“نازحون للمرة الثانية”.. العنف يضطر الآلاف للسكن بمؤسسات حكومة غرب دارفور

19 أغسطس 2022

يعيش النازحين الذين فروا من مخيم “كريندنق” إلى داخل مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب في أعقاب أعمال العنف الأهلي الذي اندلع في نهاية العام 2019 أوضاع حياتية قاسية، بعد أن اتخذوا من المؤسسات والمرافق العامة وسط المدينة مأوى لهم.

ويتخذ النازحون نحو (35) مؤسسة حكومية داخل المدينة  وبعض المدارس كمخيمات بديلة لهم بعد أحرقت مليشيات مسلحة مخيماتهم حول المدينة في معسكرات أبوذر، وكريندنق1، وكريندنق2 بجانب مخيم السلطان التي كانت حول المدينة.

 ويقول النازح بمعسكر كريندق عبدو محمد أسحق لـ(عاين) ” ان تواجد النازحين داخل المدارس ترك الف الطلاب متسولون في الشوارع بسبب المعارك التي شنتها المليشيات “. ويضيف بالقول ” ان السبب الرئيسي يعود الى أن السياسات التى تتبعها الحكومة ومليشياتها المسلحة هو تدمير المؤسسات التعليمية لقطع الطريق  على تطور المجتمع المحلى ومحاربة التفلتات الامنية وسط المجتمع”.

ويحصي  تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة “أوتشا” ان أعداد النازحين تجاوز  الـ (40,000) شخص جراء أحداث التوتر الذي اندلع في مخيمات حول مدينة الجنينة في أواخر ديسمبر  2019.

وحوّل العنف بين الطرفين وسط عاصمة الولاية الى مخيم كبير للنازحين دون أدنى اي استجابة للحالة الإنسانية على المدى القريب أو البعيد بشأن عودتهم الى قراهم الاصلية.

"نازحون للمرة الثانية".. العنف يضطر الآلاف للسكن بمؤسسات حكومة غرب دارفور

 

المزيد من النازحين

وفي ابريل الماضي تضاعفت أعداد النازحين بولاية غرب دارفور بصورة كبيرة بعد تجدد الصراع بين الطرفين في بلدة “كرينك” التي تبعد نحو (80) كم شرق مدينة الجنينة وتسبب في مقتل أكثر من (200) بحسب احصائية رسمية بجانب حرق سوق المنطقة ونهب ممتلكات المدنيين

وقال مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية ( أوتشا) إن ما بين (85000 )و(115000) شخص نزحوا بسبب العنف في كرينك بغرب دارفور، وتعرضت (16) بلدة صغيرة حول مدينة كرينك “ثاني أكبر المحليات الادارية بعد الجنينة” للهجوم ، ونزوح سكان القرى إلى مقرات القوات المسلحة خارج المدينة “كرينك” 

وتشير أوتشا إلى أن النازحين ما زالوا يعيشون في مناطق مفتوحة، في محليتي كرينك والجنينة، ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بجانب تقديم المساعدات إلى عشرات الآلاف من الأشخاص الذين نزحوا في ظروف أخرى بسبب النزاع في دارفور.

وتقول النازحة أخلاص بخيت ابراهيم لـ(عاين):” نزحنا من منطقة (دروتي) منذ العام2003 م الى معسكر كريندق لكن بسبب الاحدث التي وقعت بالمعسكر لم نستطع الاستقرار لذلك ذهبنا الي منطقة هبيلا ولكن أنتشار الرحل في المنطقة و المشكلات الناتجة عن تواجدهم بسبب الزراعة والمرعي نزحنا للمرة الثانية الى المعسكرات داخل مدينة الجنينة”.

 

أوضاع النازحين مأساوية

“أوضاع النازحين مأساوية” يقول مسؤول العون الانساني بولاية غرب دارفور عمر عبدالكريم احمد في مقابلة مع (عاين)، ويشير الى ضعف التدخل الإنساني على المستوى الحكومي والمنظمات مقارنة بأعداد النازحين.

"نازحون للمرة الثانية".. العنف يضطر الآلاف للسكن بمؤسسات حكومة غرب دارفور

وينوه عمر، إلى إن (70) بالمئة من سكان بلدة “كرينك” تحولوا الى نازحين حول المنطقة العسكرية بلا مأوى ومأكل، ولايستطيعون حتى الخروج الى مزارعهم، لافتا الى عجز السلطات الحكومية في توفير أدنى مقومات الحياة لهم بسبب الاوضاع التي يمر السودان.

وفي أول محاولة حكومية للاستجابة للأوضاع الانسانية التي خلفها العنف الأهلي في ولاية غرب دارفور أطلق نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، خلال زيارته الى ولايات دارفور التي امتدت لأكثر من شهر ، مبادرة لإنشاء صندوق خيري لدعم إعادة النازحين ومعالجة أوضاعهم الإنسانية.

وقال دقلو، إن بداية إيداع أموال الصندوق تكون استقطاع من أجور ضباط وجنود القوات النظامية، والجيش، والشرطة، والدعم السريع، وجهاز الاستخبارات العامة، قبل ان يطلق مناشدة لرجال الأعمال والخيرين من أبناء السودان في الداخل والخارج، إلى جانب المنظمات العالمية الاستجابة للظروف الإنسانية للنازحين والمساهمة في دعم الصندوق

ورغم ترحيب حكومة ولاية غرب دارفور بفكرة الصندوق إلا أن قيادات النازحين يقللون من تأثير الصندوق و امكانياته من حل قضايا النازحين. ويقول بهذا الصدد الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور آدم رجال لـ(عاين)، “فكرة الصندوق غير واقعية لجهة ان النزوح لا يزال مستمراً في دارفور دون أي خطة لعودة حقيقي”.ة

ويشدد رجال، إن “المدخل الرئيسي لمعالجة قضية النزوح وقف العنف والقتل الممنهج ضد النازحين ومجتمعات الهشة الذين ظل يلاحقهم حتى في المخيمات ناهيك عن عودتهم الى قراهم”.

وفي ظل ذلك، يرى والي ولاية غرب دارفور خميس عبدالله، إن حماية المدنيين دون استثناء تعتبر المفتاح الأساسي لاي سلام اجتماعي في ولاية غرب دارفور. ويقول لـ(عاين)، “هناك ضرورة لمواصلة العمل لمعالجة الاختلالات الإنسانية والأمنية، لتوفير الحماية اللازمة للعائدين إلى قراهم”.

بينما يعتقد الأستاذ بمركز دراسات السلام في جامعة نيالا، محمد آدم حسين، إن الحديث عن محاولة عودة النازحين الى قراهم الاصلية في ولاية غرب دارفور هو أمر شبه مستحيل دون إيجاد سلام اجتماعي بين المكونات المتصارعة على الموارد.