حكومة (كامل إدريس).. بنادق على طاولة مجلس الوزراء
عاين- 3 يونيو 2025
في 19 مايو الجاري، أعلن قائد الجيش السوداني تعيين كامل إدريس الموظف السابق في الأمم المتحدة رئيسا للحكومة الجديدة خلال الحرب إذ يتعين عليه الانخراط فورا في مشاورات لتشكيل مجلس الوزراء من 24 حقيبة وزارية.
وأدى إدريس اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان نهاية مايو 2025 وفي خطاب قدمه للشعب السوداني السبت الماضي تعهد كامل بحل أزمات المياه والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم ومضى إلى أبعد من ذلك مشددا على ضرورة إعادة هيكلة الدولة السودانية كما أعلن الاستمرار في الحرب إلى حين القضاء “المليشيا المتمردة” على حد تعبيره.
ومساء الأحد الفائت، أعلن كامل إدريس، حل الحكومة الحالية، في خطوة أولى نحو تشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد يوم من أدائه اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان. وذكرت وكالة الأنباء السودانية (سونا) أن إدريس أبلغ طاقم الحكومة بقرار الحل، وكلف الأمناء العامين ووكلاء الوزارات بتسيير المهام مؤقتا إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
إدريس وحكومة الحرب
يصف الباحث في السلام والديمقراطية مجاهد أحمد، مهمة الموظف السابق بالأمم المتحدة كامل إدريس بقيادة “حكومة حرب” مشيرا إلى أن الرجل سيجد نفسه ضمن تحالف المسلحين لتقاسم السلطة وفي واقع اقتصادي مأزوم سيكون مطالبا بتوفير الخدمات الأساسية التي انهارت خلال الحرب.
ويرى مجاهد أحمد في مقابلة مع (عاين) أن مهمة كامل إدريس، محفوفة بمخاطر عالية قد تصل إلى عرقلته في غضون أسابيع قليلة لأنه جاء والبلاد تعاني من الإفلاس الكامل وتخصيص موارد الذهب و الموانئ والمطار للإنفاق على الحرب.
وكان قائد كتيبة البراء بن مالك ذات التوجهات الإسلامية المتحالفة مع الجيش في الحرب المصباح طلحة أبوزيد نفى تقارير صحفية عن مشاركة الكتيبة بأكثر من مقعد في حكومة كامل إدريس، وقال أبوزيد الذي يمثل جيلا متطلعا نحو السلطة القابضة من التيار الإسلامي إن “الكتيبة ستكون مهامها عسكرية ومساندة القوات المسلحة في الحرب فقط لا المشاركة في الحكومة”.
يقلل الباحث في السلام والديمقراطية مجاهد أحمد هذه التصريحات، ويقول: إن “الإسلاميين لا يتعجلون للمشاركة في السلطة في الوقت الراهن وفي الغالب يتوقعون فشل كامل إدريس في مهمته مع الوضع في الاعتبار سهولة إقالته بواسطة قائد الجيش”.
فقدان الحمولة السياسية
ونشبت أزمة بين الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش والتي تشارك في الحكومة بحقائب وزارية ما أدى إلى إعلان حركة العدل والمساواة إلى بطلان قرار حل الحكومة الصادر من رئيس الوزراء كامل إدريس السبت 31 مايو 2025 والمساس بالحقائب الوزارية للحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا 2020.
ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد عباس لـ(عاين): إن “كامل إدريس مثل شخص في حقل الألغام سيكون عليه أن يعمل بتناغم مع وزراء ومسؤولين وحكام ولايات أغلبهم ينتمون إلى جماعات مسلحة علاوة على الجيش والمنظومة الأمنية والعسكرية.
ويضيف: “70% من مقاعد مجلس الوزراء لن يكون بمقدور كامل إدريس اختيارهم بنفسه لأنهم يمثلون جهات مسلحة متحالفة مع الجيش بالتالي ربما يفقد السيطرة حتى على الحكومة نفسها”.

وحول شكل الحكومة المرتقبة يوضح مجاهد أحمد، أن قائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل المتحالف مع الجيش زار بورتسودان خلال مايو 2025 واشترط في لقاء مع قادة عسكريين الحصول على حصة ولايتي الجزيرة والقضارف باعتبار أن الولايتين فيهما النفوذ العسكري والاجتماعي لقواته التي تقاتل مع الجيش. مضيفا: أن “جميع قادة الفصائل المسلحة المتحالفة مع الجيش عندما يطالبون بنصيبهم في السلطة يضعون البنادق على الطاولة”.
وتابع: “كامل إدريس لا يملك أي حمولة سياسية جاء بقرار من قائد الجيش حيث نصحه مستشاروه الاستعانة بالرجل لقيادة كابينة مليئة بالتناقضات وأحيانا تصل إلى حالة من الفوضى والخلافات بسبب تقاسم السلطة خلال العامين الماضيين”.
ويضيف عباس: ” إدريس إلى قيادة حكومة لا تملك أي سند شعبي أو دولي أو إقليمي كما إن الرجل لن يمارس أي مهام سياسية باعتبار أن مجلس السيادة يهيمن على الملفات الدبلوماسية والسياسية وقرار الحرب”.
وتابع الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد عباس قائلا: “سيوضع على كاهل إدريس إدارة الشأن الخدمي ويحملونه مسؤولية توفير الكهرباء والمياه والصحة وإعمار ما دمرته الحرب.. فعل العسكريون هذا الأمر مع حكومة عبد الله حمدوك قبل ثلاثة أعوام”.
ويعتقد عباس، أن رئيس الحكومة لا ينبغي أن يواصل في خطاب الحرب بإعلانه “القضاء على المليشيا المتمردة” لأنه يحتاج إلى توظيف موارد الحرب للبناء والإعمار وإعادة الثقة إلى الأسواق والاقتصاد وإصلاح الوضع المعيشي.
وكان رئيس الوزراء كامل إدريس تعهد خلال خطابه الأخير بدعم الشركات الناشئة ومكافحة الفساد وشدد على ضرورة مكافحة الفقر. وقال: إنه “سيكون على مسافة واحدة من الفعاليات السياسية”.
ويرى المتحدث باسم تحالف القوى المدنية “صمود” بكري الجاك في حديث لـ(عاين)، أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا يملك شرعية دستورية تتيح له تعيين رئيس الوزراء في السودان ولا يملك مرجعية دستورية لإصدار هذا القرار.
ويقول الجاك: إن “الوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا انتهت آجالها”. أما فيما يخص المجتمع الدولي يعتقد الجاك أن هناك جهات داخل الاتحاد الأفريقي تحاول تصوير الحرب في السودان على أنها بين حكومة شرعية و”متمردين”.