القطاع الصحي.. أول ضحايا حرب السودان
عاين- 27 مارس 2024
“لقد كان القطاع الصحي أول ضحايا الحرب. ومع اتساع رقعة النزاع، يستمر استهداف المرافق الصحية من كلا الطرفين المتحاربين و تضطر الطواقم الطبية إلى مغادرة مناطق الحرب. وفقاً لنقابة الأطباء في السودان. لدرجة أن أجزاء كبيرة من البلاد تعاني من عدم وجود خدمات طبية على الإطلاق”. يقول وزير الصحة السابق بالسودان، عمر النجيب.
ويتابع: “يذكر الجميع كيف أن المرافق الصحية كانت ضمن أول الأماكن التي تم تدميرها، حيث داهمت قوات الدعم السريع المستشفيات و العيادات ، بينما قصف الطيران الحربي هذه المباني بشكل عشوائيّ”.
منذ منتصف أبريل الماضي، دارت حرب هيمنة بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع الشبه نظامية. حيث قامت الأخيرة بالتوغل في العاصمة وتسيطر الآن على معظم إقليم دارفور عقب عشرة أشهر من المعارك. استُهدفت المرافق الطبية من كلا الطرفين المتحاربين بما يتعارض مع القانون الدولي الإنساني، غالبا في محاولة لمنع الطرف الآخر من الحصول على العلاج الطبي.
مع احتدام الصراع في الأسابيع الماضية يظل الإبقاء على استمرارية القطاع الصحي و المرافق الصحية هي الأكثر أهمية. تقدم قوات الدعم السريع لا سيما في دارفور و ولاية الجزيرة وسط السودان، اتسم بالهجوم على المدنيين، تدمير الممتلكات ونهب المرافق الصحية. و قد تسبب ايضًا بموجات نزوح جديدة للسكان. بينما في الأماكن التي لم تتأثر مباشرة بالنزاع، أدى تدفق السكان (النازحين) إلى إضعاف البنية التحتية الصحية الغير مهيأة لاستقبال هذا العدد من المرضى.
اعتبارا من السادس من فبراير، قامت انسيكيوريتي انسايت، وهي منظمة بحثية تدعم الجهات الفاعلة الإنسانية، قامت بتسجيل ٢٦٧ هجوم على القطاع الطبي منذ اندلاع الحرب، حيث ان ٥٨ مرفق صحي تم إتلافه أو تدميره، و تم قتل ٥٤ عاملين بالقطاع، و اختطاف ٢٨، و إصابة ٦٣ عاملا.
و وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن ٧٠-٨٠٪ من المرافق الصحية في المناطق المتأثرة بالصراع هي غير صالحة للعمل بها أو لا يمكن الوصول إليها. تقريبا واحد من كل ١١ مرفق صحي تتم ادارته من قبل الوكالات الإنسانية لا يعمل.
مع استمرار النزاع، تزداد صعوبة تلبية الاحتياجات الأساسية اليومية. و نتيجة لذلك، فإن الحصول على الرعاية الصحية آخذ في التدهور،، ليس فقط بسبب القتال ولكن تبعاته ايضاً. يقول طبيب من النقابة “في ولاية الجزيرة، وصول المرضى والطاقم الطبي للمستشفى صعب للغاية. وسيلة النقل الوحيدة هي عربة يجرها حمار”
“القطاع الطبي ممزق، ليس لدي كلمة أخرى لوصفه. لقد إنهار”. تقول سيلفيان بيرون نائب مدير العمليات بمنظمة أطباء بلا حدود بالسودان. يعمل النظام الصحي بالمناطق الحكومية بشكل سيئ للغاية. لأنه أصلا كان بحالة يرثى لها قبل الخامس عشر من إبريل، و قد فاقمت الحرب تلك الحالة. بكل المناطق الأخرى، الوضع متماسك فقط بفضل المبادرات المحلية. اضافت سيلفيان “المستشفيات مثل مستشفى ألبان جديد بمنطقة الحاج يوسف بالخرطوم، يعمل فقط لان بعض المتطوعين المحليين يخاطرون بحياتهم لابقائه في الخدمة”
ماضي سيئ و مستقبل أسوأ
لكن حتى قبل هذه الحرب، ظل القطاع الصحي السوداني يعاني من عدم المساواة بشكل كبير من الناحيتين الاجتماعية و المكانية. حيث كان بإمكان النخبة الثرية في العاصمة الحصول على العلاج الطبي، في حين ظل ذاك محدود و صعب المنال للأغلبية.
القطاع بأكمله، الخاص و العام ، كان عرضة للأزمات الاقتصاديّة و النقدية. توفير الأدوية والمعدات الطبية وتوزيعها للصيدليات المركزية اعتمد بنسبة مئة بالمئة تقريبا على الواردات المدفوعة بالدولار. بحسب جمعية الصيدلة في السودان.
بسبب نقاط الضعف هذه، شل النظام الصحي بسهولة في أول أسابيع الحرب. عندما اندلع النزاع في الخرطوم، لم يقتصر الأمر على الضرر المادي لجزء كبير من المرافق الطبية منذ البداية، بل دمر أيضاً النظام المصرفي و استنزف التمويل الحكومي الضعيف سلفا. سلطات الأمر الواقع تراجعت لبورتسودان و وجدت نفسها غير قادرة على تأمين دفع المرتبات لموظفي الدولة في قطاعي الطب و الصيدلة و تموين الصيدليات التي تضررت مسبقا بسبب النهب والعمليات العسكرية بمناطق الحرب.
نتيجةً لذلك، فإن عددا كبيرا من الأطباء تركوا وظائفهم و غادرو بحثا عن ملجأ في أماكن أخرى. كتب اتحاد الأطباء في بيان له” كل العاملين في القطاع الصحي و الأطباء لم يتلقو رواتبهم.” وأضاف البيان أن “آخر مرتب صرف للعاملين بولاية الخرطوم كان لشهر يونيو، و كان قد دفع بدون أي علاوات، و هذا أحد الأسباب الرئيسية للهجرة.”
و في الأقاليم المحمية نسبيا من القتال، أي المناطق الشرقية و الشمالية للدولة، استفادت المرافق الطبية هناك ،خلال الأشهر الأولى، من تدفق الطواقم الطبية التي غادرت الخرطوم إلي تلك المناطق و من إمدادات الأدوية والمعدات الطبية القادمة عبر بورتسودان، و ان كانت اقل بكثير مقارنة بما كانت عليه قبل اندلاع الحرب.
لكن تقرير صدر عن موقع سلام السودان ذكر ايضًا ان هذه المرافق الطبية سرعان ما اثقلت بأعداد النازحين ، كما تدهور الوضع بشكل كبير في الأماكن التي نجت من المواجهة.
ازداد سوء الوضع منذ سقوط ودمدني و بلدات ولاية الجزيرة الأخرى في يد الدعم السريع في منتصف ديسمبر ٢٠٢٣. ما يقارب ٥٠٠ ألف شخص فروا من تلك المناطق، من بينهم ٢٣٤ ألف كانوا أصلا نازحين من الخرطوم. أدى غزو قوات الدعم السريع لود مدني في ديسمبر إلى قطع الإمدادات الطبية عن الولايات الأخرى و الأدوية الأساسية عن عدد لا يحصى من المرضى الذين كانوا قادرين على الوصول للمدينة في السابق، وفقا لجمعية أطباء السودان.
انتقلت العديد من المرافق الصحية بالعاصمة لمدينة ود مدني عقب اندلاع الحرب بالخرطوم. وتمركزت مخزونات المعدات الطبية من وزارة الصحة، ومنظمة الصحة العالمية و المنظمات الغير حكومية العالمية كأطباء بلا حدود في ود مدني. و كان بعض العاملين في المجال الطبي من الذين فروا من العاصمة الخرطوم قد عملو بمرافق ود مدني التي كان الطلب عليها كبير، خصوصا في ما يتعلق بالأمراض المزمنة.
في مطلع فبراير ٢٠٢٤، كان القطاع الطبي بود مدني متوقفا تقريبا. “مستشفى غسيل الكلى يعمل بشكل جزئي، فقط بطبيب او طبيبين وبعض المتطوعين. امًا في مستشفى النساء والولادة، كانوا قد حاولوا العمل به و لكن لم يستطيعوا نسبة لنقص الكوادر الطبية.” يقول محمد عثمان، الأمين العام لإتحاد المرضى بمستشفى الرامة بالخرطوم.
من التبعات الأخرى لسيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة، هي عودة العديد من النازحين إلى الخرطوم، مما يفاقم وضع المرافق الصحية بالعاصمة. يقول جين-غي ڤاتو، ،رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود “لقد ازداد الطلب على الخدمات الصحية بالخرطوم منذ اندلاع العنف بولاية الجزيرة في منتصف ديسمبر”. و أضاف قائلا ” و أدى ذلك إلى توقف كثير من المرافق الصحية بود مدني عاصمة الولاية عن العمل، كما أدى الى رجوع الكثيرين إلى الخرطوم”
دمار المرافق الصحية:
الكثير من المرافق أتلفت او دمرت، جزئيا او كليا منذ اندلاع الصراع، في الخرطوم أولا و من ثم بالمناطق التي انتشرت إليها الحرب. كما تفيد لجنة أطباء السودان المركزية. بعض المرافق الصحية كانت في مناطق الاشتباك و تضررت نتيجة لذلك، بينما تم استهداف البعض الآخر عمدا.
توضح ملاذ، ممرضة في مستشفى السلاح الطبي في أمدرمان، قائلة:
” في الحي الذي أعيش فيه، يتم قصف جميع المراكز الطبية. اعتقد أن هذا فعل متعمد. لأنه بدون وجود مستشفى في المنطقة، تستحيل الحياة. لماذا قد أبقى في مكان ليس به مشفى؟ اليوم بأمدرمان، فقط مستشفى النو و مركز صحي صغير بمنطقة صابرين يدعى مركز السلام، يعملون. تعرض مركز عشم للقصف، كما تعرض مركز الرومي الطبي للقصف مرتين”.
يقول مسؤول عسكري وافق على التحدث إلى شبكة عين شريطة عدم كشف عن هويته، كان قد قال ان أي منشأة تدعم في المقام الأول قوات الدعم السريع تعتبر هدف مشروع لسلاح الجو السوداني – هذا يتضمن المنشأت التي تعالج المجموعات المسلحة. و أضاف ان القوات الجوية السودانية تبذل جهدا كبيرا لتجنب مناطق المدنين لكن قوات الدعم السريع تتعمد التواجد وسط العامة لتجنب استهدافهم.
سواء عبر القصف العنيف بالأسلحة الثقيلة من قبل قوات الدعم السريع او القصف الجوي من قبل القوات المسلحة السودانية، فقد نالت المرافق الطبية النصيب الأكبر من الهجمات خلال هذه الحرب المستعرة.
بحسب مؤسسة سما للمناصرة و حقوق الإنسان، فإن طائرة تابعة للقوات المسلحة السودانية قصفت مرفقين صحيين في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٤ في نيالا عاصمة شمال دارفور؛ و هما مركز مناعة الطبي و مستشفى الشفاء، كلاهما بالقرب من السوق الرئيسي. مؤسسة سما ذكرت أيضا استخدام البراميل المتفجرة التي ألقيت من طائرات الأنتونوڤ الحربية القديمة في هذه الهجمات. إن استحالة إصابة أهداف محددة بالبراميل المتفجرة تؤدي إلى هجمات عشوائية على المناطق المدنية. نتيجة لهذه الهجمات، أصبح هذين المرفقين غير قابلين للتشغيل.
و من جانبها، قوات الدعم السريع أيضا تعمدت استهداف المرافق الطبية.
شهد أخصائي الأشعة بمستشفى جبل أولياء المدني، اللاجئ خارجا الآن، على الهجوم المباشر على المستشفى. حيث يقع المستشفى على مقربة من القاعدة العسكرية التي يسيطر عليها الجيش السوداني. ” من مسافة قريبة جدا من المستشفى، الذي كان الجيش السوداني متمركزا أمامه، كان قصف قوات الدعم السريع موجها مباشرة صوب المستشفى” و أضاف قائلا “تضرر المعمل، و انهار سقفه و قُصف الجدار الخارجي بالكامل.”
في يونيو من العام الماضي، قامت قوات الدعم السريع و الميليشيات المتحالفة معها بنهب المستشفى التعليمي في زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور. يسترجع طبيب تخدير من المستشفى قائلا ” كان هناك مرضى في أسرتهم، و قامت هذه القوات بسحب الفراش و الأسرة من تحتهم”، وأضاف ” بدأو بإطلاق الذخيرة بوحشية ثم توجهوا جميعهم الي المستودعات و أخذوا الأدوية و الثلاجات. ثم دخلوا إلى مباني المستشفى حيث اخدو كل شي من الأطباء حتى ملابسهم و هواتفهم”.
كانت عواقب هذا الهجوم وخيمة. “الحادث كان له أثر كبير على الصحة لأنهم اخذو ممتلكات المستشفى، و آليات التشغيل و الأدوية و الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام لحديثي الولادة الذين يعانون من سوء التغذية”، وأخبر أخصائي التخدير شبكة عين “عدد الأطفال الذين توفو بعد أيام من ذاك الهجوم مرتفع جدا، على الأقل ٤٠-٥٠ طفل توفو و جميعهم كانو يعانون من سوء التغذية، لأنهم كان لديهم زيارات متابعة في المستشفى للحصول على تلك الأغذية العلاجية و لعدم توفرها ماتو” و أضاف قائلا “بسبب الحرب”.
الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية:
في المناطق المتأثرة مباشرة بالنزاع، لا سيما الخرطوم، دارفور و أجزاء من جنوب كردفان، يجد المرضى و الطاقم الطبي صعوبة في الوصول إلى المرافق الصحية القليلة التي لا تزال تعمل.
غادرت “ملاذ” الخرطوم إلى ود مدني بعد أيام قليلة من اندلاع النزاع في العاصمة. عملت في ود مدني و عادت إلى أمدرمان بعد فترة وجيزة من سقوط ود مدني بيد قوات الدعم السريع. “في الأماكن التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية، يُسمح للناس بالحركة و العلاج، حيث تسمح القوات المسلحة السودانية للحالات بالذهاب إلى المستشفى. و على العكس تماما، في الأماكن التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، يرفضون السماح للناس بالتحرك بغض النظر عن حالتهم”. ونقلت شبكة عين عن أحد سكان الخرطوم ، قوله إن والدته المصابة بداء السكري توفيت اثر عدم تمكنها من الوصول الي مستشفى شرق النيل بالخرطوم. ” قال لي جندي قوات الدعم السريع: اغرب من هنا هذا المستشفى لنا و ممنوع دخول المواطنين. حاولت التحدث معه وأخبرته أنه لا يوجد مشفى قريب و ان الطرق مغلقة. لا أستطيع أخذها إلى أي مكان آخر”.
نظرا لقلة عدد المرافق الطبية التي ما زالت في الخدمة، يواجه المرضى صعوبة في الوصول للعلاج، حتى في حالة عدم وجود اشتباك. تقول ملاذ “إن الوضع خطير جدا، المستشفى العسكري خارج الخدمة. هنا في كل أمدرمان، المستشفى الوحيد المتبقي هو مستشفى النو، و هو مكتظ و ممتلئ حد الانفجار”
قطع سلسلة الإمداد:
في الأماكن المتأثرة بالحرب بشكل مباشر مثل الخرطوم او تلك المسيطر عليها من قبل قوات الدعم السريع مثل دارفور و أجزاء من ولاية الجزيرة، كان هناك نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية لعدة شهور. وتمنع سلطات الأمر الواقع في البلاد توريد الإمدادات الطبية إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. أخبر بيررون شبكة عين أنه “منذ أكتوبر، تم رفض تصاريح لدخولنا الخرطوم بشكل منتظم، بدايةً، كان هناك تعتيم على المعدات الجراحية، و من ثم على جميع المعدات الطبية، بحجة أننا كنا نداوي جنود قوات الدعم السريع في مرافقنا.” بيررون أشار إلى أن مخزونهم الطبي سينفذ بحلول شهر أبريل.
تقول نهال الطيب، الطبيبة و المسؤولة السابقة بوزارة الصحة ” إن الأدوية الأساسية، التي كانت متوفرة بسهولة قبل اندلاع الحرب، أصبحت اما غير متاحة او باهظة الثمن، وأن أسعار الأدوية ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية بسبب شحها، و غالبا ما تصل الأسعار تفوق قدرة المدنيين الحالية”.
قالت د.نهال لشبكة عين أن “هناك مشكلة في إستيراد الأدوية من الخارج، حيث تم نهب حوالي ٩٠٪ من الشركات المتخصصة في استيراد الأدوية، إضافة إلى مصانع الأدوية المحلية في السودان و البالغ عددها ٢٧ مصنعا و مقرها الخرطوم، و التي تم تدميرها و خروجها عن الخدمة منذ اليوم الأول لإندلاع الحرب” وأضافت د.نهال قائلة ” يشمل ذلك أيضا خروج حوالي ٢٥٠٠ صيدلية في الخرطوم من الخدمة و تعرض بعضها للنهب”.
في أمدرمان، مستشفى النو هو أحد المرافق القليلة التي لا تزال تعمل، لكن لم يعد لدى العاملين الموارد اللازمة لعلاج المرضى بالشكل المطلوب، على الرغم من الجهود المبذولة من قبل المتطوعين. يصف أحدهم، احمد أوباما، الصعوبات الكثيرة في مقابلة أُجريت معه في يوليو ٢٠٢٣:
“المستشفى الان في حالة جيدة، لكنه محتقن لانه المستشفى الوحيدة الذي يعمل في المدينة” و يضيف أحمد أوباما قائلا في المقابلة، “يرجع ذلك لتواجد قوات الدعم السريع في منطقة الشهداء و إغلاق المستشفيات و مراكز غسيل الكلى الأخرى في الولاية. و في حين أني ابعد ٣٠٠ متر فقط عن المستشفى، قد يصعب على الآخرين الوصول إليه، بالأخص القادمين من مناطق نزاع”. بحسب أوباما، فهم مجبرون لطلب الدعم لشراء الأجهزة الطبية من العامة، بما ان مخازن الأدوية التابعة لوزارة الصحة فارغة. و في ٩ أكتوبر من العام الماضي، أصيب قسم الطوارئ بالمستشفى بنيران القذائف”
استهداف الرعاية الصحية: جريمة ترفع معدل الوفيات
بينما يستمر وجود فراغ قانوني خلال الحرب، لا توجد الكثير من السبل للحد من الإستهداف المستمر للرعاية الصحية ،و التأثير الضار والخطير لهذا الاستهداف على السكان في السودان. قد تتم مقاضاة مثل هذه الأفعال في المستقبل نظراً للإنتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي. تقول فيكتوار دوميريس، مستشارة المناصرة في مركز حقوق الإنسان بالسودان: “لا يقتصر الأمر على أن جميع الأطراف محظورة من شن هجمات عشوائية بموجب اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية التي صادق عليها السودان. و لكن من بين الأهداف المحمية ايضاً الوحدات الطبية المحظور تماما الهجوم او إطلاق النار عليها او إلحاق الضرر بها.”
في الوضع الراهن، فإن الإستهداف المستمر للمرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي من قبل كلا الطرفين المتحاربين يساهم في ارتفاع معدل الوفيات في السودان. و في حين أن المعدل الرسمي لوفيات الحرب في السودان بلغ تقريبا ١٤ ألف حالة، إلا أن مصادر طبية تعتقد أن الرقم الفعلي قد يصل بسهولة إلى ضعف هذا المعدل، نظرا لإرتفاع عدد أولئك الذين يموتون بصمت نتيجة لنقص العلاج الطبي. و كانت قد قالت د. نهال الطيب لـ(عاين): “الحصول على العلاج في السودان بعد ١٠ أشهر من الحرب اصبح احد اكبر العقبات و المهددات للحياة، و خطورته تأتي في المركز الثاني بعد رصاص النزاع”. و أضافت ” لقد توفي الكثير من المدنيين بسبب عدم الحصول على الدواء و عدم تلقي رعاية طبية في وقت مناسب، حيث توقفت ٩٠٪ من الخدمات العلاجية في الخرطوم و الولايات التي تشهد نزاعاً مسلحاً.”