العصابات.. خطر يتصاعد ويهدد بإطالة وتوسيع حرب السودان

خبير أمني يخشى عرقلة العصابات أي اتفاق سلمي بالتوسع في الأحياء وتحويل النهب والتسلح إلى نمط حياة يومية في المناطق البعيدة عن الاضطرابات.

عاين- 9 سبتمبر 2023

لم يتوقف النزاع المسلح في السودان خاصة في الخرطوم عند حدود المعارك العسكرية بل تعرضت المقار والأصول والمباني والمنازل إلى عمليات نهب واسعة خاصة في الشهرين الأولين للقتال الذين اندلع في منتصف أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع.

في مايو الماضي وقع الطرفين المتحاربين على اتفاق حماية المدنيين في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، لكن مناهضون للحرب يقولون إنهم لم يلتزموا بها وهناك انتهاكات كبيرة وقعت بحق المدنيين.

فقد “بدر الدين عثمان” الذي وصل مدينة ودمدني مقر عمله في شرق العاصمة السودانية وتم نهبه بالكامل من العصابات التي كانت تنهب تحت بصر قوات الدعم السريع حسب ما قال لـ(عاين).

تقصير الجيش

ويرمي بدر الدين باللوم على الجيش لفشله في حماية الممتلكات وترك العصابات تتحرك بحرية تامة. وقال إن “العصابات اتجهت نحو تسليح نفسها في بعض البؤر الساخنة متخذة من بعض المواقع تحصينات لها واستهداف المباني بغرض النهب”.

وينظر للصراع المسلح في العاصمة السودانية وبعض مدن دارفور على أنه “فوضوي للغاية” بينما يمكن عدم التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع فإن الإفراج عن أكثر من عشرة آلاف سجين في الأسبوع الأول من القتال أبريل فتح الباب واسعا أمام نشاط العصابات الكبيرة على مستوى العاصمة. وفقا لـ بدر الدين.

كيف رأيت الخرطوم بعد (3) أشهر من الحرب؟ مراسلة لـ(عاين) تعود للعاصمة وتتجول لوقت قصير في شوارع المدينة
النهب الذي يحدث في العاصمة السودانية خرج عن سيطرة الطرفين

ومع دخول النزاع المسلح في السودان شهره الخامس بات السكان يشعرون بالخوف من نشاط العصابات المسلحة أن تلاحقهم أكثر من الحرب بين الجيش والدعم السريع.

يوضح الأكاديمي والباحث عمر الأمين، أن النهب الذي يحدث في العاصمة السودانية خرج عن سيطرة الطرفين أو ربما هناك تغاضي عن هذه الأعمال مقابل خدمات تقدمها هذه العصابات.

وينوه الأمين في مقابلة مع (عاين)، إلى أن الجيش كطرف عسكري مهمته حماية الممتلكات والمواطنين لم يتحرك في هذا الإطار ولو من باب إصدار بيان بل حمل الاتهامات لقوات الدعم السريع لإستخدام هذا الأمر في الدعاية الحربية ضد خصمه.

يعتقد الأمين، أن الطرفين المتحاربين لا علاقة لهما بحماية المدنيين أو ملاحقة العصابات التي قد يتحول بعضها بمرور الوقت إلى “عصابات مسلحة خارج سيطرة القوات النظامية”.

بؤر ساخنة

“البؤر الساخنة لعصابات النهب في مدينة أمدرمان وفي بعض ضواحي الحارات تطورت في عمليات النهب والسلب ومع مرور الوقت وتطاول الحرب ستكون أكثر شراسة لدرجة إقامة مناطق إقطاعية خاصة بها بمنع دخول المواطنين وإصدار قرارات بتحصيل الرسوم المالية في الطرقات”. يقول الأمين.

فيما يقول الخبير الأمني والمتقاعد من الشرطة السودانية علاء الدين الصائم في حديث لـ(عاين)، إن حرب السودان تصنف على أنها اسوأ الحروب في السنوات الأخيرة حول العالم باعتبارها رعت ونمت البؤر الإجرامية على مستوى العاصمة وبعض المدن.

ويشير الصائم، إلى إن الطرفين المتحاربين لا يتورعان في عقد صفقات مع العصابات حتى وإن لم تكن ممنهجة على مستوى القيادات العليا فإن الرغبة في الثراء بين الجنود قد تكون دافعا للتغاضي عن أنشطة العصابات في مدن العاصمة ونيالا والجنينة والأبيض.

حرب السودان تصنف على أنها اسوأ الحروب في السنوات الأخيرة حول العالم باعتبارها رعت ونمت البؤر الإجرامية على مستوى العاصمة وبعض المدن.

ويرى الخبير الأمني، أن العصابات لم تترك حتى مقار البعثات الدبلوماسية من النهب وبما أن غالبية الأحياء التي يقطنها المدنيين في العاصمة السودانية تحت سيطرة الدعم السريع فإنها مسؤولة عن هذه العصابات لأنها لم تقدم الحماية الكاملة طالما بررت القتال بأنه من أجل السودانيين.

وأضاف الصائم:”تم الإفراج عن أكثر من عشرة آلاف سجين وأغلبهم من عتاة المجرمين، يجب أن نتوقع زيادة العصابات المسلحة ماذا سيعمل شخص معتاد إجرام وارتكب جرائم القتل وكان على بعد خطوات من حكم الإعدام ووجد نفسه طليقا؟”.

ويعتقد الصائم، أن المؤتمر الوطني كان له دور في الإفراج عن السجناء للإفراج عن رموز النظام البائد من سجن كوبر وهو سجن كان يضم شبكة عصابات ومتطرفين.

خبير أمني: الوضع الأمني في العاصمة لن يكون مقتصرا على نشاط العصابات وتمتد المخاوف إلى دخول عناصر متطرفة لتقاتل مع كتائب الإسلاميين المساندة للجيش.

ويقول: “الوضع الأمني في العاصمة لن يكون مقتصرا على نشاط العصابات بل أن المخاوف تمتد إلى دخول عناصر متطرفة لتقاتل مع كتائب الإسلاميين التي تقاتل إلى جانب الجيش”.

ويخشى الصائم من عرقلة العصابات المسلحة جهود أي اتفاق سلمي بين الطرفين بالتوسع في الأحياء وتحويل النهب والتسلح إلى نمط حياة يومية مألوفة في مناطق كانت بمعزل عن الاضطرابات الأمنية قبيل الحرب.