(الجنائية) بالخرطوم لأول مرة بعد الإنقلاب.. ما هي الأجندة؟

16 مارس 2022

وسط مخاوف من إطاحة إنقلاب 25 أكتوبر، بآمال ضحايا إقليم دارفور في تحقيق العدالة، بعدما حققت الحكومة الانتقالية المُنلقلب عليها تقدماً ملموساً، في اتجاه تسليم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية. أعلنت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء استقبالها وفداً من المحكمة الجنائية الدولية بين يومي 7-9 مارس الحالي.

وفي 17 يناير الماضي، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إن الأحداث التي شهدها السودان في 25 من أكتوبر الماضي، وما ترتب عليها من انعدام الأمن وعدم الاستقرار في البلاد، “تشكل انتكاسة تطرح تحديات إضافية لعملنا في السودان”.

كما قال إن مكتبه اضطر إلى تعليق نشر فريقه في السودان وإيقاف جميع أنشطة التحقيق على الفور، مشيراً إلى أن العديد من المحاورين والمنسقين الرئيسيين للمكتب لم يعودوا يشغلون مناصبهم في حكومة السودان”.

وأضاف خان وقتها، أن “المساءلة لا تتوقف عند هذا الحد، فهناك أربعة أشخاص آخرين صدرت بحقهم أوامر توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، ثلاثة من المشتبه بهم محتجزين حالياً في السودان، وهم  الرئيس السابق عمر البشير ووزير الداخلية السابق عبد الرحيم محمد حسين ومحافظ جنوب كردفان السابق أحمد هارون، أما الشخص الرابع فهو عبد الله بندة القائد السابق في حركة العدل والمساواة الذي لا يزال طليقاً”.

UN Photo/Eskinder Debebe

وأكد وكيل وزارة خارجية حكومة الانقلاب بالإنابة، نادر يوسف الطيب، عقب لقائه وفد الجنائية، التزام السودان بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة وفقاً لمبادئ القانون الدولي وتسهيل عمل المحكمة بالتنسيق مع الوزارات الأخرى والجهات ذات الصلة.

وتعتبر تصريحات المسؤول الحكومي بشأن المحكمة الجنائية الدولية، هي الأولى منذ أن نفذ القائد العام للجيش السوداني انقلابه على حكومة الفترة الانتقالية.

وحسب إدارة الإعلام والناطق الرسمي بالخارجية السودانية، التقى الطيب بمدير قسم العلاقات الخارجية بمكتب مسجل المحكمة الجنائية الدولية والوفد المرافق له الذي زار السودان خلال الفترة من 7- 9 مارس الحالي.

وأشار مدير قسم العلاقات الخارجية بمكتب مسجل المحكمة الجنائية الدولية، وفقاً لإعلام الخارجية، إلى أن الغرض من الزيارة جاء في إطار التشاور مع الجهات المختصة حول بعض الإجراءات المتعلقة بتسهيل التعاون بين السودان والمحكمة.

وأوضح مدير قسم العلاقات الخارجية بمكتب مسجل المحكمة الجنائية الدولية، أن جميع الإجراءات المتعلقة بعمل المحكمة في السودان، سيتم إرسالها بصورة رسمية إلى الجهات المختصة بالسودان.

وزار مدعيا محكمة الجنايات الدولية خلال الفترة الانتقالية البلاد ثلاثة مرات، بما في ذلك إقليم دارفور من أجل بحث تسليم المطلوبين لدى المحكمة.

وفي يوليو من العام الفائت أكدت الدائرة التمهيدية للمحكمة التهم الموجهة ضد علي كوشيب الذي ستبدأ أولى جلسات الرسمية لمحاكمته في أبريل القادم من العام الحالي.

وبعد الانقلاب اضطر مكتب المدعي العام إلى تعليق نشر فريقه في السودان وإيقاف جميع أنشطة التحقيق على الفور. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من المحاورين والمنسقين الرئيسيين للمكتب لم يعودوا يشغلون مناصبهم في حكومة السودان”.

وجدد المدعي العام دعوته لحكومة السودان لضمان وصول مكتبه بأمان إلى السودان، بما في ذلك الوصول إلى الوثائق ومسرح الجريمة والشهود، مشدداً على ضرورة الرد على الطلبات العديدة بشأن المساعدة التي أرسلها مكتبه “دون مزيد من التأخير”.

وقال المحامي والقانوني المختص في شؤون المحكمة الجنائية الدولية بإقليم دارفور عبد الباسط الحاج: “إن زيارة وفد المحكمة تأتي على أساس مذكرة التفاهم التي وقعتها المحكمة مع حكومة السودان في فترة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك.

وأشار في حديث لـ(عاين)، إلى أن الحكومة السابقة التزمت بالتعاون مع المحكمة وتسهيل إجراءات وتيسير عمليات دخول و تحرك موظفيها والوفود الخاصة بالمحكمة إذا وصلت إلى السودان.

المتهم على كوشيب امام جلسة المحكمة (الجنائية الدولية)

ولفت الحاج إلى أن المحكمة ستحتاج إلي زيارات مستمرة من أجل تكملة العديد من المطلوبات بما أن هناك عدد متبقي من المطلوبين للمحكمة داخل سجون الحكومة السودانية.

ويشير الحاج، إلى أنه وبما أن السودان لم ينضم إلى نظام روما الأساسي وبما أن السودان من الدول التي وقعت فيها جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فإن من الضروري خلق صيغة للتعامل مع هذا الملف على أساس قرار مجلس الأمن الخاص بإحالة الملف من المجلس إلى المحكمة، مما يجعل السودان ملزم بالتعاون مع المحكمة و تسهيل تكملة إجراءاتها داخل السودان.

ويوضح الحاج، بأن المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية هم الرئيس السابق عمر البشير وعبدالرحيم حسين وأحمد هاون و عبدالله بندة القائد السابق في حركة العدل والمساواة، بالإضافة إلى علي كوشيب الذي سلم نفسه العام قبل الماضي وينتظر أن تبدأ محاكمته أبريل المقبل.

وأفاد الحاج، بأن مكتب المدعي العام للمحكمة استطاع أن يقدم الوثائق والأدلة الكافية أمام المحكمة في الدائرة التمهيدية لتأكيد التهم.

وفي يونيو 2020 سلم كوشيب نفسه لبعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة للبلاد، الذين قاموا بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية بمدينة لاهاي،  ومثل أمام المحكمة للمرة الأولى في 15 يونيو من نفس العام وبعد عدة جلسات قرر قضاة المحكمة في 24 مايو 2021 بعد تأكيد التهم تقديمه إلى المحاكمة.

ويرى أستاذ العلوم السياسية صلاح الدومة، إن المحكمة الجنائية الدولية مقتنعة بأن النظام الموجود الآن في السودان هو امتداد للنظام البائد.

وأوضح الدومة في حديث لـ(عاين) أن المحكمة الجنائية الدولية تدرك أن النظام الحالي يريد المماطلة ليكسب مزيداً من الوقت، كما تعلم أنه لن يقوم بتسليم المتهمين لدى المحكمة الجنائية الدولية، لافتاً إلى أن المحكمة لا ترغب في اتهام الحكومة القائمة بالمماطلة وعدم الجدية.

وأشار الدومة، إلى أن المحكمة تتبع سياسة النفس الطويل، بدلاً عن استخدام السياسة العنيفة في مواجهة قادة السلطة في السودان، فيما يتصل بتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.