استياء بالغ في السودان بعد التحرير الكامل لأسعار الوقود

9 يونيو 2021

استقبل السودانيون باستياء بالغ قرار الحكومة الانتقالية بالتحرير الكامل لأسعار الوقود الذي وصلت اسعاره الضعف في محطات الخدمة اليوم الأربعاء.

وعلى نحو مفاجئ، أعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ليل الثلاثاء إلغاء كافة أسعار الوقود (بنزين – وجازولين)، وقالت ان ذلك ضمن سياسة الدولة الرامية لإصلاح الاقتصاد الوطني وتأسيس بنية تمكن مؤسسات الدولة والقطاع الخاص من التعامل مع مؤسسات التمويل الدولية.

وحددت الوزارة سعر لتر البنزين بواقع (290) جنيها سودانيا، وسعر لتر الجازولين بواقع (285) جنيها، وهذا السعر يخضع للمراجعة الدورية وفق السعر التأشيري للدولار .

        قرار صادم

ويعتبر سائق التاكسي في العاصمة السودانية، أبوبكر قسم السيد، قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود “صادم” ويزيد من تدهور عمله الذي يعتمد عليه وربما يقل عدد الزبائن والأشخاص الذين يعتمدون على عربات الأجرة في قضاء احتياجاتهم اليومية.

 ويقول قسم السيد في مقابلة مع (عاين)، ان السودانيين يعانون من ضيق في المعيشة منذ بداية الفترة الإنتقالية ويتحملون هذا الوضع أملاً في إصلاح اقتصادي يساهم في رفاهية المواطن ولكن لا يمكنهم تحمل هذه الزيادات في الوقود والتى تؤثر على كل قطاعات النقل الخاصة والعامة.

وينفق السودان حوالي المليار دولار سنوياً لدعم المحروقات، واعتمدت الحكومة الإنتقالية سياسة تحرير المحروقات لجهة أنها تسهم في إزالة العديد من التشوهات التي يعاني منها الاقتصاد- حسب رؤيتها.

لكن المحلل الإقتصادي، كمال كرار، يصف القرار بـ “غير المسؤول وفيه استهتار بالشعب ومضلل لأنه يكذب في ادعاءاته حول تكلفة الوقود ويأتي في وجهة التنفيذ الكامل لشروط صندوق النقد التى ستكون نتيجتها تحطيم الاقتصاد والمزيد من الديون والتبعية”.

خبير اقتصاد: قرار زيادة أسعار المحروقات سيقفز بمعدل التضخم من (350%) إلى (600%) 

ويقول كرار في مقابلة مع (عاين) ان زيادة اسعار الوقود تطلق موجة جديدة من التضخم والغلاء ستزيد من معاناة الناس وبالتالي تتآكل الأجور والمعاشات وتصبح الحياة جحيما لا يطاق. ويشير إلى أن الزيادة في أسعار المحروقات تؤثر سلباً على القطاعات الإنتاجية بزيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي تهزم اي فكرة لتعظيم الصادرات، وقطعا سيرفضها الشعب ويسقطها .

واضاف كرار، ” الحقيقة ان (70%) من البنزين ينتج محلياً و(45%) من الجازولين ينتج محلياً وحتى لو تمت مقارنة التكلفة بسعر الدولار في السوق السوداء لن يتجاوز سعر اللتر من المنتج محليا الـ(32) جنيها للجازولين والبنزين وهذا يعني (144) جنيه للجالون، وقال “الآن التضخم في المتوسط (350%) وبالتاكيد ان المعدل سيفوق الـ(600%) بناء على رفع سعر المحروقات”.

ويتوقع وكيل شركات ابو عامر للبصات السفرية، عوض عمر إبراهيم،  أن تتضاعف أسعار تذاكر السفر الى الولايات، وقال في مقابلة مع (عاين) “سيتم تحديد أسعار تذاكر البصات السفرية مساء  اليوم (الأربعاء) وفقاً للزيادات الجديدة لأسعار الوقود وربما تتضاعف الى مئة بالمئة.

 وبلغت تذكرة السفر من الخرطوم إلى مدن شمال البلاد في الزيادة السابقة للوقود “من الخرطوم الى بربر (5) آلاف جنيه” و”عطبرة (3) آلاف جنيه” وأبو حمد (7) آلاف جنيه” و”حلفا (13) ألف”. فيما بلغت تذكرة السفر من الخرطوم برا الى العاصمة المصرية القاهرة عبر (15) ألف جنيه ويتوقع ان ترتفع هذه الاسعار إلى الضعف- بحسب إبراهيم.

وينوه إبراهيم، إلى ان هذه الزيادة في الوقود تنسحب على أسعار قطع الغيار والزيوت والاطارات وسيطالب العاملين في البصات بزيادة نسبهم، لذلك الزيادة التى ستعلن لأسعار تذاكر البصات السفرية يجب أن تغطي كل هذه المصروفات.

وكان قرار وزارة المالية القاضي بزيادة أسعار المحروقات وجه بتكوين لجان متخصصة لدراسة كيفية توفير دعم مباشر لقطاعات، الزراعة، والكهرباء، والمواصلات لتعويض هذه القطاعات من عبء ترشيد دعم الوقود، وتخضع عملية السعر لتكلفة الاستيراد والتي تشكل ما بين (71%-75%) من سعر الوقود مضافا إليها تكاليف النقل و رسوم الموانئ و ضريبة القيمة المضافة و هامش ربح شركات التوزيع و هذه التكاليف تشكل مجتمعة مابين (25%-29%) من سعر البيع المستهلك.

ولم يحدد القرار بالضبط كيفية الدعم المباشر الذي تحدث عنه لقطاعات الكهرباء والزراعة والمواصلات، ويتوقع أن تقدم وزارة المالية عبر مؤتمر صحفي اعلنت عنه مساء اليوم (الأربعاء) توضيحات بهذا الخصوص.

        طريق الهاوية

ويتهم عضو اللجنة الاقتصادية في قوى إعلان الحرية والتغيير- التحالف الحاكم- التجاني حسين، ما سماهم بوكلاء صندوق النقد في اشارة لقادة الحكومة بالإصرار على تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي متجاهلين البرنامج الذي اقترحته اللجنة الاقتصادية بتحالف الحرية والتغيير والذي يعمل على حشد الموارد الداخلية.

وقال حسين لـ(عاين)، إن “الزيادات التى اعلنتها الحكومة الانتقالية في اسعار الوقود ستؤدي الى طريق الهاوية  وأن تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي أدت إلى تدمير الاقتصاد الوطني وارهقت المواطن السوداني في معيشته”.

واضاف، “ولو طبقت الحكومة البرنامج الذي طرحته اللجنة الإقتصادية بضم الأموال المجنبة والشركات العسكرية والأمنية والرمادية لولاية المال العام وفرض الضرائب النوعية على شركات الإتصالات كانت ستعالج الإقتصاد”.

ولفت عضو الحرية والتغيير، إلى مطالبتهم في اللجنة الاقتصادية للتحالف بعودة أربع شركات رئيسية كانت تعمل في مجال الصادرات وهي شركة الحبوب الزيتية، والأقطان، والصمغ العربي، ومؤسسة الماشية واللحوم بجانب السيطرة على صادر الذهب وإقامة بورصة للذهب والمحاصيل الزراعية.