قوات أمنية جديدة.. هل يحاصر العسكر سلمية الثورة السودانية؟
19 يونيو 2021
في خطوة مفاجئة، أصدر نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الخميس الماضي، محمد حمدان دقلو، وهو رئيس اللجنة الوطنية لتنفيذ اتفاق سلام جوبا قرارا بتشكيل قوات مشتركة لمكافحة الانفلات الأمني في العاصمة السودانية والولايات وهي قوة تتشكل من “الشرطة والجيش والدعم السريع وجهاز المخابرات العامة، وممثلي الحركات المسلحة وممثل من مكتب النائب العام”.
وحصدت هذه الخطوة انتقادات واسعة من قبل قوى الثورة السودانية لجهة ان مهام حفظ الأمن مسنودة وفقا للقانون لقوات الجيش والشرطة، هذا إلى جانب ان قرار تشكيل القوات استبق التشريع القانوني الذي يمكن للقوات العمل عليه.
ونقلت مصادر حكومية لـ(عاين)، اعتراض المكون المدني في السلطة على انشاء هذه القوات، إلا ان العسكريين وبحسب المصادر نجحوا في إقناع الحكومة الانتقالية بضرورة نشر القوات المشتركة لجهة المهددات الأمنية المتمثلة في باتساع رقعة الانفلات الأمني في العاصمة السودانية وصعود الاقتتال القبلي في بعض الولايات.
وشهدت العاصمة السودانية الاسبوع الماضي اعمال عنف وانفلات أمني عقب زيادة الحكومة الانتقالية أسعار الوقود.
تبريرات العسكر
ويصف مسؤول حكومي تحدث مع (عاين) مشترطا حجب اسمه، تشكيل قوات عسكرية مشتركة بحجة ردع الانفلات الأمني بـ “الخطير”. ويشير إلى ان تبريرات العسكريين كانت حول الانفلات الأمني وعندما جرى إبلاغهم بضرورة تقوية جهاز الشرطة تحججوا ان الأمر يحتاج الى وقت.
وتابع: “في اعتقادي ان القوى المدنية في مأزق حقيقي لأن ضعفها والخلافات التي تضرب التحالف الحاكم ادت الى وضع تبريرات في أيدي العسكريين بضرورة فرض هيبة الدولة تحت غطاء هذه القوات”.
لكن الخبير الأمني عمر عثمان، يقلل من المخاوف المتعلقة بتغول هذه القوات على حرية التعبير والتظاهر السلمي. مشيرا إلى أن مهامها تختلف وهي متعلقة بمكافحة الجرائم والانفلات الأمني والمداهمات والسيطرة على الوضع بشكل عام.
ويقول عثمان في حديث لـ(عاين) إن القوات المشتركة التي شكلها مجلس السيادة الانتقالي لا تلغي دور الشرطة التي تستمر في عملها داخل المدن ومتابعة الانشطة اليومية.
قوة بلا تشريع
من جهته يقول المتحدث الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين وليد علي احمد في حديث لـ(عاين)، إن تشكيل القوات المشتركة يأتي خصما على النظام الدستوري، لافتا الى ان هذا القرار يعني اكتمال حلقات التآمر على الثورة والحكم المدني. وذكر أحمد، ان القرار لم يصدر من المدنيين بل صممه العسكريون ثم طلبوا من الجهاز المدني وضع التشريعات بواسطة وزارة العدل.
ويشير أحمد، إلى ان المبررات بان الشرطة ضعيفة يمكن الإجابة عليه بتقويتها ودعمها واعادة المفصولين وتحقيق العدالة. وتابع: “من الطبيعي أن يلف النظام البائد الحبل على عنقك طالما تركته دون محاكمات وملاحقات أو مراقبة”.
وأضاف: “القرار صدر من نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو ولم يصدر من مجلس السيادة او لجنة الامن والدفاع ما يعني ان قرار خاص بالعسكريين وفرض على المدنيين”.
وأعرب أحمد، عن قلقه من أن تكون هذه القوات مدخلات لارتكاب الانتهاكات على المواطنين والمتظاهرين.
فيما يرى القانوني، معز حضرة في حديث لـ(عاين) ضرورة أن سن تشريع لضبط القوات المشتركة وأن التشريعات يجب ان تسبق تشكيل هذه القوات لتحديد مهامها.
ويحذر حضرة، من عدم وضع تشريعات قوية تحاصر مهام هذه القوات على مكافحة الانفلات الامني وفقا للقانون أي عدم اطلاق يدها حتى لا تقع انتهاكات جديدة تضعف الفترة الانتقالية.
ويشير إلى أن الضعف الامني نتاج لتأخر الترتيبات الامنية وصعود حالات الانفلات الامني في بعض المدن لكنه شدد في نفس الوقت على أهمية وضع تشريعات تحدد مهام القوات المشتركة حتى لا تكون خصما على حرية التعبير والحراك السلمي.
وأضاف: “الخوف من ان ترتكب هذه القوات انتهاكات لأن بعض اطرافها غير مدربة على التعامل مع الأحداث”.