“ادفع لتحصل على العدالة”.. رسوم مالية جديدة للتقاضي بالسودان
عاين- 18 يونيو 2025
لم يتوقف الجدل بين النيابة العامة وناشطين حقوقيين في أروقة المحاكم داخل السودان إثر إعلان رسوم مالية على عملية التقاضي وبدأت الولاية الشمالية تنفيذ تحصيل الرسوم بواسطة وكلاء النيابات.
وكانت النيابة العامة بالولاية الشمالية أعلنت في خطوة هي الأولى من نوعها فرض رسوم على عملية التقاضي بما في ذلك الجرائم الصغيرة والكبيرة أو فك حجز الأصول برسم يتراوح بين 2% إلى 5% من قيمة الأصول.
ويرى وكيل النيابة السابق أحمد إبراهيم أن قرار تحصيل الرسوم بواسطة النيابة عند عملية التقاضي أثار جدلا واسعا حتى داخل النيابة العامة مؤكدا أن القرار يقلل لجوء المواطنين إلى العدالة.
وأضاف لـ(عاين): “الأمر أشبه بدفع رشوة لشرطي ليبحث لك عن هاتفك أو شيئا فقدته بسبب السرقة لأن الدول هي التي توفر بيئة العدالة بما في ذلك نشر النيابات وأقسام الشرطة والمحاكم في جميع أنحاء البلاد وتشجيع المواطنين على الاحتكام إلى القانون بدلا من أخذ الحق بالقوة”.
استغلال أجواء الحرب
ويوضح إبراهيم، أن النيابة نفذت قرار تحصيل الرسوم في غالبية الولايات مستغلة عدم وجود مناهضة واسعة للقرار بسبب أجواء الحرب كما استغلت وجود مجلس أعلى للنيابة يضم في عضويته وكيل وزارة العدل وممثل السلطة القضائية ومدير الشرطة والنائب العام ومساعديه وممثل وزارة المالية.
وتابع: “النيابة العامة استندت على قانون إداري يمكن تقديم طعن بشأنه لدى المحكمة الإدارية وإبطال قانون تحصيل رسوم التقاضي”.
ويقول وكيل النيابة السابق أحمد إبراهيم: إن “هذا القرار يشوه عملية العدالة واستقلالية الأجهزة العدلية ويطرح تساؤلات عما إذا كانت النيابة العامة عاجزة عن تمويل مصروفاتها”.
ويعتقد الناشط الحقوقي أحمد عثمان، أن الرسوم التي فرضت مثلا في الولاية الشمالية بواسطة النيابة العامة على عملية التقاضي تراوحت بين 10 آلاف جنيه و60 ألف جنيه لبعض القضايا وهذه الإجراءات تحدث لأول مرة في تاريخ السودان.
وتابع: “أصدرت النيابة العامة قرار تحصيل الرسوم باسم وزارة المالية والقوى العاملة بالولاية الشمالية حتى تودع الأموال في حسابات موحدة ويتقاسم الطرفان الأموال المحصلة من رسوم التقاضي”.
رسوم خدمات
ويضيف عثمان لـ(عاين): “في بعض الولايات التي نفذت القرار برروا تحصيل رسوم التقاضي بالخدمات التي تقدم للأجهزة العدلية وهذا تبرير غير صحيح لأن النيابة تتبع للنيابة العامة الاتحادية وتمويلها منتظما من الحكومة الاتحادية”.
ويقول أحمد عثمان، إن النيابة العامة مستقلة فيما يختص بالقانون وتعيين النائب العام ومساعديه والأحكام لكن يحق لها الحصول على تمويل حكومي بشكل منظم دون التأثير على سير العدالة.
ويشير عثمان، إلى أن النيابة العامة تمر بأسوأ فتراتها خلال الحرب وتواجه انتقادات حتى على مستوى وكلاء النيابات بسبب التغييرات التي طالت العديد بالتعيين والنقل لأشخاص موالين لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، يستغلون الفراغ المدني وتوقف الحياة العامة والجماعات المناهضة لـ”تسييس العدالة” .
وتوقفت المحاكم والنيابات وأقسام الشرطة في العاصمة السودانية بسبب الحرب كما شرد النزاع المسلح منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان بسبب المخاوف من الاعتقال والملاحقة الأمنية.
تداخل
ويقول المحامي في مجال توثيق العقود بولاية كسلا شرق البلاد، صبري حسين لـ(عاين): أن “تحصيل رسوم التقاضي بواسطة النيابة العامة حتى لو كان رسما متواضعا يشوه العدالة ويثير الشك داخل نفوس المواطنين الذين يبحثون عن العدالة”.
وأضاف: “هناك فئات عمالية تضج بها قاعات المحاكم بحثا عن العدالة والحصول على الحقوق من ملاك العمل والشركات قد يتأثرون بقرار تحصيل الرسوم”.
ويرى حسين، أن عقلية الحكومة القائمة “عقلية جبائية” تمول نفسها من جيوب المواطنين لتعطل المرافق الإنتاجية وتزايد تكلفة الحرب لذلك كل هذه الإجراءات تعجل بانهيار السلطة الحاكمة في السودان.
وأردف: “الرسوم المالية التي تحددها النيابة العامة تبدو غير قانونية لأنها متداخلة بين الجهاز التنفيذي والنيابة في الولاية الشمالية وهي خطوة تستدعي الإلغاء بواسطة النائب العام لجمهورية السودان”.