تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على الانقلاب العسكري بالسودان

6 يناير 2020

لا يزال انقلاب القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، يٌقابل بالرفض الشعبي والدولي، فعلى الأرض يستمر الثوار في مليونيات مناوئة للإنقلاب، فيما تتصاعد نبرة الرفض لانفراد العسكريين بالسلطة مما يُنذر بعزلة دولية جديدة للسودان.

طالب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلنكين، يوم الأربعاء، السلطات الأمنية السودانية بالكف عن استخدام القوة المميتة، ضد المتظاهرين السودانيين وإجراء تحقيق مستقل.

وحث الوزير الأمريكي في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بموقع تويتر، يوم الأربعاء أطراف العملية السياسية في السودان، لابتدار حوار فوري بتسهيلات ومعاونة دولية.

دعوات الوزير الأمريكي لإجراء حوار بقيادة سودانية، تطابقت مع وجهة النظر الأوربية الممثلة في دول الترويكا

ومنذ الانقلاب العسكري، على الحكومة الانتقالية في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، نظم السودانيون 13 موكباً في العاصمة والولايات، اتجهت 5 منها نحو القصر الرئاسي وسط الخرطوم.

محاصرة الانقلاب 

ويطالب المحتجون الذين تقودهم لجان المقاومة، وعدد من القوى السياسية والمهنية بإسقاط الانقلاب العسكري وإقامة حكم مدني كامل يؤسس لتحول ديمقراطي مستدام.

“إن المجتمع الدولي الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي ودول الترويكا، سيعمل على محاصرة الانقلاب، حالة عدم التراجع عنه على المستويين السياسي والإقتصادي”، يقول أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية، صلاح الدومة لـ(عاين)، ويرى، أن موقف المجتمع الدولي هو موقف رافض للإنقلاب.

كما يلفت الدومة، إلى أن الموقف الدولي المتمثل في حراكه المستمر واتصالاته مع أطراف العملية السياسية في السودان، يرفض عزم البرهان إنشاء حكومة تصريف أعمال وتعيين رئيس مجلس وزراء بشكل منفرد دون الوصول لحلول سياسية مع القوى المدنية.

وأوضح الدومة، أن المجتمع الدولي يرغب في أن يجتمع العسكريين مع المدنيين من أجل الوصول لمعالجة سياسية للأزمة السودانية، مشيراً إلى أن ممثل الأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس هو الذي سيؤدي دور الوسيط بين أطراف الصراع السياسي في السودان.

من جانبه، يقول السفير السابق الرشيد أبو شامة، ان المجتمع الدولي ظل يُراقب الأوضاع في السودان بدقة، مشيراً إلى أن موقفه ظل يؤكد على ضرورة الرجوع للحوار لحل الأزمة السياسية في البلاد والعودة لمسار العملية الإنتقالية.

بديل البرهان 

وأشار أبوشامة في مقاابلة مع (عاين) إلى أن عودة المساعدات الدولية التي فقدها السودان بسبب الإجراءات الإنقلابية، يتتطلب من القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، تغليب مصلحة البلاد العامة، والحفاظ على المكتسبات الاقتصادية التي تحققت خلال العامين المنصرمين، موضحاً أن المجتمع الدولي سيستمر في إيقاف أي عون دولي للسودان، حالة استمرار “البرهان” في الخطوات الإنقلابية.

وأشار أبو شامة إلى بروز إتجاه قوي لإستبدال البرهان بقيادة جديدة للجيش، حالة الإصرار على المضي قدماً والإنفراد بالسلطة في البلاد، لافتاً إلى أن الشارع الرافض للإنقلاب سيظل ملتهباً حتى  تحقيق مطالبه، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب  الإستمرار في الضغط الشعبي.

من جهته، أكد الاتحاد الأوربي ودول الترويكا، في بيان يوم الثلاثاء، دعمهم المستمر للتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني.

وأوضح البيان، أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، لعب دوراً رئيسياً في قيادة الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية في السودان.

وذكر البيان، أن استقالة حمدوك من منصبه، بعد شهرين من الاستيلاء غير الدستوري للجيش على السلطة، تُعزز الحاجة المُلحة لجميع القادة السودانيين لإعادة الالتزام بالتحول الديمقراطي والوفاء بمطالب الشعب السوداني من أجل الحرية والسلام والعدالة.

وأشار البيان، إلى أنه ليس بوسع أي من الفاعلين السودانيين إنجاز هذه المهمة وحده، مؤكداً على أن الاتحاد الأوربي ودول الترويكا، سيستمران  في دعم التحول التحول الديمقراطي في السودان.

وترفض لجان المقاومة السودانية، أي تسوية سياسية مع العسكريين، وترى أن الوثيقة الدستورية التي تم الانقضاض عليها من قبل العسكريين، لم تقد لإيجاد مخرج لأزمات البلاد المتجذرة، كما لم تفضِ لتحقيق شعارات ثورة ديسمبر المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.

لكن بيان الاتحاد الأوربي ودول الترويكا، أشار إلى أن أطراف العملية السياسية بالسودان، بحاجة للعمل على أساس الوثيقة الدستورية لعام 2019، للتغلب على الأزمة السياسية الحالية في البلاد واختيار قيادة مدنية جديدة، وتحديد جداول زمنية واضحة للعمليات والمهام الانتقالية المتبقية، بما في ذلك إنشاء الهياكل التشريعية والقضائية للحكومة وإنشاء آليات المساءلة، وتمهيد الطريق للانتخابات.

ولفت البيان، إلى أن العمل الأحادي الجانب لتعيين رئيس ومجلس وزراء جديدين من شأنه أن يقوض مصداقية تلك المؤسسات ويخاطر بإدخال البلاد في صراع. ولتجنب ذلك، حث البيان أطراف العملية السياسية، الالتزام بحوار فوري بقيادة السودانيين وميسَّر دوليًا لمعالجة هذه القضايا وغيرها من القضايا الانتقالية.

ودعا البيان إلى إجراء حوار شامل تمثل فيه اللفئات المهمشة تاريخياً،على أن يشمل الشباب والنساء للمساعدة في إعادة البلاد إلى طريق الديمقراطية.

وأكد البيان أن الاتحاد الأوربي ودول الترويكا، لن يدعموا رئيس وزراء أو حكومة معينة دون مشاركة مجموعة واسعة من أطراف العملية السياسية.

وأضاف: “نتطلع إلى العمل مع حكومة وبرلمان انتقالي يتمتعان بمصداقية من الشعب السوداني ويمكنهما قيادة البلاد إلى انتخابات حرة ونزيهة كأولوية”، وتابع البيان “سيكون هذا ضروريًا لتسهيل قيام الاتحاد الأوربي ودول الترويكا بتقديم المساعدات الاقتصادية للسودان.

وحمّل البيان السلطات العسكرية في السودان، مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان التي تتعارض مع التشريعات الوطنية الحالية والقانون الدولي. كما دعا لحماية حق الشعب السوداني في التجمع السلمي والتعبير عن مطالبه.

وطالب البيان الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة الأخرى بالإمتناع عن استخدام المزيد من العنف ضد المتظاهرين السلميين والمدنيين في جميع أنحاء البلاد وخاصة في دارفور.

وشدد البيان على أن قتل عشرات السودانيين والعنف الجنسي وإصابة مئات آخرين على أيدي قوات الأمن والجماعات المسلحة الأخرى منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر الماضي أمر “غير مقبول”.

كما طالب البيان بضرورة إجراء تحقيقات مستقلة في هذه الوفيات والعنف المرتبط بها، داعياُ إلى محاسبة الجناة. كما دعا البيان لإيقاف الهجمات على المستشفيات واحتجاز النشطاء والصحفيين وانقطاع الاتصالات، بالإضافة لمطالبته بالإفراج عن جميع المعتقلين ظلماً ورفع حالة الطوارئ على الفور.

وأشار البيان، إلى أن السودانيين، تحدثوا بصوت عالٍ وواضح كما فعلوا في في 2019″ إنهم يرفضون الحكم الاستبدادي ويريدون استمرار الانتقال نحو الديمقراطية.