الحياة تستحيل على العالقين في حرب جنوب الخرطوم

عاين- 2 سبتمبر 2024

يواجه سكان مناطق الحرب في جنوب ولاية الخرطوم، معاناة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، في ظل العطالة وتوقف مصادر الدخل.

وتشهد أسعار السلع الغذائية ارتفاعاً متواصلاً ليس على مدار شهور، ولكن بين يوم وآخر، حيث زاد سعر جوال الدقيق في وقت سابق خلال فترة الحرب (١٠) آلاف جنيه بين يوم والتالي له، فيما يبلغ سعر ربع دقيق القمح في (الطواحين) حالياً بين (١٨- ٢٢) ألف جنيه، بينما كان بمبلغ (١٨٠٠) في بدايات الحرب.

قفزات مهولة في جميع أسعار السلع الإستهلاكية بمناطق جنوب الخرطوم

وتوفر بالأسواق في فترة الحرب نوعاً من القمح أحمر اللون يُعَبَّأ في جوالات العدس زنة (٢٠) كيلو جراماً كان سعر الجوال منه قبل أشهر ما بين (٤-٦) آلاف جنيه، بينما يبلغ سعر الربع من ذلك القمح في الوقت الراهن (١٠) آلاف جنيه.

وتشهد أسعار السلع الأساسية تزايداً مستمراً حيث بلغ سعر (جركانة) زيت الطعام سعة (٤) لترات قبل شهر تقريباً (١٥) ألف جنيه، وارتفع سعرها خلال يومين فقط إلى (٢٠) ألف جنيه، ليبلغ (٣٢) ألف جنيه حالياً، وزاد سعر العبوة ذات اللتر الواحد من (٢٥٠٠) جنيه في بدايات الحرب، إلى (٨) آلاف جنيه في الوقت الحالي.

خبز
خمس قطع صغيرة من الخبز قفز سعرها إلى (1000) جنيه سوداني بدلا عن (500) جنيه في بدايات الحرب

وبإجراء مقارنات بين أسعار السلع نجد أن سعر جوال الدقيق “الخباز” زنة (٢٥) كيلو جراماً كان في (٢٠) من شهر يناير الماضي (٣٤) ألف جنيه، بينما بلغ سعره يوم الخميس المنصرم (٩٥) ألف جنيه، وكان سعر الكيلو في البيع بسعر القطاعي (١٠٠٠) جنيه في بدايات الحرب وبلغ حالياً (٣٥٠٠) جنيه.

وكان سعر جوال العدس (٣٩) ألف جنيه، وجوال الأرز (٢٤) ألف جنيه في (٢٠) يناير الماضي، بينما بلغ سعر جوال العدس (٩٥) ألف جنيه، والأرز (٩٠) ألف جنيه حسب أسعار يوم الخميس الماضي.

وكان سعر كيلو السكر في بدايات الحرب (١٢٠٠) جنيه، ووصل حالياً (٤) آلاف جنيه، وكان سعر (١٠) رغيفات عند بدايات الحرب (١٠٠٠) جنيه، بينما تدنى عدد الرغيفات بذات المبلغ إلى (٥) رغيفات في الوقت الراهن مع نقصان واضح في وزن الرغيفة، وزاد ذلك من الأعباء على كاهل السكان حيث أوضحت أسرة صغيرة مكونة من (٣) أشخاص أنها اشترت رغيفاً بمبلغ (٤٥٠٠) جنيه خلال يومٍ واحد، وأن ارتفاع الأسعار المتزايد مع النقصان الكبير في وزن الرغيف أرهقها مادياً.

غالبية سكان مناطق الحرب جنوبي الخرطوم يتناولون وجبتين فقط خلال اليوم، إحداهما من المطابخ الجماعية

وتجدر الإشارة إلى أن غالبية سكان مناطق النزاع جنوب الخرطوم يتناولون وجبتين فقط خلال اليوم، إحداهما من (التكايا) المطابخ الجماعية التي يلجأون إليها لسد الفجوة في طعامهم.

وارتفعت أسعار الفول والبليلة العدسية، حيث يبلغ سعر ربع الفول (٤٠) ألف والعدسية (٣٠) ألف جنيه، وأصبحت كمية الفول بمبلغ (١٠٠٠) جنيه لا تكفي أسرة مكونة من (٣) أشخاص في الوجبة الواحدة.

وعند بدايات الحرب كان سعر كيلو الأرز (٧٠٠) جنيه، وحالياً (٥) آلاف جنيه، وارتفع سعر كيلو العدس من (١٠٠٠) جنيه في بدايات الحرب، إلى (٥٥٠٠) جنيه حالياً.

مطبخ جماعي في الخرطوم

وكان سعر جوال السكر زنة (٥٠) كيلو جراماً في مطلع شهر يناير من العام الحالي (١١٠) آلاف جنيه، بينما بلغ سعره يوم الخميس الماضي (١٨٥) ألف جنيه.

وتشهد أسعار البصل صعوداً وهبوطاً، حيث بلغ سعر الربع منه قبل أشهر نحو (١٢) ألف جنيه، ويبلغ سعره في الوقت الراهن (٥) آلاف جنيه بعد هبوطه من (٨) آلاف جنيه السبت الماضي.

وبالنظر لسلعة الشعيرية، فقد كان سعر الكيس منها في بدايات الحرب (٨٠٠) جنيه، وارتفع ليبلغ حالياً (١٥٠٠) جنيه، وزاد سعر كيلو الطحينة إلى (١٢) ألف جنيه حالياً بدلاً عن (٤) آلاف في بدايات الحرب، ورطل الشاي من (٢) ألف إلى (٦) آلاف جنيه، وكيلو البن من (٨) آلاف إلى (١٢) ألف جنيه.

ارتفاع أسعار الوقود:

وتشهد أسعار البنزين ارتفاعاً ملحوظاً حيث بلغ سعر (الأمبول) وهو قارورة تسع ربع جالون (١٦) ألف بدلاً عن (٨) آلاف جنيه، ليبلغ سعر الجالون (٦٤) ألف جنيه.

وأثرت تلك الزيادة على أصحاب (الركشات) حيث يصعب عليهم العمل والحصول على عائد يكفي معيشتهم في ظل الوضع الاقتصادي المتدني للمواطنين، كما تنعكس هذه الزيادة على أسعار السلع الاستهلاكية؛ لأنها تزيد قيمة الترحيل.

العطالة وزيادة المعاناة:

ويقابل الارتفاع المتصاعد في أسعار السلع، انعدام الدخول لتوقف غالبية سكان مناطق الحرب في جنوب الخرطوم عن العمل، سواء كانوا موظفين في القطاع العام أو الخاص، وبالتالي فقدوا رواتبهم.

في ظل الارتفاع المتواصل في أسعار السلع الاستهلاكية والعطالة وانعدام الدخول، تتزايد معاناة مواطني جنوب الخرطوم نتيجة عدم وصول أية مساعدات إنسانية منذ بداية الحرب

ولجأ بعض من فقدوا وظائفهم إلى مصادر دخل بديلة، لكنها غير كافية، مثل العمل في إعداد وبيع الفحم أو الحطب، وإنشاء (كناتين) صغيرة داخل الأحياء، وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الأسر فقدت مصادر دخلها، وتعيش بالتكافل الاجتماعي.

ويقول مواطن كان يعمل موظفاً في إحدى الشركات الخاصة لـ(عاين): “خاطبتني الشركة عبر رسالة في هاتفي قبل عدة أشهر بإيقاف راتبي، وظللت بلا عمل وبالتالي بلا عائد مادي في ظل إعالتي لأسرة مكونة من (٧) أفراد”.

ويتابع: “لو لا المبلغ الذي يوفره لي الأقارب شهرياً لما تمكنت من العيش في ظل الارتفاع المتصاعد للأسعار وبوتيرة كبيرة”.

فيما أشار  موظف حكومي في مقابلة مع (عاين) إلى عدم انتظام صرف الراتب، وأنهم يظلون لشهور بلا رواتب، كما لفت إلى خصم نحو (٣٠٪) من آخر راتب تم صرفه.

ونماذج فقدان العمل كثيرة، ومنها حالة أحد المواطنين الذي يعمل في (ركشة) لإعالة أسرته، ومنها والدته التي تحتاج إلى أدوية دائمة لمرضى السكر والضغط، ومع معاناته في العمل فقد نهبت (ركشته) بعد تهديده بالتصفية من قبل مسلحين يتبعون للدعم السريع، وعقب عملية النهب تحول إلى عاطل ينتظر دعم الأقارب.

وفي ظل الارتفاع المتواصل في أسعار السلع الاستهلاكية والعطالة وانعدام الدخول، تتزايد معاناة مواطني جنوب الخرطوم نتيجة عدم وصول أية مساعدات إنسانية منذ بداية الحرب وحتى الوقت الراهن، لتبقى آمالهم معلقة على وقف الحرب واستعادة وظائفهم، أو على الأقل توفر الظروف الطبيعية للبحث عن فرص عمل أخرى ترفع عنهم حالة العطالة، وتعيدهم لحالة الاعتماد على أنفسهم ومغادرة خانة تلقي الإعانات.