أزمة مساكن بالعاصمة السودانية.. نُدرة وإيجارات دولارية
19 أبريل 2021
يستأجر “محمد احمد آدم” منزلاً ارضياً متواضعاً في منطقة الثورة بام درمان -أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة السودانية- بمبلغ “100” الف جنيه شهرياً- حوالي 263 دولارا، في وقت كان يستأجر من سبقه في السكن قبل اشهر بالمنزل نفسه بـ 30 الف جنيه سوداني قبيل الإجراءات الاقتصادية الحكومية التي قضت بتوحيد جزئي لسعر صرف الجنيه.
وخفض السودان في فبراير الماضي، عملته من 55 جنيها للدولار إلى 375 جنيها في أول أيام القرار، ليستقر سعر الصرف من بعد في حدود 380 جنيها. وتأتي هذه الإصلاحات الاقتصادية إثر مطالبات لصندوق النقد الدولي الذي رحب بها ودعا لاصلاحات مماثلة في الدولار الجمركي.
– ارتفاع أسعار
وانسحبت الخطوة على غير اسعار السلع الضرورية إلى قطاعات مهمة من بينها أسواق العقارات في البلاد والتي شهدت ارتفاعا كبيرا لحركة ايجارات المنازل والبيع والشراء في العقارات. الأمر الذي وضع السودانيون إمام تحدٍ آخر في ظل الأزمة الإقتصادية التى تعيشها البلاد.
ويتدرج سعر الشقة السكنية الصغيرة بضاحية المنشية شرقي العاصمة الخرطوم ما بين (500 – 1500) دولار في الشهر بحسب صاحب محل العقارات الصادق حسين.
فيما يصل إيجار شقة متواضعة بضاحية كافوري في مدينة بحري الى (100) ألف جنيه في الشهر، ويقول الصادق في مقابلة مع (عاين)، “ان تزايد أسعار العقارات في السودان ازمة جديدة يعيشها سكان الخرطوم وتعكس الواقع الإقتصادي الطاحن الذي تعاني منه البلاد”.
ويعتقد البعض وفقا لـ الصادق، ان ارتفاع أسعار العقارات بسبب الوسطاء “السماسرة” ولكن ليس صحيح لا يمكن استثناء العقارات من واقع الإقتصاد في البلاد وارتفاع الأسعار في كل القطاعات بشكل طردي ويشكل الأستثمار في العقارات تجارة رابحة في مثل هذه الأوضاع ويساهم في ارتفاع أسعارها بطريقة مباشرة لذلك يلجأ الملاك الى إخلاء المستأجرين بغرض زيادة السعر وربما تحدث مشاكل بين الطرفين تصل إلى القضاء للفصل فيها.
وتجاوزت أسعار العقارات في الخرطوم رواتب الموظفين والعاملين في المهن الحرة، ويشتكي المستأجرين من جشع ملاك العقارات. وتقول عزيزة التوم، لـ(عاين)، ان “صاحبة العقار طلبت منها اخلاء المنزل لحوجة شخصية وتفاجأت بعد ذلك أن السيدة قامت باستئجار المنزل بأربعة أضعاف الإيجار الذي كانت تدفعه بعد ان أجرت عليه بعض التعديلات”.
وتضيف التوم، “مضيت في البحث عن منزل وجدته بصعوبة وبسعر يفوق قدرتي المالية واضطررت لإيجاد شركاء في السكن لنتشارك الأيجار الشهري”- بحسب حديثها لـ(عاين).
لكن أمين الحسن، صاحب مبني للإيجار، يقول انه يزيد اسعار الايجار تماشياً مع السوق والأسعار المرتفعة وإذا أجر شقة بمبلغ زهيد لمراعاة ظروف الآخرين سيكون خاسراً سيما أن عقاراته هي مصدر عيشه الوحيد.
– زيادة الطلب
“الزحف المستمر من مدن وارياف السودان نحو العاصمة الخرطوم زاد من قيمة العقارات بسبب تمركز الخدمات مازاد الطلب على المساكن في كل الاحياء السكنية” يقول المحلل الإقتصادي، كمال كرار لـ(عاين)، ويتوقع استمرار ارتفاع أسعار العقار في الخرطوم الى ان يثق الناس في ثبات قيمة العملة الوطنية واستقرار الاقتصاد بحيث يكون الادخار النقدي مأمونا وبلا مخاطرة.
ومن جانب آخر يرى كرار، ان تدهور سعر العملة الوطنية تبعته زيادة فئة الايجار وفي بعض الأحياء صار الايجار بالنقد الاجنبي، واضاف ” عموما طالما لا يوجد قانون يحدد قيمة الإيجارات فان هذا الوضع سيستمر”.
ولا تخلو العلاقة بين المستاجرين وملاك العقارات من المشاكل القانونية خاصة اصحاب الإيجار الطويل. ويقول المحامي، حسن البصري، ان المحاكم مزدحمة هذه الايام بقضايا الاخلاء وتشكل نسبة (90%) من التكدس في المحاكم.
– نزاع
ويشير البصري لـ(عاين)، إلى ان المشكلات القانونية التى تنشأ بين المستأجرين وأصحاب العقارات يحسمها قانون الايجارات والمباني الذي اعطى المستأجرين حقوق لحمايتهم من اصحاب العقارات، ويسمح القانون لصاحب العقار باسترداده في حالات معينة ويعتبر عدم السداد اقوى الاسباب التى تمكن المالك قانونياً من إخلاء المستأجر.
ويسمح القانون وفقاً لـ البصري، لصاحب العقار بالمطالبة بما يعرف باجرة المثل بعد ثلاث سنوات في حال زيادة الاسعار مايعادل الكفة بين المالك والمستأجر، ويعطي القانون المالك حق الاسترداد في حالة الحاجة الماسة وهناك مايعرف بانتهاء الاجارة الحكمية بعد سبعة سنوات من الايجار وتوجد مواد في القانون المدني تتحدث عن الأجرة العادلة يقوم المستأجر برفعها للمحكمة اذا كان الايجار قليلا في حالات ارتفاع الأسعار والتضخم.