حرب السودان تُخفّض إنتاج الذهب لمستوى قياسي

عاين- 21 نوفمبر 2024

تسببت حرب الجيش وقوات الدعم السريع في خفض إنتاج الذهب في السودان إلى 10% وسط مخاوف من أن يكون المعدن الأصفر هو أكبر مورد تمويل الطرفين المتحاربين.

وفي تطور لافت لتدهور هذا القطاع قال وزير المعادن السوداني من مقر الحكومة القائمة في بورتسودان شرق البلاد في مقابلة مع وكالة المحقق الإخبارية إن قوات الدعم السريع نهبت 1273 كيلو من الذهب الذي كان في مصفاة الحكومية بالعاصمة السودانية حينما اندلعت الحرب منتصف أبريل 2023.

وأضاف الوزير: “في 12 أبريل 2023 تم حصر الذهب الموجود في مصفاة السودان للذهب بالخرطوم كان نصيب البنك المركزي 156 كيلو جراما ونصيب وزارة المالية الاتحادية 106 كيلو جراما ونصيب المصفاة 101 كيلو جراما ونصيب الشركات 906 كيلو جرام، بينما كانت هناك كمية قيد التصنيع داخل الآلات بلغت 200 كيلو جراما و265 جراما تحت إجراءات التحليل و15 طنا من الفضة”.

هجرة الشركات

جاءت تصريحات وزير المعادن السوداني بشير أبو نمو في ظل عزوف بعض الشركات عن العمل في قطاع التعدين منذ اندلاع الحرب لمخاوف تتعلق بفقدان الأصول والإنتاج مع تمدد الحرب إلى الولايات.

وبلغ عدد الشركات التي توقفت حسب تصريح الوزير 130 شركة امتياز في مرحلة الاستكشافات وتوقف 19 شركة وهي على مقربة من مرحلة الامتياز فيما تمكنت وزارة المعادن من إعادة خمس شركات إلى مرحلة الإنتاج حاليا.

وأكد أبو نمو، أن الوزارة والسودان فقدوا أكثر من (35) شركة في قطاع المخلفات وتوقف حوالي (130) شركة امتياز في مرحلة الاستكشاف وتوقف (19) شركة امتياز مقبلة للإنتاج.

وقال أبو نمو أن إنتاج الذهب العام الماضي بلغ 23.2 طن وتم تصدير 12.9 طن ومشاركة عدد 45 شركة واسم عمل في عمليات صادر الذهب حيث بلغت حصيلة الصادرات 765 مليون دولار.

تحقيق موسع

ويرى الباحث في قطاع التعدين عبد الله شم، أن كميات الذهب التي كانت في العاصمة السودانية حينما اندلعت الحرب؛ بالإضافة إلى الكميات الرسمية التي تحتفظ بها الحكومة في مصفاة الذهب ضمن الإجراءات السليمة في هذا الصدد هناك مواطنون خاصة منتجي الذهب كانوا يحتفظون بالذهب في المنازل بالسبائك؛ لأنهم لا يثقون بأجهزة الدولة، غالبية هذه الكميات الآن في يد الدعم السريع.

عمليات تعدين الذهب في شمال السودان

وأضاف: “على الرغم من ذلك يجب معرفة من الذي كان متواجدا في مصفاة الذهب عندما اندلعت الحرب في اليوم الأول أو الأسبوع الأول يجب فتح تحقيق موسع ومع ذلك فإن أصابع الاتهام تذهب نحو الدعم السريع؛ لأنها كانت قوة ضاربة موجودة في جميع مناطق العاصمة منذ اليوم الأول للحرب”.

ويقلل الشم من تأثير موارد الذهب على الحرب في السودان؛ لأن تكلفة المعارك العسكرية مرتفعة جدا تفوق مجرد الاعتماد على ذهب ينتج بشكل قليل جدا خلال هذه الفترة.

ويقول الشم إن المناجم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في جنوب دارفور تأتي في المرتبة الخامسة من حيث كمية الإنتاج، وقد لا تكون مؤثرة في ترجيح كفتها ماليا لتمويل الحرب ضد الجيش السوداني.

ويضيف الشم: “الدعم السريع تقاتل في الحرب بإمكانيات دولة تمولها من حيث التسليح والعتاد، والذهب هو خيار ثانوي”.

نهب الشركات

بعض المناطق التي تعد مراكز إنتاج الذهب تأثرت بالحرب من خلال ارتفاع تكلفة الإنتاج ونقص الوقود وآليات العمل مثل مناطق البطانة وسط البلاد وهي متاخمة للعاصمة السودانية مركز العمليات العسكرية بين الجيش والدعم السريع.

يقول عضو تجمع قطاع التعدين علاء الدين كتاحة لـ(عاين): إن “الشركات لا تفضل المغامرة في العمل في مثل هذه الظروف؛ لأن رؤوس أموالها قد تتعرض إلى النهب مع تمدد الحرب إلى الولايات.

ويعتقد كتاحة، أن وزارة المعادن غير مؤهلة للكشف عن حسابات الذهب في مصفاة السودان؛ لأنها متهمة بارتكاب تجاوزات قبل الحرب، وجرى تعيين الوزير نتيجة التحالف مع العسكريين والإطاحة بالحكومة المدنية.

وقال علاء الدين: أن “الشركات الأجنبية القادرة على الاكتشافات العميقة غادرت البلاد منذ اندلاع الحرب إلى جانب تراجع قدرة الدولة على أعمال الرقابة بقطاع التعدين في السودان.. جميعها عوامل تسببت في تراجع الإنتاج إلى نسبة قليلة جدا مقارنة مع العام 2022”.

وأضاف: “وزارة المعادن كانت على تحالف مع الدعم السريع عندما نفذت الانقلاب مع الجيش في 25 أكتوبر 2021، وأطاحت بالحكومة المدنية وهي غير مؤهلة للحديث عن حسابات الذهب”.

ثروات مبددة

واستحوذت قوات الدعم السريع على استثمارات هائلة في قطاع التعدين قبل اندلاع الحرب، وكانت تصدر المعادن عبر المطارات والموانئ بصورة طبيعية، ورغم ضبط بعض أفراد الشرطة شحنات على بعض خطوط الطيران خلال الأعوام 2020 و2021، إلا أن هذه التحقيقات “قُبرت للأبد”.

ويحمل الباحث الاقتصادي محمد إبراهيم فضل، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع وجنرالات المكون العسكري وحكومة تصريف الأعمال التي شاركت فيها الحركات المسلحة مسؤولية إهدار ثروات مالية هائلة، ومن حق السودانيين معرفة من الطرف الذي استحوذ على الذهب.

ويعتقد إبراهيم في حديث لـ(عاين) أن قطاع الذهب خلال الخمس سنوات السابقة أنتج ما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار لم تصرف على أوجه سليمة فيما يتعلق بمصلحة المواطنين والخدمات التي تخصهم.

ويقول إبراهيم: إن “حكومة عبد الفتاح البرهان في بورتسودان ليست مؤهلة للحديث عن استيلاء “مليشيا الدعم السريع” على الذهب من المصفاة في العاصمة السودانية؛ لأن الموارد لا تترك دون حماية، أو على الأقل نقلها إلى مواقع آمنة”.