قانونيات يُطالبن باستقلالية القضاء السوداني   

تقرير: عاين 20 مارس 2019م

دور النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في السودان، لا تخطئه عين في واقع الحراك الثوري الشعبي الذي امتد لأربعة أشهر.  فرغم المخاطر المتعلقة بقانون الطوارئ الذي فُرض لتحجيم حراك الشارع السوداني، ظهرت المراة السودانية فوق توقعات الحكومة السودانية،  وهي التي واجهت كافة أشكال العنف المُذل “جلد – سجن – تحرش”.

تعتبر مجموعة من المحاميات  تحدثن لـ(عاين) قانون الطوارئ يعتبر هروب من  الازمة الحقيقية التي تواجه السودانيين، وتعاني فئة القانونيين المدافعين عن حقوق الإنسان خاصة شريحة المدافعات؛  من انتهاكات متفاوتة جراء الدفاع في قضايا التظاهرات والحقوق المدنية جمعاء. حتى القضاة ونقابة المحامين المُناط بهم  تقدير حق الزمالة لن يجدو منهم ما يؤكد ذلك!. واعتبرت مجموعة من المحاميات في الحديث لـ(عاين) ” القضاء في عهد الانقاذ اصبح منفذاً لأعراض المؤتمر الوطني”.

استهداف الحراك الشعبي

 قانونيات يُطالبن باستقلالية القضاء السوداني

تقول المحامية امل طه حسين  لـ(عاين) ان دور المحاميات في الحراك الحالي كبير جدا، يتمثل في التوعية بالحقوق،  تكريس عمل سيادة حكم القانون، توفير الضمانات الاساسية للمحاكم العادلة، إلا أن قانون الطوارئ فرض من اجل اعاقة حق التجمهر والتظاهر،  باعتبارها حقوق كفلها الدستور. قائلة: “المحاكم التي تشكلت، والمحاكمات التي صدرت في مواجهة أعداد من المتظاهرين الثوار هدفها الحد من حرية التعبير”،  وتتساءل طه بالقول: ” أوضاع كهذه كيف تضع في الاعتبار معايير للأحكام العادلة”!. في المسائل التي تتعلق بحقوق الإنسان، ووسائل استقلالية القضاء باعتبارها مبادئ راسخة وثابتة،  والمعايير التي لها لا علاقة بمحاكمات الطوارىء، هي ممكن تشكل شُبهة وخلل. وفي وضع كهذا تُعتبر طه ان المستهدف الأساسي هو الحراك الشعبي. لأن فكرة أحكام الطوارئ في الواقع بدأت تأخذ شكل من أشكال العنف تجاه المشاركين.  

معتقدةً  أن دور المحامين كبير جدا رغم  سرعة إجراء المحاكمات، وأوضحت طه أن  “هناك صعوبة أن يجد المعتقلين محامين يدافعون عنهم نسبة لتعقيد البلاغات المفتوحة”.  و استدركت قائلة هناك أعداد كبيرة من المحامين يقدمون خدمات قانونية بكل انواعها، كل محامي له دور يقوم به في المجتمع،  “خاصة خدمة العون القانون السريعة والمجانية”.

 قانونيات يُطالبن باستقلالية القضاء السوداني

فشل إيجاد حلول

وتضيف طه  لـ(عاين) ان الحكومة ربما تعتقد أن قانون الطوارئ يمكن  يكون فرصة لامتصاص غضب الشعب في الشوارع، لكن في واقع الأمر أن هذا القانون له نتائج عكسية في المسائل ذات العلاقة بالحقوق الأساسية، حرية التعبير وحرية التجمع والتظاهر، التي تعتبر من الحريات الاساسية المنصوص عليها في الدستور،  موضحة عبر(عاين) إن “قانون الطوارئ يفرض في حالة الوباء والحروب الداخلية، والواقع الذي نعيش فيه لا يمثل حاجة لفرض الطوارئ”.

وأضافت  الشارع يحتاج الى الحصول على استجابة أساسية للحقوق التي خرج من أجلها، وتشير في إطار السلمية، يكون هناك طوارىء ويلحق به تفتيش للمنازل!  إجراءات ستُعقد الامر بل ستقود إلى التصعيد. مشيرةً إلى دور النساء في الحراك الدائر بأنه دور كبير وله أشكال مختلفة. وتأتي مشاركتهن مع الجميع في  الشارع، فالمرأة موجودة في المحكمة، وفي المستشفى وفي الشارع لتضميد الجرح وشحذ همم الثوار بأساليب مختلفة في التعبئة فضلاً عن تصديها للغاز المسيل للدموع واستهدافها المباشر من قبل السلطات الأمنية.

من ناحية أخرى إنتقدت المحامية،  إقبال أحمد علي ، نقابة المحامين الحالية، ودورها الموالي لحكومة المؤتمر الوطني،  قائلة لـ(عاين) “نقابة المحامين ماقدمت لينا اي مساعدة، بل تأخذ مننا ولا تعطي، ولا تحمي من بطش الحكومة”،  وتضيف اقبال لـ(عاين) ان اغلب اعضاء نقابة المحامين، من عضوية المؤتمر الوطني، يعتبرون من ليس موالي لهم عدوا،  أما تحالف المحامين يضم المحامين ضد النظام، سواء مستقلين او احزاب، وايضا هناك محاميات بلا حدود، يدافعن عن المعتقلين، ويقمن  بتوعية المواطنين بالحقوق.

مضايقات وتدهور أوضاع

 قانونيات يُطالبن باستقلالية القضاء السوداني

كشفت اقبال ان تحالف المحامين يساند المتظاهرين والمعتقلين، والمحاكمات وفقا لقانون الطوارىء، والتحالف يقوم بالدفاع عنهم في كل بقاع السودان، بمتابعة من كانوا في حراسات الشرطة، ومساعدة من ليس لهن ضامن،  مثمنة دور التحالف الايجابي في إطلاق سراح العديد من المتظاهرين من السجون، وتؤكد إقبال حتي اعضاء تحالف المحامين لم يسلموا من بطش اجهزة النظام، مستدلةً باعتقال عضوية السكرتارية، وأعداد كبيرة منهم موجودين في المعتقلات. وتشكو إقبال من الأوضاع الاقتصادية التي  يواجهها زملائها في المهنة اضافة الى قلة التدريبات التي يتلقونها. “والاخيرة هي من صميم دور النقابة ان يقوم بصرف نفقات تدريب المحامين”، مُضيفة رغم ذلك المحامين نفذوا وقفات احتجاجية ضد الاعتقالات التعسفية وضدالمُحاكمات غير العادلة. كقضية عاصم عمر واعتقال طلاب لم يقدموا للمحاكم، مثل تسنيم الزاكي.  كما انهم دخلوا في إضراب عن الطعام تضامنا مع أسر المعتقلين، و إضراب آخر عن العمل، في أواخر ديسمبر 2018  تضامنا مع الثوار من اجل اسقاط النظام.

وتوضح إقبال انهم كمحامين يعملون من اجل اسقاط النظام الحالي، لذلك هم أنفسهم مواجهين بقانون الطوارىء،  وربما يطالهم الطرد من العمل مثل القضاة الوطنيين، واتهمت إقبال الحكومة بتدمير القضاء، قائلة ” أول تنفيذ  لسياسة التمكين كان في السلك القضائي، أي قاض نزيه فصل في أول عهد لهم فُصل قرابة الـ 700 قاضي الإحالة للصالح العام،  واليوم أي قاضي في المحكمة يعتبر موالي للنظام، رغم وجود عدد من القضاة النزهاء”. وتضيف أن القاضي يجب أن يكون مستقلا، لأنه يمثل العدالة.  “إذا لم تكن هناك استقلالية في القضاة ستكون وظيفته حبر علي ورق”، وتجزم إقبال على أن القضاء في السودان غير مستقل، مستدلة بأن كل الأحكام الصادرة تصب في صالح السلطة الحاكمة.  وتتهم ان النظام يصفي خصوماته مع معارضيه بواسطة القضاء، وأبرز دليل على ذلك، قضية، عاصم عمر، وهشام ود قلبا، والبوشي ود كوثر، والعديد من الشرفاء، من ضمنهم ويني.

وضع سيئ  بالمعتقل

طالبت إقبال عبر (شبكة عاين) بضرورة استقلالية القضاء حال نجاح الثورة  قائلة “بعد الثورة ونجاحها، يجب أن يكون البحث عن استقلالية القضاء، وتنظف القضائية من كل أذيال النظام “.  مًستدركة دور المحاميات في الثورة بأنه كان ومازال بلا حدود او من اجل التغيير، قمن بزيارة أسر المعتقلين، تطمين أسرهم،  مكاتبهم مفتوحة للأسئلة، رغم الصعوبات التي يواجهونها، مثل الاستفزازات والتحرش في لحظة الاعتقال، وكل انواع التحرش أثناء القبض.

موضحة انها اعتقلت قرابة الـ 55 يوما، من أواخر ديسمبر عام 2018، حتى أطلق سراحها في الثامن عشر فبراير الماضي. كاشفة عن أن سجون المعتقلات بها كاميرات مراقبة، يواجهون  معاملة قاسية وعدوانية من قبل السجانات، الاستفزاز المتكرر هو اعلى درجات انتهاك حقوق المعتقلات. كما ناشدة القضاة باتخاذ موقف لمصلحة الوطن والشعب.

 قانونيات يُطالبن باستقلالية القضاء السوداني

النساء و الدفاع  

من جهته يقول المحامي المدافع عن حقوق الانسان،  محمد عبدالله لـ(عاين) ان المحاميات لهن دور كبير في التصدي لانتهاكات النظام ضد الثورة، منذ اندلاعها ضد وجود نظام الانقاذ،  ويؤكد محمد وقفتهم مع المعتقلين السياسيين، والمطالبة بإطلاق سراحهن وخاصة الجند، خاصة عند اعتقال الناشطات، دورهن يكون بارز جدا، والوقوف معهن، ومع الاخرين، وفي هذه الفترة الحرجة أن النظام يضع السكين عن عنقه بنفسه، والأصوات المطلبية أعدادها تتزايد كل يوم من اجل الحقوق والحريات في البلاد، وتعمد  النظام فرض قانون الطوارئ ولم يضع في الاعتبار أن يجد أعداد كبيرة من المحاميات يقمن بدورهن البطولي.

وجود المرأة طبيعي

 قانونيات يُطالبن باستقلالية القضاء السوداني

وتمضي في ذات الإطار الناشطة في قضايا النوع ” الجندر”  تهاني عباس علي قائلة: “وجود المرأة السودانية في الاستحقاقات الوطنية أمر طبيعي، وقد ظهر ذلك منذ مقاومة السودانيين للاستعمار في القرن الماضي، ومثال على ذلك أيقونة النضال ضد الاستعمار الفنانة الراحلة حواء الطقطاقة”. وتشير إلى صورة فوتوغرافية خالدة لممرضات في ستينيات القرن الماضي وهنّ يودّعنَ جثمان الطالب أحمد القرشي، شهيد ثورة أكتوبر الشعبية التي أطاحت الحكم العسكري في عام 1964. وتتابع علي أنّ “مشاركة المرأة السودانية في الحراك الشعبي الحالي تأتي أكثر بروزاً ممّا كانت عليها الحال في المراحل التاريخية السابقة”.