الجوع يهدد (240) ألف أسرة عالقة بالخرطوم بعد توقف غرف الطوارئ

عاين- 7 مارس 2024

يهدد الجوع حوالي (240) ألف عائلة من العالقين في معارك الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 إبريل الماضي في ظل توقف 90% من المطابخ التكافلية التي أنشأتها غرف طوارئ ولاية الخرطوم لتقديم المساعدات الإنسانية.

وواجهت غرف الطوارئ التي باشرت عملها فور اندلاع الحرب أزمة في التواصل بعد انقطاع الاتصالات عن العاصمة الخرطوم وتعطل التحويلات المالية المصرفية، إلى جانب المضايقات العديدة التي تمارسها قوات الطرفين ضد أعضاء الغرفة كل في مناطق سيطرته لحد مصادرة الشحنات الغذائية واعتقال المتطوعين.

عجز عن تقديم الخدمة

وقال العضو في غرف طوارئ ولاية الخرطوم، سمير حسن: “نحن عاجزون عن التواصل معهم، ولم نتمكن من الحصول على معلومات، لكن تمكنا من التواصل مع القليل، وعلمنا أننا ذاهبون إلى مجاعة حقيقية خلال فترة قليلة، ولم نتمكن من شراء احتياجات المطابخ للوجبات اليومية والسلع التي نوزعها على المواطنين لعدم قدرتنا على تحويل الأموال للتجار بعد توقف الاتصالات والخدمات المصرفية”.

الصورة: غرفة طوارئ بري

وبدأت غرف الطوارئ تقديم الخدمات لسكان الخرطوم بعد اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي، وتمكنت من ممارسة نشاطها، على الرغم من استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والانتهاكات التي يتعرضون لها من الطرفين.

وكان لغرف الطوارئ في مختلف الولايات السودانية السبق في توفير مراكز لإيواء الفارين من الصراع المسلح مع توفير احتياجاتهم من الأكل والشرب عن طريق استقطاب الدعم من الجهات الخيرية والتجار في الأسواق، وما تزال تقوم بهذا الدور في ظل غياب المنظمات التي يقول منسوبوها أنهم غير قادرين على العمل؛ نظراً لقيود السلطات وعدم وجود ممرات آمنة.

وتمارس على الفاعلين في غرف الطوارئ في الخرطوم انتهاكات جسيمة من اعتقالات، وأدى قطع الاتصالات في السودان إلى شلل كامل لغرف الطوارئ في الخرطوم؛ لأنها تعتمد كلياً على الإنترنت والاتصالات لا سيما المعاملات البنكية في الخرطوم، وتفاقمت الأزمة بعد انقطاع الإنترنت لأكثر من شهر- على حد قوله.

وتتعرض (غرف الطوارئ) -الأمل الوحيد للنازحين داخليا والعالقون بمناطق المعارك في الحصول على الغذاء، إلى حملة تضييق منذ تكوينها عقب الحرب شنتها السلطات الحكومية على نحو متزامن في كل الولايات في محاولة لإبعادها عن المشهد الخدمي وإحلالها بآخرين يدينون بالولاء للسلطة.

توقف أكثر من 300 مطبخ جماعي

ويقول عضو غرفة الطوارئ بالخرطوم سمير حسن في مقابلة مع (عاين): “أن المتضرر الأكبر هو المواطن في الخرطوم والولايات التي تعتمد معظمها على المصانع في العاصمة التي تم نهبها وسرقتها، وتفاقمت معاناة المواطنين الذين فقدوا أبسط مقومات الحياة، توجهنا كشباب إلى تكوين عيادات ميدانية ودعم المراكز الصحية وتشغيل مطابخ في الأحياء لتقديم الوجبات لتخفيف العبء عن كاهل المواطن، والاهتمام بالمياه والكهرباء بعد خروج المحطات الرئيسية التي دمرت في الحرب”.

“أكثر من (300) مطبخ في ولاية الخرطوم تواجه صعوبات وتحديات كبيرة على حسب تواجدهم في المناطق التي يسيطر عليها الجيش والدعم السريع”. تقول عضوة غرف الطوارئ نشوة عثمان لـ(عاين). وتضيف:” لدينا مشاكل كثيرة في نقل المساعدات من منطقة إلى أخرى، والتي يتم إيقافها ومصادرتها في بعض الأحيان، وهذه من أبرز الصعوبات التي واجهتنا ومازالت، وبعد قطع الاتصالات في كافة أنحاء السودان تفاقمت الأزمة إلى حد بعيد”.

تثقيف صحي حول الأمراض التي يسببها سوء التغذية- الصورة: غرفة طوارئ الكلاكلة

وتؤكد نشوى، أنه لم يعد هناك إمكانية لمتابعة الانتهاكات ورصدها، وأنهم يشعرون بالعجز لعدم مساعدتهم على مواجهة الانتهاكات، وفي ذات الوقت توقفت خدمات التحويلات البنكية التي يعتمدون عليها في شراء الاحتياجات من دواء وغذاء، وتسبب ذلك في أزمة كبيرة لا تزال مستمرة مع انهيار القطاع الصحي إلى أسوأ ما كان عليه منذ بداية الحرب “. وزادت:  “لا توجد سيولة حتى المنظمات الداعمة لا تغطي الحاجة الفعلية، ولا أستطيع وصف مدى سوء الوضع نحتاج إلى مجهود مضاعف لنتمكن من تقديم الخدمة للمواطنين المعزولين في الخرطوم وبعض الولايات الأخرى”.

وتوضح، أن غرف الطوارئ ساعدت على تكوين دور الإيواء التي نزح إليها عدد كبير من المناطق غير الآمنة، وإحالة بعض الحالات من الخرطوم لتلقي العلاج اللازم، ومن أهم الأشياء التي تم إنشاؤها هي المطابخ المشتركة والتكافلية، لكن الأزمة الأخيرة أدت إلى تناقص شديد في الغذاء”.

وبدأت غرف الطوارئ في بعض المحليات بالخرطوم، وتوسعت إلى أن شملت العاصمة بأكملها، وأضافت  عضوة غرفة الطوارئ: “بداية الحرب في الخرطوم كانت مفاجأة سيما أن الخرطوم عاصمة بنيتها التحتية ضعيفة جداً في الاقتصاد والصحة والمياه والكهرباء، ومع بداية الحرب انهارت القطاعات الصحية والمصانع، ولم يعد لدينا إمكانية في توفير الأدوية والغذاء”.

انتهاكات بحق المتطوعين

متحدثة أخرى من غرفة طوارئ الخرطوم، تدعي ياسمين خليفة، أكدت أن وضع غرف الطوارئ سيئ للغاية، في ظل توقف الكثير من الدعم الذي حد من عمل الغرف في دور الإيواء والمطابخ والمراكز الصحية، وبعض الأنشطة التعليمية بسبب قلة الدعم وعدم التواصل، ولكن رغم ذلك نحاول تقديم الخدمات، ونحرص على ألا توقف المطابخ المشتركة والخدمات الصحية، وأضافت خليفة في مقابلة مع (عاين): “توجد سبع غرف طوارئ أساسية في المحليات الأساسية داخل كل محلية توجد غرف حسب الوحدات الإدارية تقدم خدمات مختلفة للسكان”.

وقالت خليفة: “يتعرض المتطوعون في غرف الطوارئ إلى انتهاكات بينها الاعتقال الطويل والترصد للمتطوعين، والمضايقات من الأجهزة في أي منطقة تقع تحت سيطرة الجيش أو الدعم السريع، ويتعرضون للضرب ومصادرة الشحنات الغذائية”.

ويهدد انقطاع الاتصالات في الخرطوم بأزمة إنسانية خطيرة نتيجة توقف عدد كبير من والمطابخ التكافلية المشتركة، والتي كانت تقدم الطعام للمحتاجين بحسب بيان لغرف الطوارئ، وقال البيان الذي اطلعت عليه (عاين):” توقفت تلك المطابخ التكافلية المشتركة في عدة مناطق بشكل تام؛ مما تسبب في أزمة غذاء قد تؤدي إلى كارثةٍ حقيقية، حيث يوجد داخل ولاية الخرطوم (300) مطبخ تكافلي مشترك، تتوزع هذه المطابخ على محليات الولاية السبعة، وقد توقف منها حتى الآن: (100) مطبخ بمحلية شرق النيل، (53) مطبخ بمحلية الخرطوم، (38) مطبخ بمحلية بحري،و(20) مطبخ بمحلية أمبدة، بالإضافة إلى (10) مطابخ بمحلية جبل أولياء؛ بسبب انقطاع شبكات الاتصالات المفاجئ.

مركز إيواء نازحين- مدينة القضارف

ويتزايد عدد الوافدين إلى هذه المطابخ كل يوم بحسب البيان، فهي الملاذ الوحيد لمن لا عائل لهم ولا قوت لديهم، وبالمقابل في كل يوم يخرج عدد من المطابخ من الخدمة، وهناك حالات وفيات بسبب الجوع وسوء التغذية لم نتمكن من حصرها حتى الآن، ويؤكد بيان اللجنة إن داخل ولاية الخرطوم ما يقارب ال 240 ألف أسرة مهددين بالجوع، ويتطلب هذا الأمر استجابةً عاجلة من كافة الجهات المعنية.

وقالت غرف الطوارئ في بيانها، إنها بحاجة ماسة للتدخل الفوري لحل هذه الأزمة وإعادة خدمات الاتصالات والإنترنت، لضمان وصول المساعدات لمستحقيها واستئناف العمل في والمطابخ التكافلية المشتركة، والتي تعتمد اعتمادا كلياً على التحويلات البنكية المرتبطة بشبكات الاتصالات والإنترنت، وبات خطر المجاعة يحدق من كل صوب.

وغرف طوارئ ولاية الخرطوم هي شبكة من اللجان المحلية التي تم تشكيلها في عام 2023 لتنسيق الاستجابة للأزمات في جميع أنحاء الولاية. تتكون هذه اللجان من متطوعين من المجتمع المدني، والشباب، والناشطين، والمهنيين.

وتقدم غرف الطوارئ في الخرطوم المساعدة الإنسانية للمتضررين من الأزمات، وتنسيق جهود الاستجابة للأزمات بين مختلف الجهات الفاعلة، ودعم المجتمعات المحلية في بناء قدرتها على الصمود، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية للمتضررين من الأزمات، وتوفير المأوى والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، حماية المدنيين من العنف، وتدعم جهود إعادة التأهيل وإعادة الإعمار.

الأسماء الورادة لأعضاء غرف الطوارئ بولاية الخرطوم مستعارة