السودان: الإسلاميون والجيش.. ثلاثة سيناريوهات
عاين- 29 أبريل 2024
بينما يواجه قادة الجيش السوداني الذين تصدروا قيادة القوات المسلحة عقب إسقاط نظام الرئيس عمر البشير في أبريل 2019 اتهامات بموالاة الاسلاميين وتنظيمهم السياسي داخل المؤسسة العسكرية، صعدت كتيبة البراء بن مالك إلى السطح حينما أعلنت عن نفسها بشكل لافت بالتزامن مع اندلاع الحرب منتصف أبريل 2023.
وصعود كتيبة البراء بن مالك خلال الحرب يربطه المدنيون المؤيدون للتحول الديمقراطي بوجود الإسلاميين في الجيش خاصة كبار الضباط.
ويقول المحلل السياسي والصحفي أشرف عبد العزيز لـ(عاين): إن “الحديث عن وجود إسلاميين في الجيش صحيح ولديهم كتائب جهادية تقاتل مع القوات المسلحة”.
ويضيف: “لكن الرهان على الكتائب الموالية للحركة الإسلامية، والتي تقاتل في الحرب انحسر إلى حد كبير من قبل قادة الجيش، ولاحظت القوات المسلحة فشل الاستنفار والمقاومة الشعبية، وشعرت بالظهور الطاغي للإسلاميين وكأنهم أداة النصر الوحيدة”.
وكان نائب قائد الجيش، شمس الدين الكباشي نائب قائد الجيش قال في خطاب مرتجل أمام الضباط والجنود في مدينة القضارف أواخر مارس الماضي أن “ممارسة العمل السياسي ورفع الشعارات السياسية داخل الوحدات العسكرية الخاصة بالجيش ممنوع” ما اعتبر تحولا في العلاقة بين القوات المسلحة والإسلاميين الذين يقودون عمليات الاستنفار والتسليح في ولايات البلاد المختلفة.
ويشير عبد العزيز إلى أن تصريحات الكباشي جاءت من هذا المنطلق لكبح هذا الظهور الطاغي للإسلاميين في الجيش”.
تحالفات الجيش
في منتصف الشهر الجاري انتشرت صورة على المنصات الاجتماعية تجمع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بمجموعة (غاضبون بلا حدود) وهي حركة احتجاجية شبابية تشكلت إبان ثورة ديسمبر، ودرجت على المقاومة السلمية، لكن خلال الحرب انخرط بعض الأعضاء بها للقتال إلى جانب الجيش.
ويعتقد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية صبري عبد المنعم، إن البرهان عندما التقى “غاضبون بلا حدود” وهي حركة شبابية داعمة للثورة أراد الجيش إرسال رسالة للمجتمع الدولي والإسلاميين أن القوات المسلحة بإمكانها فض التحالف مع أي جهة سياسية قد تكون غير مرغوبة بالنسبة لها.
ويرى عبد المنعم في حديث لـ(عاين) أن الجيش بدأ يتململ من تغلغل الإسلاميين في “مفاصل الحرب” والمؤسسة العسكرية ومحاولة استمالة مساعد القائد ياسر العطا الذي يشن الهجوم على المدنيين باستمرار بإيعاز من الإسلاميين.
ويرجح عبد المنعم، زوال تحالف الإسلاميين مع الجيش، والذي بدأت تتشكل ملامحه منذ تصريحات الكباشي في القضارف وتسريبات نقلت عن البرهان حول انزعاج دول الجوار من الصعود الإعلامي لكتيبة البراء بن مالك في الحرب ضد الدعم السريع.
ويضيف: “الجيش فقط يتحالف مرحليا مع الإسلاميين لتوفير حاضنة سياسية بعد أن فشلت الحركات والكتلة الديمقراطية في طرح نفسها كحاضنة سياسية للجنرالات”.
وأردف عبد المنعم: “بدأ الجيش خاصة البرهان في بناء حاضنة سياسية من جماعات سياسية وتيارات أخرى ربما تكون هذه المجموعات داعمة سياسيا لقائد الجيش”.
توتر الجيش والإسلاميين
وخلال الشهرين الماضيين بدأ التوتر واضحا بين الجيش والإسلاميين على لاسيما حادثة قصف طائرة مسيرة تجمع لكتيبة البراء بن مالك بمدينة عطبرة شمالي البلاد، وامتنعت الكتيبة عن الإدلاء بأي تصريحات. وقالت إنها “لن تسبق الجيش السوداني في التعليق حول حادثة المسيرة التي أودت بحياة 15 شخصا من أعضاء هذه الجماعة”.
وخلال البيانات التي تنشرها القوات المسلحة منذ مطلع هذا العام أطلق وسما على حسابه في فيسبوك ومنصة إكس (المقاومة الشعبية تحت قيادة القوات المسلحة) يظهر هذا الوسم محاولة الجيش وقف تغول الإسلاميين وسط المقاومة الشعبية وهي عملية تسليح المدنيين التي انتقدها مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة في مارس الماضي.
وكان وزير الخارجية الأسبق والأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي دعا الجيش بالتزامن مع سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة نهاية العام الماضي بفتح باب التجنيد والمقاومة الشعبية في طلب فسر على أنه محاولة سحب البساط من الجيش.
ويوضح المحلل السياسي والصحفي أشرف عبد العزيز أن التوتر موجود بين القوات المسلحة وكتيبة البراء بن مالك، ونلاحظ ذلك في تحالف الجيش مع الحركات المسلحة لقتال الدعم السريع وتفسر هذه العمليات بحث الجيش عن بدائل تناسب هذه المرحلة.
سيناريوهات مظلمة
بينما يقول الباحث السياسي مصعب عبد الله، أن هناك سيناريوهات تتعلق بمستقبل العلاقة بين الجيش والإسلاميين، السيناريو الأول أن تحدث مواجهات بين الجانبين تفضي إلى تخلص القوات المسلحة من هذه الكتائب التي تعد الجناح العسكري للحركة الإسلامية.
ويضيف عبد الله في حديث لـ(عاين): “السيناريو الثاني أن تدفع الحركة الإسلامية الجناح المتشدد البلاد إلى حرب أهلية من خلال فتح جبهات متعددة للقتال وجر الدعم السريع إلى الولايات الآمنة بالتالي تذويب القوات المسلحة وتفكيكها تماما وانقسامها ما بين مليشيات قبلية ومناطقية، وهذا السيناريو غير راجح لمخاوف المحيط الإقليمي وإمكانية تدخل بعض الدول لصالح الجيش خاصة مصر”.
ويردف عبدالله: “السيناريو الثالث احتواء القوات المسلحة للإسلاميين وإشراكهم في العملية السياسية في فترة ما بعد حرب وهو خيار صعب لطبيعة الإسلاميين التي لا تقبل مناصفة أي طرف في السلطة سوى الانفراد بالحكم”.
ويعتقد مصعب عبد الله أن جميع السيناريوهات ليست في صالح الإسلاميين.