السودان: الحرب تُعيد (عصابات الوقود) وتشعل أسعار النقل
عاين- 14 مارس 2024
تُباع 16 ليترات من الوقود كلما اقتربت المنطقة من دائرة النزاع المسلح في السودان بسعر (80) دولار ، ما يعادل (100) ألف جنيه سوداني في حين أن الحكومة تسمح للشركات بالاستيراد عبر موانئ بورتسودان والبيع بسعر أقل من المعروض في السوق الموازي بنسبة 80% فيما لا يمكن الحصول عليه بالسعر الرسمي في جميع الولايات بما في ذلك الواقعة خارج نطاق الحرب.
“مافيا الوقود” شبكة بيع المحروقات في السوق الموازي عادت مع الحرب التي اشتعلت بين الجيش السوداني والدعم السريع في السودان قبل 11 شهرا، وأدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي وتآكل النقد الأجنبي في البنك المركزي وفق اعتراف وزير المالية جبريل إبراهيم في مؤتمر صحفي الشهر الماضي.
ضاعفت القوات الأمنية الإجراءات على حركة الوقود بين الولايات خاصة الواقعة تحت سيطرة الجيش خشية نقل الوقود إلى مناطق الدعم السريع، وأدت هذه الإجراءات إلى مضاعفة أسعار الوقود في السودان والشح لفترات في بعض الأحيان.
أرباح الحكومة
يقول أيمن، المتعامل في بيع الوقود بمدينة القضارف شرق البلاد لـ(عاين): إن “الحكومة ابتدرت رفع أسعار الوقود بوضع الضرائب على الاستيراد في الموانئ عندما تصل السفن المحملة بالوقود تتحصل على الضرائب بشكل مسبق لذلك من الطبيعي أن ترتفع الوقود في الأسواق”.
ويقول مصدر حكومي من وزارة المالية الاتحادية لـ(عاين) إن “الرسوم الحكومية متعددة، وتتراوح بين 10 آلاف إلى 7 آلاف دولار من شحنة الوقود عبارة عن ضرائب على شركات الاستيراد، وفي العادة حينما لا تدفع الشركات لا يسمح لها بالرسو على الموانئ.
تأثر العمليات الإنسانية
والشهر الماضي قلصت الأمم المتحدة بعض عملياتها في السودان نتيجة شح الوقود وفق ما ذكر عامل في برنامج الغذاء العالمي لـ(عاين). وقال إن “الأمم المتحدة تدرس خيارات لتوفير الوقود لعملياتها الإنسانية المتوقعة في السودان”.
وبسبب ارتفاع الوقود زادت أسعار الغذاء والطحين في السودان بنسبة 300% عما كانت عليها قبل الحرب، وفقا للباحث الاقتصادي محمد إبراهيم، الذي يتوقع تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي في السودان الشهرين القادمين ما لم تعالج الأوضاع بشكل جذري من خلال إسكات البنادق.
يقول إبراهيم لـ(عاين): إن “الحكومة القائمة في بورتسودان لا تكترث لمعاناة 48 مليون مواطن تأثروا بالحرب التي تدور بين الجيش والدعم السريع منذ 11 شهرا والوقود عنصر أساسي في تحديد أسعار الغذاء؛ لأنه مرتبط بالنقل والزراعة والإنتاج”.
وقال إبراهيم، إن “مئات المزارعين في الولاية الشمالية، والتي تعد من آخر الولايات التي بقيت في نطاق الزراعة بسبب الحرب هجروا الزراعة”. وقال: إن “المزارعين خاطبوا الحكومة المحلية، لكنها منشغلة بإرسال المقاتلين إلى الخطوط الأمامية”.
وأضاف إبراهيم: “أن شركات الوقود العاملة في الاستيراد لا تمنح العمليات وفق إجراءات المناقصة الحكومية في بورتسودان هناك كارتيلات تدير هذه الإجراءات، وتحصل على آلاف الدولارات”.
زيادات قادمة
وكان وزير المالية جبريل إبراهيم ذكر في تصريحات سابقة، إن وزارة المالية تتحرك وسط حالة من العجز في قطاع الإيرادات، وقال إن الدولة فقدت 80% من الإيرادات المالية المباشرة؛ بسبب الحرب ورفض توجيه اتهامات إليه بالفساد المالي والحصول على ملايين الدولارات، واتهم جهات بالوقوف وراءها.
فيما قال أحمد الشريف، وهو متعامل مع شركة وقود لـ(عاين): إن “شركات الشحن رفعت قيمة الشحن للناقلات البحرية إلى أكثر من 10 آلاف دولار للشحنة بسبب الحرب في السودان لارتفاع قيمة التأمين البحري للناقلات”.
ويقول شريف: إن “الناقلات لا تفضل العمل في موانئ بورتسودان لارتفاع تكاليف الشحن والتفريغ وبدائية الحركة في الموانئ إلى جانب المخاطر الأمنية وخشيتها من توسع رقعة الحرب خاصة عقب سيطرة الدعم السريع على وسط البلاد في ولاية الجزيرة”.
ويرجح شريف: ارتفاع الوقود خلال الفترة القادمة إلى أضعاف أسعارها في الوقت الحالي لأن القيود الأمنية مشددة على حركة الناقلات داخليا في الطرق البرية؛ بسبب مخاوف من نقلها إلى قوات الدعم السريع في العاصمة السودانية وولاية الجزيرة.
ويرى أن تكلفة الوقود انعكست على حركة النقل في السودان ومنذ أغسطس الماضي زادت بنسبة 400% فيما تقطعت السبل بآلاف المواطنين الذين كانوا يودون مغادرة المناطق الساخنة نتيجة شح الوقود وانعدام وسائل النقل.
وأضاف: “بعض المواطنين الذين غادروا مدينة ودمدني والخرطوم جلبوا حافلات للنزوح إلى الولايات الآمنة نسبيا ودفعوا حوالي 2 مليون جنيه نظير هذه الخدمة ما يعادل 1800 ألف دولار”.