مجلس السيادة الانتقالي يعيق النيابة العامة في تحقيق العدالة
تقرير: 19فبراير2021
ألقت الشرطة السودانية، في الـ 6 من فبراير الجارى القبض على عضو لجنة تفكيك نظام الـ 30 من يونيو واسترداد الأموال ”صلاح مناع“، وتسليمه نيابة أمن الدولة بموجب بلاغ من النائب العام السوداني تاج السر الحبر تحت طائلة المواد (159،62،160) إثارة الكراهية والتذمر ضد القوات النظامية، وقالت اللجنة في بيان لها أن قوة شرطية وصلت لمقر اللجنة، وأبرزت أمر قبض صادراً بموجب البلاغات المفتوحة في مواجهة صلاح مناع
واتهم عضو لجنة ازالة التمكين صلاح مناع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بأمر النائب العام تاج السر الحبر إطلاق سراح زوجة الرئيس السابق عمر حسن احمد البشير، المفرج عنها في 13 أكتوبر الماضى من نيابة مكافحة الثراء الحرام .بينما نفت النيابة العامة ادعاءاته، وأوردت بعض المصادر الإعلامية أنباء عن أشخاص من مجلس السيادة منعت عضوي اللجنة صلاح مناع ووجدي صالح من دخول القصر الجمهوري
مهدد لمسار العدالة
تقول الاستاذة تماضر الطيب من مركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، (عاين) ان تدخل رئيس المجلس السيادي يؤثر على عمل الحكومة المدنية التي ترغب في تأسيس حكم ديمقراطي وعدالة، كما يعتبر مهدد خطير لمسار العدالة، باعتباره أحد أهم الركائز التى قامت بها ثورة ديسمبر، بالرغم من التعثر في بعض القضايا حتى الآن، وتتهم أطراف لم تسميها بوضع عراقيل أمام تحقيق مبدأ العدالة ومحاسبة المسؤولين في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان، والتعدي على المال العام، علاوة على الانتهاكات التي حدثت مؤخرا من التعدي على الممتلكات العامة في بعض الولايات عبر متفلتين من عناصر النظام السابق.
واوضح المحامي عبدالمنعم ادم محمد لـ(عاين) ان قضية إطلاق سراح قيادات الحزب البائد لها عدة اتجاهات، ,ويرى أن قانون الإجراءات الجنائية عندما تكون القضايا متعلقة بالحق العام، يمنح سلطة للنائب العام ورئيس الدولة أن يعفو، هذا القانون معمول به في العديد من البلدان ويكون للرئيس الحق في إيقاف إجراءاتها، إذا كانت تؤثر على العلاقات. إلا أن عبدالمنعم يرى ما حدث مؤخرا ليس له أساس في القانون، خصوصاً أن هذه القضايا ليست من قضايا التسوية، فهناك جرائم الابادة الجماعية في إقليم دارفور غربي السودان على سبيل المثال لا يستطيع أي فرد إطلاق سراح المحبوسين على ذمة التحقيق.
وتطالب تماضر بمزيد من المراجعة في الملف الخاص بالعدالة، لصعوبة القضايا وايضا الحاجة الي مزيد من الأدلة الدامغة، خصوصا في ظل التباين الكبير بين المكون العسكري والمدني بالبلاد و التعقيدات التي تتسيد مشهد حكومة الفترة الانتقالية، وانحياز بعض المسؤولين لجهات بعينها، والذى أدى إلى انعدام الثقة بين مكونات السلطة في هذه الفترة الانتقالية.
التحقيق مع البرهان
يستنكر عبدالمنعم تدخل رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، واعطاء اوامر للنيابة بإطلاق سراح قيادات حزب المؤتمر الوطني السابق، ويعتبره تأثير على سير العدالة بشكل سالب، كما يشكك في استعادة الثقة في المنظومة العدلية على الرغم من بعض الاصلاحات القليلة على القوانين عقب ثورة ديسمبر ، مشيرا إلى أن ما قام به النائب العام بفتح بلاغات ضد عضو لجنة ازالة التمكين صلاح مناع، والقاء القبض عليه، تمت بطريقة مهينة، لا تتناسب مع شخصية الموظف العام، بل جاءت في سياق المكايدة فقط، ويوضح أن وظيفة صلاح مناع تعطيه الحق في التحقيق حتى مع رئيس مجلس السيادة نفسه.
ويؤكد عبدالمنعم أن ما قام به رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان سيؤثر على سير العدالة في السودان، كما توضح أن الدولة القديمة ما تزال تعمل، خاصة أن هذه القضايا متعلقة بشخصيات متورطة في ملفات فساد النظام السابق.
انتهاك الوثيقة الدستورية
يوضح وكيل النيابة محمود عبدالمنعم لـ(عاين) أن التدخل في شؤون القضاء سواء في مرحلة التحري التي تتولاها النيابة العامة أو مرحلة المحاكمة التي تتولاها السلطة القضائية محرم في كل التشريعات في العالم، بل جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن، ويقول لـ(عاين) ان المشرع القانوني أفرد الفصل الحادي عشر من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، تحت عنوان التأثير على سير العدالة، تناول فيه طرق التأثير على عدالة الإجراءات القضائية، وكذلك تتفاوت العقوبة المحددة في هذا الفصل حسب نوع التأثير الذي يمارسه المتهم علي عدالة الإجراءات القضائية، بينما نصت المادة (115) من القانون الجنائي لسنة 1991م ’’ من يقوم قصدا بفعل من شأنه التأثير على عدالة الاجراءات القضائية او اجراءات قانونية متعلقة بها، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر او بالغرامة أو العقوبتين معا‘‘.
ويوكد محمود أن التأثير على عدالة الإجراءات القضائية يفرغ العدالة من مضمونها، وتضيع معه الحقوق، الأمر الذي يؤدي إلى انتقاص هيبة الدولة، وتصبح معه العدالة عرجا تباع وتشترى، كما يناشد بضرورة المحافظة على مؤسسات العدالة، ويرى إذا صحت الاتهامات على لسان مقرر لجنة ازالة التمكين عن تدخل رئيس مجلس السيادة، وتوجيهه للنائب العام، هذا الفعل يشكل جريمة، ويؤثر على سير العدالة، ويعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي السوداني 1991 والمعدل 2020، ويضع رئيس مجلس السيادة تحت طائلة القانون، كما يعتبر انتهاك للوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية حيث نصت المادة (32) أن النيابة العامة جهاز مستقل يعمل وفق القوانين المنظمة.