تيار مقاطعة مفاوضات جنيف يتصاعد داخل قيادة الجيش السوداني
عاين- 19 أغسطس 2024
ابلغ مصدر دبلوماسي سوداني مشارك في مفاوضات جنيف (عاين) إن تيار مقاطعة المفاوضات المستمرة في المدينة السويسرية منذ خمسة ايام بحضور جميع الأطراف عدا وفد القوات المسلحة يرتفع داخل مقصورة الجيش حسب المعلومات التي ذكرها الميسرون الأميركيون والسعوديون.
ورغم الضغوط الأميركية الكثيفة على رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول شمس الدين الكباشي لكن القوات المسلحة للمرة الثانية أرسلت وفدا حكوميا إلى القاهرة لإجراء مشاورات مع وفد أميركي.
وكان وفد حكومي برئاسة وزير المعادن في الحكومة القائمة المدعومة من الجيش وصل إلى القاهرة اليوم لعقد اجتماعات مع الجانب الأميركي لبحث كيفية تنفيذ الطرفين لاتفاق جدة وهو الشرط الذي يشدد عليه جنرالات الجيش للذهاب إلى محادثات جنيف.
ويقول دبلوماسي يشارك في اجتماعات جنيف لـ(عاين): إن “قرار مجلس السيادة السوداني بإرسال وفد إلى القاهرة بدلا عن جنيف يعكس عدم وجود رغبة لدى الجنرالات للانخراط في مباحثات بحضور الجانب الإماراتي والدعم السريع”.
وأوضح الدبلوماسي أن الجنرالات في مجلس السيادة السوداني لديهم اعتقاد أنهم يمارسون ضغوطا على الولايات المتحدة والمملكة العربية عقب استجابة الميسرين للاجتماع التشاوري في جدة منتصف هذا الشهر.
وقال الدبلوماسي: إن “الجيش يتعرض إلى ضغوط من الإسلاميين لعدم الذهاب إلى مفاوضات جنيف مقابل تحقيق نصر عسكري على الأرض يغير موازين القوة لصالح القوات المسلحة من خلال استجلاب سلاح من أذربيجان ودول شرق أوروبا وروسيا”.
وتابع الدبلوماسي: إن “الهدف من إرسال الجيش الوفد الحكومي إلى القاهرة تحقيق نصر سياسي لرفض مفاوضات جنيف”، وقال: إن “المبعوث الأميركي ينوي السفر إلى القاهرة للانخراط في اجتماعات خاصة مع الوفد الحكومي”.
وحسب معلومات حصل عليها الميسرون الأميركيون والسعوديون، فإن الجيش السوداني لا ينوي في الوقت الراهن الانخراط في مباحثات وقف إطلاق النار لأنه وضع الميداني سيء للغاية، ويريد تنفيذ عمليات عسكرية واسعة من خلال “تسليح جديد” موعود به من بعض الحلفاء- يضيف الدبلوماسي.
مدن مهددة بالسقوط
وأضاف الدبلوماسي: “المسألة الأخطر أن يقاطع الدعم السريع مفاوضات جنيف ويشن هجوم عسكري كبير على ولايات واقعة تحت سيطرة الجيش خاصة القضارف والنيل الأزرق خلال الأسابيع القادمة إذا غادر جنيف”.
وأردف الدبلوماسي: “وفد الدعم السريع يقول إن اتفاق جدة عندما وقع العام الماضي لم يكن الجيش متراجعا إلى هذا الحد أو الوضع الذي عليه الآن لذلك فإن القوات المسلحة تتعمد تأخير المفاوضات للوصول إلى مرحلة الإفشال”.
ويقول الدبلوماسي: “لا يوجد تفسير لدى الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي الذي يتواجد ممثلوه في جنيف سوى أن الجيش يحاول إفساد المفاوضات بالذهاب تارة إلى جدة وتارة إلى القاهرة بدلا من إرسال الوفد إلى جنيف لطرح شواغله”.
ويرى الدبلوماسي أن الوضع العام غير مبشر والأطراف المتصارعة سيما الجيش السوداني يرغب شكل في تأجيل المفاوضات، حتى يكسب ميدانيا وتجبر الدعم السريع على خسارة بعض المناطق.
ويحذر من أن الاستراتيجية العسكرية التي تتبعها القوات المسلحة لن تخلق نصرا عسكريا على الأرض، حتى لو حاولت لشهور طويلة والأخطر من ذلك أن تخسر المزيد من المدن بالتالي لا تجد بطاقات للتفاوض، وينهار السودان كليا.
تنازلات أميركية جديدة
ويقول الباحث في الشؤون الأفريقية عادل أحمد إبراهيم لـ(عاين): إن “الضغوط التي مارستها القوات المسلحة قد تسفر عن تنازلات من الجانب الأميركي بقبول وفد حكومي في مفاوضات جنيف شريطة أن يقوده عضو مجلس السيادة من الشق العسكري”.
ويرى إبراهيم، أن رغبة واشنطن في تقديم التنازلات للجيش دفعت الدعم السريع اليوم الاثنين إلى نشر تصريح لوسائل الإعلام بعدم التفاوض مع أي طرف بمعزل عن الجيش لجهة عدم وجود حكومة شرعية في السودان.
ويعتقد إبراهيم، أن الوفد الحكومي سيكون حاضرا في جنيف خلال اليومين القادمين؛ لأن استمرار الاجتماعات في سويسرا بمعزل عن القوات المسلحة قد يؤدي إلى انهيار المفاوضات والولايات المتحدة لا تريد حدوث هذا الأمر تريد العودة “بأي نتيجة ممكنة” من جنيف للوصول إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات.
وتابع: “إذا لم يذهب الجيش أو وفد حكومي إلى جنيف ستخسر القوات المسلحة المزيد من المدن الأسابيع القادمة، ويتوقع تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير، وسيضطر المجتمع الدولي للتعامل مع الدعم السريع لإدخال الإغاثة إلى مناطق سيطرتها خاصة وأن المشاورات التي جرت في جنيف اليومين الماضيين أحرزت تقدما كبيرا في ملف نقل وتوزيع الإغاثة داخل السودان”.
ويقول عادل أحمد: إن “الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب في سيطرة الدعم السريع على جميع المناطق في السودان؛ لأن ذلك يعني الفوضى الشاملة، وفي ذات الوقت تريد جلب الجيش إلى طاولة المفاوضات وسحبه من قيادة الإسلاميين.