عن الحرب والقهر والنزوح: روايات مدافعات عن حقوق الإنسان

  16 أغسطس 2024

منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة

إعداد وتحرير: مركز الألق للخدمات الصحفية

عقب اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم، نزح الآلاف من الناس بحثا عن ملاذات آمنة داخل وخارج السودان هربا من القتل والاغتصاب، ومعظمهم من النساء والأطفال.

في مقدمة هؤلاء النساء كانت المدافعات والناشطات في الدفاع عن حقوق الإنسان اللاتي وقع عليهن العبء لاعتبارين، الأول: أنهن نساء، والثاني أنهن مدافعات عن حقوق الآخرين خاصة حقوق النساء. كانت تلك المدافعات يعملن على رصد الانتهاكات مع ازدياد حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي من اغتصاب وزواج فسرى وأعمال السخرة التي تجبر النساء على القيام بها في بعض المناطق التي تتواجد فيها قوات الدعم السريع، حيث وقعت حالات اغتصاب بلغت أكثر من 350 حالة في الخرطوم ودارفور سجلتها وحدة العنف ضد المرأة، وأكدتها تقارير دولية.

وهنا برز دور المدافعات عن حقوق الإنسان في عملية الرصد للانتهاكات والبحث عن ملاذات آمنة للنساء المغتصبات، إلى جانب ذلك يعمل على مساعدة النساء وتقديم الخدمات في دور الإيواء.

كيف واجهت المدافعات هذا الواقع المتغير في أدوراهن وهن أصلا متهمات من قبل الطرفين بالعمالة والتجسس والارتزاق.؟

هذه إفادات سجلها مركز الألق للخدمات الصحفية ضمن دراسة تقييمية في ولاية الجزيرة، هدفها أن تلفت الانتباه لشريحة مهمة منخرطة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتستعرض معاناتهن كنساء وكمدافعات منذ اندلاع الحرب، واضطرارهن، كغيرهن من السودانيين، إلى النزوح بعيدا عن ديارهن.

وسنتجنب ذكر أسمائهن لضمان سلامتهن لوُجود البعض داخل السودان.

(ث م): بعد توسع الحرب في الجزيرة وما صاحب ذلك من المضايقات والمطاردة من قبل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تلقيت وأسرتي تهديدات اضطررت معها للمغادرة، وفقدت بذلك عملي ومصدر رزقي كمحامية.

(ح.ر): التواجد في مناطق الاشتباكات المستمرة مع عدم وجود حماية للصحفيين والصحفيات، واحتمال مواجهة اتهامات بالتجسس من أحد أطراف النزاع لصالح الطرف الآخر، ومصادرة الهاتف، وعدم الأمان في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتعرض لمخاطر التهكير والاختراق، كل ذلك جعلني أعيش في حالة توتر وخوف دائم على نفسي وأخوتي مما دفعني للنزوح.

(ش. ن): اضطررت للخروج من المنزل في ظروف قاسية؛ بسبب الحرب في الجزيرة ومعي والدتي، وهي مريضة، وأشعر بالإجبار كون أني خرجت مجبورة خارج البلد، كنا كأسرة صامدين كل السنين الماضية، رغم الصعوبات المعيشية؛ لأننا نحب بلدنا، ورفضنا أي فرصة توفرت لنا للخروج من السودان، حتى نخدم وطننا وأهلنا، وبصراحة فإن هذه الأسئلة والإحساس بأن هناك جهة تهتم بأوضاعنا وبمعاناتنا أرجعتني لروح العمل مرة أخرى.

(س. م): بعد أن كنا نستقبل النازحين، ونمد لهم يد العون، أصبحنا نحن نازحين بعد أن امتدت الحرب إلى الجزيرة. بعد الهجوم على ودمدني خرجت أنا وأسرتي من منزلنا إلى منزل الأسرة الكبيرة في ريف ودمدني، لم نأخذ معنا سوى القليل من الملابس، والمعاونون 41 شخصا في منزل واحد. في اليوم الرابع دخل المسلحون المنطقة، وأطلقوا الرصاص داخل المنازل، ونهبوا الأغراض مما أصابنا بالرعب، قررنا النزوح لمنطقة أخرى آمنة سيرا على الأقدام، نساء وأطفال وكبار سن ومرضى لعدم توفر مواصلات. وكانت الطرقات مزدحمة بالفارين من القتال، وصلنا إلى مكان آمن، ثم تعرضنا لهجوم من المسلحين، فخرجنا وقصدنا منطقة المناقل في رحلة استغرقت 12 ساعة.

(ل. س) : بعد احتلال قوات الدعم السريع للمنطقة أصبحت حركتنا مقيدة، بل أصبحت الحركة خارج المنزل مستحيلة، وتعرضنا للتهديد. حضر 3 أفراد مسلحين للمنزل، فحدث رعب وتهديد وإشهار للسلاح في رأس ابن شقيقتي وسرقوا كل ما نملك، استطعنا فقط تأمين التيلفونات حيث كنا نخفيها ونخرجها للاستعمال فقط وبسرعة. كما حاولوا اقتياد ابنة شقيقتي، لكن بحمد الله نجت من ذلك، وكانت ساعة مرعبة أتمنى أن لا نرى مثلها مرة أخرى. لقد أصبحنا مغلوبين على أمرنا، ولم ننشر ما تعرضنا له حتى نجد طريقة نخرج من مكاننا هذا، وكنا نجد صعوبة في التواصل مع الأشخاص أو المجموعات التي كنا نعمل معها.

(خ. أ) : كانت هذه التجربة الثانية للنزوح، فقد كانت الأولى نزوحنا من الخرطوم للجزيرة. لكن كانت التجربة الثانية في الجزيرة أشد قسوة، حيث كنا نستعد لتناول الشاي في الصباح عندما سمعنا صوت المدافع والرصاص، حصل خوف كبير وسط النازحين في المجمع الذي كان يضم نحو 7 الف أسرة نازحة في (3) داخليات كبيرة. حصل تدافع للخروج من المجمع بشكل عفوي، كنت أشعر بارتفاع الضغط، وكان المنظر حزينا.

قطعنا كبرى حنتوب سيرا على الأقدام، أطفال ونساء وكبار سن ومرضى وذوي الإعاقة، ذهبنا للبحث عن وسيلة نقل نحو سنار أو سنجة، ظللنا ننوم ونصحى على مشهد الحرب، كان الضرب شديدا أرعب الأطفال والنساء، كان أسوأ مما شهدناه في الخرطوم، الرصاص ينزل على الناس، فقدت أمي لفترة، تساقط رصاص في الساحة أمام مركز الإيواء، طفلتي كانت ممكناً تموت بالرصاص ليلا، الطلقة وقعت في المكان الذي كانت تقف فيه ابنتي، دائما أتخيل ماذا سيكون شعوري لو أن ابنتي قتلت أو أصيبت بطلقة تسببت لها في إعاقة، وكلما أتذكر المنظر وما حدث أشعر بإرهاق نفسي لا يوصف ولا أستطيع النوم

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#ساندوا_السودان

#Standwithsudan