السودان: العصابات المسلحة تروّع  سكان كردفان

عاين- 4 يوليو 2023

يعيش سكان ولايتي غرب وشمال كردفان- أواسط وجنوبي السودان- تحت ظروف أمنية سيئة بعد انتشار كثيف لعصابات مسلحة تمارس عمليات النهب في الطرقات الرابطة بين المناطق المختلفة، وسط غياب تام للسلطات الأمنية المحلية لا سيما قوات الشرطة.

وتشهد مناطق شرق ووسط ولاية غرب كردفان انفراط تام في عقد الأمن، وصارت العصابات المسلحة تمارس أنشطتها نهاراً على محيط القرى والأسواق المحلية، مما قيد حركة السكان وجعلهم يخشون التنقل بين الأسواق للحصول على احتياجاتهم من المواد الغذائية وغيرها، وذلك حسبما نقله سكان من المنطقة لـ(عاين).

ويعتمد السكان في عموم كردفان بشكل رئيسي على ما يعرف بـ”أسواق أم دورور” والتي تقام في المناطق الكبرى على مدار الأسبوع، وهي تظاهرة اقتصادية دورية يتبادل خلالها المواطنين السلع والمنتجات والمواشي والمحصولات الزراعية المختلفة، ولا يمكن أن تستمر حياة الناس هناك بدونها.

ويقول أحمد الطيب – أحد سكان غرب كردفان في حديثه لـ(عاين) “حياتنا توقفت تماماً، أصبحنا نخشى اللصوص الذين كثفوا نشاطهم بشكل مخيف. يستهدفون كل مرتادي السوق خلال مجيئهم او عند عودتهم إلى منازلهم، ففي لحظة يمكن أن تفقد حياتك، فمبلغ مالي بسيط ربما يكون سبباً كافياً للقتل”.

“خلال الأسبوع الماضي قتل شخص يدعى رضوان وهو انسان بسيط يعمل في تجارة الأواني المنزلية لإعالة أبنائه، فقد ترصده لصوص مسلحين عقب انتهاء سوق منطقة أبو قلب وأطلقوا عليه الرصاص بمجرد خروجه باتجاه منزله وأخذوا كل ما عنده من أموال إلى جانب موتور توك توك كان يستغله”. يضيف الطيب.

ووضعت الحالة الأمنية المواطنين في غرب كردفان أمام خيارات قاسية، أما التخلص من أملاكهم خاصة المواشي التي أصبحت هدف أول للصوص أو السعي لإقتناء سلاح ناري للدخول في مواجهة مع العصابات المسلحة التي تعمل وفق مجموعات وتشكيلات إجرامية محكمة.

واستقبل المزارع حسين عبدالرسول، موسم الأمطار وهو يعيش حالة من الخوف والتوجس الكبير والتردد في زراعة مساحات واسعة على نحو ما كان يحدث في السنوات الماضية، ويقول لـ(عاين): “الوصول الى المزارع فيه مخاطر كبيرة، بينما لا نضمن أننا سوف نتمكن من حصاد محصولي ام تستحوذ عليه العصابات المسلحة”.

ويضيف عبد الرسول:”نعيش حالة احباط شديد بسبب انتشار العصابات، وتغيير الأوضاع في منطقتنا للأسوأ، فهذه ممارسات دخيلة ولم نشهدها من قبل. كنا نهنأ بالأمن والسلام الإجتماعي فلم نتأثر بحرب الجيش والدعم السريع لكن العصابات أوقفت حياتنا”.

مسلحون ملثمون 

مع غياب الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة في مناطق واسعة بولاية غرب كردفان، يتجمع المواطنين الذين يملكون أسلحة نارية ويتعقبون عصابات النهب عقب كل حادثة لكنهم يعودون دون أن يتمكنوا من اللحاق بالمجرمين وإعادة المنهوبات.

“أصبحنا نواجه خطر الموت لوحدنا، وليس هناك أي مراكز شرطية او امنية نشكوا إليها. لا يوجد مكان آمن حتى داخل القرى والمدن، إما التنقل بين المناطق صار صعباً للغاية حيث تستولي العصابات على كل شيء يحمله السكان حتى المواد الغذائية البسيطة”. يقول عباس الضي – أحد سكان المنطقة لـ(عاين).

مصدر شرطي: هذه المجموعات الإجرامية حصلت على أسلحة نارية متطورة بما فيها القناص، ويقومون بتنفيذ عمليات النهب بإحترافية

وفيما يشير مصدر شرطي، إلى أن العصابات المنتشرة في غرب كردفان يرتدي منسوبيها ملابس مدنية “جلايب، وبناطلين” مع حرصهم على تغطية رؤوسهم ووجوههم بما يعرف محلياً بـ”الكدمول” وهي في تقديره مجموعات إجرامية معروفة كانت تمارس السرقة في الأوقات السابقة، وعقب اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع طورت نشاطها إلى تشكيل عصابات تمارس أعمال النهب المسلح.

ويقول المصدر الشرطي لـ(عاين):” هذه المجموعات الإجرامية حصلت على أسلحة نارية متطورة بما فيها القناص، ويقومون بتنفيذ عمليات النهب بإحترافية يصعب على الأشخاص العاديين مقاومتهم والإفلات منهم حتى لو كانوا يمتلكون أسلحة نارية”.

ولم تشهد ولاية غرب كردفان أي مواجهات عسكرية ضمن حرب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اندلعت في منتصف ابريل الماضي، ورغم ذلك غابت الشرطة والأجهزة العدلية عنها، بخلاف مدن ومناطق سودانية أخرى.