دارفور.. فقدان الثقة في القوات المشتركة لحماية المدنيين
12 فبراير 2022
تثير المظاهر العسكرية قلق سكان المدن والأرياف بإقليم دارفور غربي السودان والذي شهد حربا لسنوات بين حركات مسلحة والجيش السوداني إبان حكم الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير.
ما يضاعف من قلق السكان في الاقليم تعدد الجيوش وتمركزها وسط المدنيين بعد التوقيع على اتفاقية سلام السودان الموقعة في “جوبا” اكتوبر 2020 والتي خصصت مسارا لإقليم دارفور تقرر بموجبه تشكيل قوة مشتركة بين قوات الحركات المسلحة المسلحة الموقعة على اتفاق السلام والجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لكن اتهامات عديدة طالت هذه القوات بارتكابها انتهاكات بحق المدنيين بجانب المناوشات فيما بينها.
وأثار قرار المجلس المشترك الأعلى للترتيبات الامنية ردود فعل واسعة بسبب تحويل قوات مشتركة تضم الحركات المسلحة والدعم السريع تم تشكيلها مسبقاً بأن تقوم بمهمة حماية المدنيين في دارفور.
ويواجه قرار المجلس الذي انعقد برئاسة قائد الانقلاب القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان في مدينة “الفاشر” الأسبوع قبل الماضي، انتقادات واسعة باسناده قوات ليس لها قانون ومليشيات متهمة بالنهب والتحيّز في الصراع بدارفور أن توكل إليها مهمة حماية المدنيين وتأمين عودتهم من مخيمات النزوح الى قراهم وبلداتهم الاصلية.
ولم يمر أسبوع على تشكيل القوة في ديسمبر الماضي، واجهت هذه القوات اتهامات بنهب الموقع الرئيسى لبعثة “يوناميد” المنسحبة من الاقليم قبيل توزيع نحو (700) سيارة وآليات للاستفادة منها في الخدمات المدنية في ولايات دارفور الخمس، علاوة على تنفيذها عمليات نهب استهدفت مخازن رئيسية لبرنامج الغذاء العالمي بمدينة الفاشر في مشهد فوضوي آثار شكوك وتساؤلات حول تفويض قوات لم تخضع للتدريب والتأهيل بأن تقوم بمهمة معقدة كحماية المدنيين.
وقرر مجلس الدفاع المشترك الذي يرأسه قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع وعضوية قادة الحركات المسلحة، في ديسمبر الماضي في أعقاب تصاعد أعمال العنف في دارفور، تشكيل قوة مشتركة أطلق عليها “القوة الرادعة ذات المهام الخاصة” وتم تكوينها من قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة بجانب الجيش والشرطة وحدد قيادتها المتقدمة في مدينة “الفاشر” رئاسة الاقليم ومنح القرار القوات سلطات واسعة تمكنها من سيطرة واحتواء العنف، علاوة على تفويضها بعملية جمع السلاح في الاقليم الاكثر تعقيدا.
إلا أن مجلس الدفاع لم يوضح حينها ما إذا كانت هذه القوة تأتي تنفيذا لبند الترتيبات الأمنية ضمن اتفاقية السلام أم قوة أخرى لحفظ الأمن في ظل الاعتداءات التي يشهدها الإقليم، مما جعل القوات مسار جدل وشكوك وسط المدنيين خاصة النازحين في المخيمات والعائدين.
ماذا قال النازحون؟
“القوات الجديدة التي أعلن عنها المجلس الانقلابي غير مؤتمنة على النازحين لجهة انها كانت مسؤولة عن حماية مقرات بعثة (يوناميد) وقامت بنهبه بجانب مخازن الغذاء العالمي أمام أعين الحكومة والمجتمع” يقول ويقول الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور آدم رجال لـ(عاين) ويضيف: “لا يمكن لهذه القوات بحماية المدنيين والنازحين وتأمين قراهم وهي من تسببت في نزوحهم”.
ويتهم آدم رجال، قيادات انقلاب الخامس والعشرين، بالتخطيط لخلق فتنة جديدة في دارفور واعادة الصراع عبر الترتيبات الامنية وتفويض قوات ذات طابع جهوي بحماية المدنيين.
بالمقابل يرى الباحث بمركز دراسات السلام جامعة الفاشر، د. عبدالله آدم، أن تشكيل أي قوة تضم الحركات المسلحة والدعم السريع لحماية المدنيين بدارفور قبل عملية دمجها في القوات المسلحة، يعتبر تعقيدا لعملية السلام ومحفزا للتكتل الاهلي ومؤشر لعودة الحرب الاهلية من جديد في دارفور، لجهة أن هذه القوات لاتخضع لاي قانون قوانين مثل القوات المسلحة والشرطة وغير مرحب بها. ولفت إلى انها واجهت اتهامات أكثر من مرة بالضلوع في الصراع الاهلي بين المكونات الاجتماعية بدارفور.
وأشار عبدالله في مقابلة مع (عاين)، أن هذه القوات متهم بالانحياز لأطراف النزاع في غرب دارفور وشمال دارفور بعد توقيع اتفاقية السلام وتستخدم أسلحتها ضد المدنيين أنفسهم وهي غير موثوق بها حتى توفر حماية المدنيين.
وطالب آدم، بضروة أبعادها من قوات حماية المدنين في المرحلة الحالية لحين دمجها ضمن القوات المسلحة والشرطة حتى تخضع للمحاسبة عبر القانون حال ارتكابها مخالفة.
تخوف الرعاة
وبالمقابل تخوف الرعاة والرحل أن تقوم القوات بتصفية الحسابات الجهوية خلال عملية جمع السلاح التي منحت للقوات المشتركة.
وأبدى ممثل عن الرعاة بولاية شمال دارفور، حمدان إسحق محمد، عن قلقه من تعامل هذه القوات بردود فعل تجاه الرعاة والرحل. وقال لـ(عاين)، “هذه القوات غير محايدة وتقف مع مجموعة ضد الاخرى واتضح ذلك من خلال تدخلها في أحداث جنوب غرب “الفاشر” وقامت باستهداف الرعاة وقتلت “الإبل” في عملية ردود فعل واضحة ضد الرعاة والرحل”.