خروج مهيب للسودانيين .. والعسكريون يرتكبون مجزرة جديدة
30 يونيو 2022
ارتكبت قوات الأمن السودانية الخميس “مجزرة جديدة” بحق المتظاهرين السلميين المناوئين للانقلاب العسكري الذي نفذه قادة الجيش السوداني في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي وقتل 8 من المحتجين برصاص القوات الأمنية في الخرطوم وام درمان.
وتدفق آلاف السودانيين إلى الشوراع الرئيسية في مدن واحياء العاصمة الخرطوم وعدد من مدن الولايات السودانية في الذكرى الثالثة لـ”مليونية 30 يونيو 2019″ منددين باستمرار الانقلاب العسكري.
ويقاوم السودانيون منذ الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي انقلابا عسكريا اطاح عبره قادة الجيش بشركائهم المدنيين الذين تقاسموا معهم السلطة عقب الاطاحة بحكومة الرئيس المخلوع عمر البشير بثورة شعبية ديسمبر 2018.
وتحدى الآلاف الاطواق الأمنية التي ضربتها القوات المشتركة في الطرق الرئيسية لاسيما المؤدية إلى ساحة القصر الرئاسي وسط الخرطوم وقاوم المتظاهرين الاطلاق الكثيف للغاز المسيل للدموع وقنابل الغاز الكثيفة التي تطلقها مدرعات الشرطة تجاه المتظاهرين.
وزحف الملايين اليوم الخميس تجاه قصر الرئاسة في الذكرى الثالثة لمليونية 30 يونيو والتي اضطر على اثرها العسكريين في 2019 للعودة إلى طاولة المفاوضات مع المدنيين بعد فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو في نفس العام وتوصل الطرفين المدني والعسكري إلى اتفاق تقاسم السلطة.
وتحركت مواكب ضخمة من احياء مدن الخرطوم المختلفة في وقت مبكر من صباح الخميس حسب المسارات الميدانية المعلنة من لجان مقاومة ولاية الخرطوم التي تقود الاحتجاجات الشعبية ضد الانقلاب العسكري.
واستبقت حكومة الانقلاب مليونية الثلاثين من يونيو بإجراءات أمنية مشددة شملت الإغلاق الكامل للجسور الرابطة بين مدن العاصمة السودانية في محاولة لعزل الحراك الجماهيري، كما شملت الخطة الأمنية قطع شبكتي الانترنت والاتصالات.
وانتشرت قوات أمنية حول الطرقات المؤدية إلى نقاط التجمع الرئيسية للمتظاهرين. ورصد مراسلون ميدانيون لـ(عاين)، من احياء مختلفة في العاصمة حملة اعتقالات واسعة نفذها رجال بأزياء مدنية ويحملون الاسلحة، وطالت الاعتقالات العشوائية متظاهرين ومتظاهرات بشارع محمد نجيب الرئيس في الخرطوم.
ومع حلول المساء، تحولت التظاهرات إلى دعوات للاعتصام في الخرطوم، والخرطوم بحري في أعقاب مقتل ما لايقل عن سبعة متظاهرين برصاص قوات الأمن في الخرطوم وامدرمان فيما أطلقت قوى الحرية والتغيير تحذيرا من ارتكاب القوات الأمنية مجازر في مدن العاصمة.
وقال شهود من مدينة ام درمان لـ(عاين)، إن قوات الأمن قابلت المحتجين بالرصاص الحي وقنابل الغاز لمنعهم من عبور جسر نيلي حينما حاولوا إزاحة الحاويات.
وأوضحت لمى محمد التي شاركت في الاحتجاجات في مدينة أم درمان في محيط البرلمان أن قوات الأمن مارست اليوم انتهاكات كبيرة وأطلقت الرصاص الحي وقتلت متظاهرين بالرصاص على مستوى الصدر والبطن والرأس ما يعني تعمد هذا الأمر.
حشود ضخمة
بينما تظاهر الآلاف في شوارع الخرطوم منذ وقت مبكر من صباح اليوم على غير العادة ضمن تكتيكات وضعها قادة الحراك السلمي للاطاحة بالعسكريين عن السلطة.
وسارت الحشود الكبيرة التي استجابت لدعوات التظاهر في الذكرى الثالثة لـ”مليونية 30 يونيو” مسافات طويلة للوصول إلى شارع القصر وترديد هتافات ترفض الحكم العسكري.
واضطرت القوات الأمنية إلى الانسحاب من التقاطعات الرئيسية بسبب الأعداد الهائلة للمتظاهرين والتي كسرت الطوق الأمني في الشوارع الرئيسية ولم تمنع قنابل الغاز المتظاهرين من التقدم نحو شارع القصر.
وكانت الشوارع خالية من المارة إلى جانب المتاجر المغلقة في وقت مبكر من صباح الخميس في العاصمة الخرطوم فيما واجهت القوات الأمنية المتظاهرين بعنف مفرط خاصة الآلاف الذين حاولوا الوصول إلى القصر. وقالت مصادر طبية إن أكثر من 200 مصابا نقلوا إلى المستشفى أغلبها بعبوات الغاز والرصاص المطاطي إلى جانب الرصاص الحي.
عبور الجسر
ولم تكن الأوضاع في الشوارع المحيطة بالبرلمان في مدينة أم درمان غربي العاصمة تختلف عن شوارع الخرطوم وتمكن عشرات الآلاف إزاحة حاويات وضعتها السلطات في الجسور النيلية لغرض إزاحتها.
وقال معمر، إن الآلاف تمكنوا من عبور جسر أم درمان ووصلوا إلى الخرطوم. موضحا ان القوات الأمنية تعمدت اطلاق الرصاص من قناصات اعتلوا أسطح بعض المباني الحكومية القريبة من الجسر.
وقال معمر لـ(عاين)، أن المئات من متظاهري أم درمان عبروا الجسر الحديدي وتحدوا القمع الأمني ووصلوا قرب مستشفى الجودة جنوب العاصمة للانضمام إلى اعتصام يتوقع ترتيبه هناك. واضاف “وصل المتظاهرون من أم درمان إلى شروني سيرا على الأقدام ومن هناك قرروا الانضمام إلى اعتصام مستشفى الجودة”.
اعتصام مماثل
بينما اتخذ متظاهرون في الخرطوم بحري شمالي العاصمة تقاطعا رئيسيا للاحتجاجات في أعقاب عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن في جسر المك نمر.
ووضعت السلطات حاويات شحن متعدة في هذا الجسر لمنع تدفق المحتجين إلى القصر.
وقالت أماني التي شاركت في تظاهرات الخرطوم بحري لـ(عاين)، ان اعتصام الخرطوم بحري قد يعلن اعتصام مواز لاعتصام الخرطوم حال نجاح الإجراءات التي قد يتخذها منظمو الحراك السلمي لترتيب هذا الامر.
واشارت إلى، إن مواكب الخرطوم بحري تعرضت إلى قمع مفرط من القوات الأمنية في جسر المك نمر لمنع عبور المتظاهرين إلى القصر الجمهوري.
واقترحت لجان المقاومة في مدينة الخرطوم بحري تنظيم اعتصام ليوم واحد قابل للتمديد ولا تزال الاحتجاجات مستمرة في تقاطع المؤسسة في بحري بينما تواصل قوات الأمن إطلاق قنابل الغاز.
مدن السودان تنتفض
وشهدت مدن نيالا وودمدني والفاشر وبورتسودان والضعين تظاهرات مناوئة للحكم العسكري، وفي مدينة نيالا ثاني أكبر المدن السودانية خرج آلاف المدنيين في مواكب ضخمة وتجمعت المواكب من أحياء المدينة المختلفة بقيادة ميدانية للجان المقاومة، بجانب مواكب نوعية من تنسيقيات المؤسسات، الأحزاب السياسية ،حركات ثورية غير موقعة على اتفاقية سلام جوبا، ومنظمات مجتمع مدني، والنازحين .
واحتشدت المواكب وشكلت تجمعا ضخماً في تقاطع “صينية السينما” وسط المدينة قبل أن تنطلق الى النقطة الرئيسية في ساحة المجلس التشريعي، ومن ثم عادت المواكب مرة أخرى الى تقاطع “صينية السينما”.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب باسقاط الحكم العسكري والتأسيس للحكم المدني والتحول الديمقراطي. وأوضح وقال ممثل لجان المقاومة بحي الوادي، محمد آدم علي، أن الخروج الكبير لجماهير مدينة نيالا في الذكرى الثالثة لمليونية 30 يونيو، تأكيدا لإدراك الشعب أن لاخيار أمام الانقلابين إلا تسليم السلطة للشعب .