وصول الإغاثة لدارفور.. انتظار بلا جدوى
عاين- 15 يناير 2024
تنتظر خديجة خريف، بلا جدوى وصول مواد غذائية إلى إقليم دارفور عبر دولة “تشاد” المجاورة، لإغاثة آلاف المدنيين العالقين؛ بسبب القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة في السودان.
وصلت خديجة (52) عاماً إلى مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، قبل خمسة أشهر برفقة (6) من أطفالها هاربين من جحيم الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم.
وتقول خديجة في مقابلة مع (عاين) أنها “لا تفكر في شيء سوى كيفية الحصول على الغذاء لإطعام أطفالها، لجهة أن كل يوم أسعار المواد العلق غذائية آخذة في تزايد وندرة، خاصة بعد تطورات الحرب وسيطرة قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني وسط السودان”.
تنطبق حالة خديجة خريف، على آلاف النازحين والعالقين في دارفور، وهم ينتظرون وصول الغذاء من المنظمات الإنسانية، في وقت لا يستطيعون مواصلة النزوح إلى وجهة أخرى؛ بسبب توقف حركة النقل والمواصلات.
ويُعلق الآلاف في دارفور آمالهم على وصول المساعدات الإنسانية عبر دولة تشاد المجاورة التي سبق أن أعلن عنها برنامج الغذاء العالمي في أغسطس الماضي في محاولة لفتح ممر إنساني لإغاثة المتضررين من الحرب في الإقليم الذي يبعد نحو ألفي كيلومتر من مدينة “بورتسودان” العاصمة السودانية المؤقتة.
وفي نوفمبر الماضي أقر الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منبر جدة للتفاوض على التزامات باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتسهيل عمل المنظمات بجانب الانخراط في لجنة مشتركة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوشا”.
إلا أن الطرفي القتال لم يفيا بالتزاماتها، وشهد العمل الإنساني انتكاسة كبيرة وتعليق عمل المنظمات الدولية في ولاية الجزيرة علاوة على نهب مستودعات مواد الإغاثة، والتي تقدر بنحو (2500) طن متري تكفي لإطعام ما يقارب من (1.5) مليون شخص- وفق برنامج الغذاء العالمي.
فيما يشير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إلى تحديات “انعدام الأمن، والنهب، والعوائق البيروقراطية، وضعف الاتصال بالشبكات والهواتف، ونقص الأموال النقدية، ومحدودية عدد الموظفين الفنيين والإنسانيين على الأرض”، أثرت في إيصال المساعدات الإنسانية في أجزاء كثيرة من السودان.
إلى ذلك، يقر مفوض العون الإنساني بولاية شرق دارفور، محمد أحمد عيسى، بالتعقيدات الأمنية الناجمة عن القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع التي جعلت من صعوبة بمكان وصول أي مساعدات إنسانية إلى الولاية عبر مدينة بورتسودان، بسبب القتال من جهة، والتقاطعات السياسية من جهة أخرى.
ويشير عيسى في مقابلة مع (عاين)، إلى استمرار التفاوض لفتح قنوات من خلال ممر إنساني عبر دولة تشاد، بالرغم من التحديات الأمنية التي تواجه العمل الإنساني في دارفور.
ممرات عبر تشاد
وتتفاقم معاناة النازحين والعالقين في الإقليم كل يوم، وهم ينتظرون وصول مواد الإغاثة، بعد أن بات وصولها من ميناء بورتسودان إلى دارفور أمراً شبه مستحيل، في ظل تمدد المواجهات المسلحة الطرفين لولايات آمنة وسط البلاد
ومنذ أبريل الماضي تحاصر المواجهات المستمرة بين الطرفين آلاف الأسر في مدن وبلدات في إقليم دارفور معظمهم من النساء والأطفال وهم في غاية الضعف لا يستطيعوا الهرب، يعيش معظمهم على وجبة واحدة في اليوم، ويشاركون الطعام الذي لديهم مع الجيران، ويبيعون ممتلكاتهم بأسعار زهيدة لتغطية تكلفة الطعام الذي يمثل أكثر احتياجاتهم ضرورة- وفق ما أشار إليه مفوض الإنساني في ولاية جنوب دارفور.
مسؤول حكومي: منطقة بليل في جنوب دارفور تحولت إلى مخيم كبير للنازحين، ما شكل ضغطاً كبيرا على معاش النازحين القدامى، وتسبب النزوح الجديد في وضع كارثي يفوق توقعات الجميع.
ويقول المفوض صالح عبدالرحمن لـ(عاين)، إن آلاف العائلات فرت من مدينة نيالا إلى مخيمات النازحين حول المدينة؛ بسبب ضربات سلاح الطيران الأسابيع الماضية خاصة مخيم كلمة بمحلية بليل المجاورة، وحولوا منطقة بليل إلى مخيم كبير للنازحين، مما شكل ضغطاً كبيرا على معاش النازحين القدامى، وتسبب النزوح الجديد في وضع كارثي يفوق توقعات الجميع”.
ويضيف المسؤول الحكومي، أنه “يأمل أن يصبح الممر الإنساني من دولة تشاد إلى دارفور جسراً إنسانياً لإيصال الغذاء للعائلات العالقة التي لا تستطيع الهرب خصوصاً في ولايات غرب ووسط وجنوب دارفور.
ويتابع: “الوضع كارثي في إقليم دارفور لجهة أن المنطقة ظلت تعاني لأكثر من تسعة عشر عاماً من الحرب قبل الحرب الجديدة”.
وصول إغاثة لأول مرة
بعد ثمانية أشهر من النزوح استقبل النازحون بمحلية “أم دخن” بولاية غرب دارفور مطلع الأسبوع الجاري مواد إغاثة عبر الممر الإنساني من دولة “تشاد” مقدمة من قِبل برنامج الغذاء العالمي ورعاية هيئة الإغاثة الكاثوليكية، لنازحي حرب دارفور القدامى الذين أجبرتهم الحرب الجارية للنزوح مجدداً إلى بلدة “أم دخن”، علاوة على تمكن المنظمات من إجراء عمليات مسح إنساني جديدة للنازحين بسبب القتال الحالي.
وأفاد المسؤول المحلي بمحلية “أم دخن” محمد علي حسين، عن بدء توزيع الحصة الأولى من المساعدات الإنسانية المقدمة من قِبل برنامج الغذاء العالمي ورعاية هيئة الإغاثة الكاثوليكية للنازحين القدامى. يُقدر حسين في مقابلة مع (عاين) حجم المساعدات بنحو (11) شاحنة، قوامها الذرة وزيت الطعام إلى جانب بسكويت للأطفال دون خمس سنوات، وغطت احتياجات (40) ألف أسرة.
وفي أغسطس الماضي تسلمت جمعية الهلال الأحمر السوداني أول قافلة مساعدات إنسانية قادمة عبر الممر الإنساني من دولة تشاد، وصلت مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور الجنينة تقدر بنحو (775) طن متري من المواد الغذائية ساعدت على توفير الغذاء للعالقين في مدينة الجنينة.