
وتسري مخاوف في أوساط كبيرة لدى السودانيين من تقسيم البلاد في ظل سباق تشكيل سلطات خاصة بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق سيطرتها، على النحو الذي حدث في بلدان مجاورة مثل ليبيا، بالإضافة إلى اليمن.
لكن عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع مصطفى محمد إبراهيم نفى أن تكون هناك نية في تقسيم البلاد أو الاتجاه لفصل إقليم دارفور عن بقية أجزاء البلاد، لافتاً أن الدعم السريع متمسك بوحدة السودان.
وقال إبراهيم في مقابلة مع (عاين) إن “قوات الدعم السريع وجدت نفسها أمام تحد كبير للقيام بتقديم الخدمات الضرورية للمدنيين في الولايات التي تسيطر عليها، بعد انسحاب معظم العاملين بالخدمة العامة بعد هزيمة الجيش الأمر الذي أدى إلى تدهور الخدمات، لذلك حتمت الضرورة علينا مساعدة المواطنين على إدارة شأنهم المحلي”.
فشل متوقع
وفي المقابل، يرى المحلل السياسي المهتم بشأن دارفور حسن محمود أن قوات الدعم السريع حاولت مرات عديدة إدارة الشأن المدني في ولايات دارفور لكنها فشلت، إما بسبب التجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها عناصرها، أو تورط هذه القوات في النزاعات الأهلية التي تقع بين المجموعات السكانية في الإقليم، زيادة على ذلك عدم قدرة القوات في التصدي للغارات الجوية التي يشنها الجيش خاصة على مدينة نيالا.
وتوقع محمود خلال حديثه مع (عاين) أن يؤدي تشكيل الإدارة المدنية في دارفور إلى وقوع خلافات مجتمعية وشعبية في الولايات، خاصة فيما يتعلق بالتنافس على الحقائب الإدارية، مشيرا إلى أن هناك مكونات ترفض التعايش أو التصالح مع الدعم السريع، وربما تتخذ موقفاً معارضاً ومناهضاً للمجموعة الداعمة لفكرة الإدارة المدنية الموالية للدعم السريع”.
ويرى أن قوات الدعم السريع تريد تحقيق مكسب سياسي بالإدارات المدنية، وإرسال رسالة بأنها تفرض نفوذها على المناطق التي يسيطر عليها، فضلاً عن إشراك المجتمع المحلي في الشأن العام لإحداث حراك سياسي ومجتمعي، علاوة على إنشاء أجسام مدنية للتواصل مع المنظمات الإنسانية التي تريد أن تقدم خدماتها عبر مؤسسات مدنية.