“مستشفيات توقفت”.. من ينقذ مرضى القلب في السودان؟
12 مايو 2023
بين فينة وأخرى يضع آدم إسماعيل، أحد مرضى القلب في الخرطوم، يده على صدره في محاولة للإطمئنان على قلبه وحالته الصحية هل مستقرة أم تسير الى الأسوأ؟ وذلك بعد أن توقف قسريا عن معاودة طبيبه في مستشفى أحمد قاسم المتخصص في علاج أمراض القلب بمدينة الخرطوم بحري شمالي العاصمة.
يصارع إسماعيل الألم ويحاول جاهداً اقناع نفسه بأنه بخير ويمكنه التحمل، رغم الإعياء الشديد الذي يسيطر عليه. ويقول لـ(عاين)، أنه آثر البقاء في المنزل أملاً في انجلاء الأوضاع خلال وقت قريب، بدلاً عن المغامرة والذهاب الى مستشفى تنعدم فيه غالبية المعينات الصحية ويعمل بطاقة محدودة بعد أن حاصرته الأزمات الناجمة عن الحرب.
ووجد الآلاف من مرضى القلب في السودان أنفسهم أمام خيارات قاسية مثل آدم إسماعيل، فإما التزام المنزل وتحمل الألم او الانخراط في رحلة فاشلة للبحث عن مركز صحي يعمل، بعد أن تسببت مدافع الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في خروج معظم المستشفيات العامة المتخصصة في مرض القلب، عن الخدمة.
وتوقفت مستشفى الشعب التعليمي المتخصص في أمراض القلب نتيجة تعرضه للقصف المدفعي، كما خرج مركز السودان للقلب التابع للجيش عن الخدمة كذلك. وعلى نفس الخطى يمضي مستشفى احمد قاسم وهو أحد أكبر وأهم مراكز علاج القلب والكلى في البلاد، حيث يواجه صعوبات بليغة في الاستمرار في تقديم الخدمة العلاجية للمرضى.
وكان أطباء سودانيون، أطلقوا نداءً عاجلاً لوزارة الصحة للتدخل الفوري بغرض إنقاذ ما يمكن انقاذه في مستشفى أحمد قاسم الذي وصل مرحلة الخروج عن الخدمة تماماَ منتصف الأسبوع المنصرم، وذلك نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عنه لمدة 5 أيام على التوالي، والمياه لمدة 25 يوماً متواصلة، لكنه عاد الى العمل بشكل متذبذب.
صعوبة الوصول
ويقول سكرتير اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، د. عطية عبد الله في مقابلة مع (عاين) إن الوضع في مستشفى أحمد قاسم ينطبق على كل المشافي في ولاية الخرطوم والتي تأثرت جميعها بالصراع المسلح، فإما أن تعرضت للقصف المباشر او انقطع عنها امداد الكهرباء والمياه، والأدوية والكوادر.
ويضيف: “المشكلة الرئيسية التي تواجه المستشفيات المتخصصة هي صعوبة وصول الأطباء الاخصائيين بسبب سوء الأوضاع الأمنية والتي تمنع المرضى أيضا من الوصول الى المستشفى.. الوضع صعب للغاية في مستشفى أحمد قاسم الذي بات يعمل بشكل متذبذب، وهناك مرضى ماتوا بداخله، مثلما حدث في مستشفيات أخرى”.
وينبه عطية، إلى أنهم وجدوا معالجات لمرضى الكلى الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى أحمد قاسم بتوزيعهم على المراكز القريبة، ولكن ما زال مرضى القلب يعانون، حيث توجد صعوبات بالغة في وصول الكوادر المتخصصة الى مقر المشفى الذي تحيطه الاشتباكات العسكرية.
ودفعت الروايات المفزعة بتكدس جثث الموتى داخل المشافي في ولاية الخرطوم، أحمد عبد القادر للإبقاء على شقيقته التي تعاني من مرض القلب في المنزل مع الحفاظ على الوصفة الطبية التي منحها لها طبيبها الخاص قبل اندلاع أحداث العنف، على الرغم من صعوبة الحصول على الأدوية”.
ويقول عبد القادر وهو أحد سكان أمدرمان في مقابلة مع (عاين) “سمعنا ان المرضى يموتون داخل المستشفيات بسبب غياب الرعاية الصحية وانعدام الادوية، لذلك قررنا عدم الذهاب والصبر في المنزل الى حين تحسن الأوضاع، فالطريق نفسه ليس آمنا وفيه مخاطر عديدة من نهب وقتل وغيره”.
غياب قسري
يقول مريض القلب آدم إسماعيل، الى أنه يحبس أنفاسه لما يقارب الشهر الآن دون معاودة طبيبه في المستشفى وهذا الشيء يهدد حياته الى حد بعيد، إذ يتعين عليه إجراء فحص دوري لسيولة الدم وقياس ضربات القلب للاطمئنان على صحته والتأكد من أن البرنامج العلاجي الخاص به يسير بشكل جيد.
“قدرنا أن ندفع ثمنا باهظا لهذه الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع. هذا الصراع تطاول امده علينا، قلوبنا لا تحتمل مزيد من العناء ونخشى ان يوقفها الخوف من أصوات المدافع والطائرات قبل شح الدواء وانعدام الرعاية الصحية.. يجب أن تتوقف هذه الحرب اللعينة وتُقتل نيران الفتنة”. يقول إسماعيل لـ(عاين).
وخلف القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ اندلاعه في منتصف ابريل الماضي 473 قتيلا من المدنيين واصابة 2454 شخصاً، وفق اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان.