تحذير أممي من وضع اللاجئين السودانيين تحت رحمة مهربي البشر
عاين- 7 نوفمبر 2023
حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، من اضطرار لاجئي حرب السودان وضع أنفسهم تحت رحمة مهربي البشر، والقيام برحلات ثانوية خطيرة طويلة ومحفوفةٍ بالمخاطر، حال لم نتمكن من مساعدة الدول المستضيفة على تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين.
وأشارت مديرة قسم العلاقات الخارجية لدى المفوضية، دومينيك هايد، في مؤتمر صحفي بجنيف اليوم الثلاثاء، إلى أنه إذا لم نوفر المساعدة الإنسانية العاجلة للسكان المدنيين داخل السودان، فهم سيواصلون العبور إلى الدول المجاورة – مثل تشاد – والتي تكافح في استجابتها لهذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
واضافت: “في حال لم نتمكن من مساعدة هذه الدول على تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين، فهم سيحاولون إيجاد سبيلٍ للأمان و لمستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، حتى إن كان ذلك من خلال تعريض أرواحهم للخطر بوضع أنفسهم تحت رحمة مهربي البشر، والقيام برحلات ثانوية خطيرة طويلة ومحفوفةٍ بالمخاطر”.
منذ نشوب الصراع في شهر أبريل، وصل عدد النازحين داخلياً إلى 4.5 مليون شخص، بينما اضطر 1.2 مليون شخص للفرار إلى الدول المجاورة – مثل تشاد ومصر وجنوب السودان وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى. وتمثل النساء والأطفال الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين (تصل نسبتهم إلى 90 بالمائة في بعض الحالات – كما هو الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى).
وتسبب النزاع مؤخراً في إقليم دارفور بمزيدٍ من حالات النزوح، حيث يعاني الآلاف في مسعاهم للبحث عن المأوى، ويبيت الكثيرون تحت الأشجار على قارعة الطرق. ينتابنا قلق كبير إزاء عدم تمكنهم من الوصول إلى المواد الغذائية والمأوى ومياه الشرب النظيفة، وأي من الاحتياجات الضرورية الأساسية.
وقالت دومينك: “لقد زرت ولاية النيل الأبيض في السودان الأسبوع الماضي، حيث يعيش ما يقدر بأكثر من 433,000 شخص من النازحين داخلياً. علاوةً على ذلك، كانت هذه الولاية تستضيف نحو 300,000 لاجئٍ – أغلبهم من جنوب السودان – في 10 مخيمات”.
أدى الارتفاع الحاد في عدد الأشخاص النازحين قسراً إلى فرض ضغوطٍ كبيرة على الخدمات الأساسية في المخيمات. وكما هي الحال في شتى أنحاء السودان، فقد أغلقت المدارس أبوابها على مدى الأشهر السبعة الماضية، إذ وجد النازحون في الصفوف مأوىً مؤقتاً لهم. ولذلك فإن تعليم ومستقبل ملايين الأطفال في السودان يعدان عرضة للخطر.
أما الوضع الصحي فهو كارثي، حيث لقي أكثر من 1,200 طفلٍ دون الخامسة من العمر حتفهم في ولاية النيل الأبيض بين منتصف شهر مايو ومنتصف شهر سبتمبر فقط، بفعل تفشي مرض الحصبة المترافق بمستوىً حاد من سوء التغذية. وما زال هذا مصير أربع أطفالٍ على الأقل كل أسبوع في هذه الولاية مع عدم توفر الأدوية والطواقم والإمدادات الأساسية- بحسب دومينك.
تزايد وتيرة النزوح
ونوهت المسؤولة الأممية إلى تزايد وتيرة نزوح السودانيين إلى دول الجوار بشكلٍ كبير. ففي تشاد، يبلغ معدل عدد الواصلين حديثاً إلى 700 شخصٍ في اليوم الواحد. وتابعت “الأسبوع الماضي، كنت في مدينة الرنك في جنوب السودان – قرب الحدود مع السودان. وقد شهدت المدينة ارتفاعاً حاداً في أعداد اللاجئين الواصلين إليها. وخلال الأسبوع الذي قضيته هناك، عبر أكثر من 20,000 شخصٍ الحدود إليها من السودان، وبعضهم من اللاجئين جنوب السودانيين العائدين إلى ديارهم، بينما كان أغلبهم – أي نحو 70 بالمائة منهم – من السودانيين”.
وزادت: “يستضيف مركز الإيواء المؤقت – الذي أنشئ لاستقبال 3,000 شخصٍ – نحو 20,000 شخصٍ أغلبهم لاجئون من السودان. وأينما اتجهتم، ستجدون أشخاصاً في كل مكان، والوضع يتدهور باستمرار. أما حالة قطاع المياه والصرف الصحي، فهي على درجة من السوء قد يتأتى عنها تفشي وباء الكوليرا. لقد قضيت 30 عاماً وأنا أعمل في هذا المجال، وهذا من أسوأ الأوضاع التي شهدتها”.
وتشير المسؤولة الأممية إلى إن الأرقام مهولةٌ، وبشكلٍ رسمي، فقد عبر أكثر من 362,000 شخص الحدود إلى جنوب السودان منذ بدء الصراع في السودان. وتبذل وكالات الإغاثة – مثل المفوضية وسواها – قصارى جهدها للمساعدة، إلا أنها الاحتياجات تشكل ضغطاً كبيراً عليها، إلا أن “قدراتنا لا تكفي لمواكبة المتطلبات، ونحن بحاجةٍ ماسة إلى التمويل لتنفيذ خطط استجابتنا”.
ونوهت دومينك، إلى أن خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين تغطي الاحتياجات الإنسانية في الدول المجاورة التي تستقبل اللاجئين من السودان، وهي ممولة حالياً بنسبةٍ لا تتجاوز الـ39 بالمائة.
وقالت: “أطلقنا نداءً للحصول على مليار دولار من التمويل لتغطية عمليات 64 شريكاً في خمسة بلدان. بالتوازي مع ذلك، ما زال نداء التمويل المنفصل والمخصص للاحتياجات الإنسانية داخل السودان ممولاً بنسبة لا تتجاوز ثلث المبلغ المطلوب، علماً بأنه يسعى للوصول إلى 18.1 مليون شخص ويتطلب تمويلاً بقيمة 2.6 مليار دولار أمريكي”.