السودان: تعثر تحقيق العدالة لغياب برنامج حماية الشهود

3 أغسطس 2021

يشعر قادة الحراك السلمي في السودان أن العدالة لم تحرز تقدما بعد عامين من الاطاحة بنظام البشير المتورط في قتل عشرات المحتجين أثناء التظاهرات الشعبية التي اطاحت بنظامه ولم تفصل المحاكم سوى أقل من أربعة قضايا بينما ظلت الغالبية من قضايا الشهداء “حبيسة الأدراج” لغياب برنامج حماية الشهود.

ويقول محامون ان قضية مقتل الشهيدين الفاتح النمير ومعاوية خليل واللذين قتلا برصاص قوات الأمن في ضاحية بري شرق العاصمة في 17 يناير 2019 من أبرز القضايا المعطلة بسبب عدم حماية الشهود.

إلى جانب هذه القضية فإن مقتل الشهيد عثمان عابدين بضاحية الفتيحاب في الثالث من يونيو 2019 بالتزامن مع فض اعتصام القيادة العامة أيضا معلقة بسبب عدم توفر برنامج حماية الشهود.

وكان النائب العام تسلم الأحد مذكرة لجان المقاومة والتي طالبت بإصدار منشور لحماية الشهود في قضايا الشهداء وتحريك الإجراءات ضد العناصر المتورطة برفع الحصانات.

ويقول عضو لجنة التحقيق في المفقودين قسريا نصر الدين يوسف في حديث لـ(عاين) إن الرغبة لتحقيق العدالة غير متوفرة لدى النيابة العامة وهناك قضايا حبيسة الأدراج ومعطلة دون مبرر لأن النيابة لا تريد العدالة.

وكانت لجان المقاومة بولاية الخرطوم طالبت في بيان مشترك الأحد الجهات العدلية باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الشهود في النيابات والأقسام وتوفير البيئة المناسبة للشاهد ليقدم شهادته آمنًا مطمئنًا ويسهم في تحقيق العدالة.

وقال البيان، إن تخوف شهود رئيسيين من تقديم شهادتهم في قضايا شهداء الثورة يعد عائقًا كبيرًا أمام تحقيق العدالة وخطأ لا يغتفر فالواجب حمايتهم والعمل على دعمهم نفسيًا.

وذكر أن تعطيل قضايا شهداء ثورة ديسمبر في المحاكم بسبب عدم حماية الشهود وخوفهم من رصد وملاحقة جهات متورطة في الانتهاكات وظلت معظم قضايا الشهداء حبيسة في أدراج وكلاء النيابة.

اجراءات ناقصة 

من جهته يقول القانوني عثمان البصري في حديث لـ(عاين) إن مجرد الحصول على منشورات من النيابة والمحاكم لحماية الشهود غير كاف لحماية الشهود على الانتهاكات خاصة تلك الجرائم التي تورطت فيها عناصر أمنية وعسكرية.

ويقول البصري إن حماية الشهود تتلخص في تلقي شهاداتهم من خلال وضع ستار لحماية الوجه أو استخدام تقنية الفيديو للحصول على الشهادة من مقر إقامة الشاهد أثناء المحكمة.

ورأى البصيري، إن قضايا العدالة في السودان معقدة لأن نفس الأجهزة المسؤولة عن حماية الشهود متورطة في الانتهاكات بالتالي من الأفضل السير نحو العدالة الانتقالية.

وأضاف: “طبعا لا يمكن الحديث عن العدالة الانتقالية قبل تحقيق سلام شامل لمعالجة الجراحات القديمة والجديدة”.

وتعد قضية الشهيد أحمد المجذوب الذي قتل في الرابع من يونيو 2019 بالتزامن مع فض اعتصام القيادة من القضايا المعطلة بسبب برنامج غياب حماية الشهود.

وتعرض بعض الشهود في القضايا المتعلقة بالانتهاكات الى تهديدات مباشرة من القوات العسكرية والأمنية قد تصل الى درجة الاختطاف.

ومن جهته، يوضح القانوني رفعت مكاوي في مقابلة مع (عاين) أن الشهود يتعرضون الى مخاطر عالية في السودان لأن مجرد ذهاب الشاهد الى قسم الشرطة او مقر لجنة التحقيق في فض الاعتصام او النيابة يكون عرضة للتهديد.

وتابع: “قد يتعرض الشاهد الى ضغوط من عائلته بعدم الادلاء بشهادته خوفا على حياته او من اصدقائه بالتالي يجب ان تتوجه أجهزة العدالة للحصول على الشهادة عن طريق برامج إخفاء الشهود بشكل نهائي”.

بينما يشدد عثمان البصري بأن المنشورات الصادرة من النيابة او المحاكم لحماية الشهود غير كافية لحماية الشهود والأفضل في ظل هذه التعقيدات التوجه نحو العدالة الانتقالية لان من تستهدفهم العدالة إما مسؤولون في السلطة الانتقالية او عناصر امنية وعسكرية في القوات النظامية.

ويضيف بالقول: “العدالة الانتقالية من مهامها اصلاح الاجهزة الامنية والعسكرية واجهزة العدالة لكن اذا لا يمكن تحقيق العدالة بالطرق التقليدية باللجوء الى المحاكم في ظل وضع العدالة تحت حراسة اجهزة متهمة بالانتهاكات”.

ويعلل البصري عدم وجود آمال بتحقيق العدالة بعدم توفر الثقة بين الاجهزة العسكرية والشرطية والشارع حتى بعد ذهاب النظام البائد لأن الإصلاحات لاتزال بعيدة عن هذه الأجهزة.