“فور برنقا”.. قتلى جدد في عداد ضحايا النزاع بدارفور

12 أبريل 2023

على مدار اليومين الماضيين، تنزف دماء المدنيين في محلية فور برنقا بولاية غرب دارفور إثر اشتباكات قبلية بين مجموعات عربية والمساليت في صراع قديم متجدد خلف عشرات القتلى والجرحى، وسط صمت السلطة الانقلابية المركزية في الخرطوم.

ونقل شهود من فور برنقا لـ(عاين)، إن المدينة تعرضت لهجوم عنيف صباح أمس الثلاثاء من مليشيات مسلحة دخلت بالتزامن من الناحيتين الجنوبية والغربية، بينما اكتفت قوات الجيش المتواجدة هناك بحماية السوق واحدى المصارف وشارع رئيسي (طريق الأربعين) يضم مؤسسات ودواوين حكومية.

وتضاربت المعلومات بشأن عدد قتلى وجرحى الهجوم المسلح، ففي وقت أكد فيه المدير التنفيذي لمحلية فور برنقا عبدو عمر في تصريح صحفي وصول حصيلة النزاع الى 25 قتيلا، أبلغت مصادر طبية (عاين) أنه تم حصر 31 قتيلا حتى اليوم الأربعاء وأن العدد قابل للزيادة فهناك جثث لم تتمكن فرق الاجلاء من الوصول إليها حتى اللحظة.

وبحسب شهود فإن النزاع خلف عشرات الجرحى كذلك، ونزوح جميع سكان الأحياء الجنوبية والغربية بالمدينة الى قرى ومناطق تقع شمال فور برنقا وهي آمنة نسبياً، بينما اضطرت الشاحنات التجارية القادمة من غرب أفريقيا إلى العودة لداخل الأراضي التشادية.

وتطور النزاع سريعاً على خلفية مقتل شخصين في حادثين منفصلين في محلية فور برنقا يوم الإثنين الماضي، وهاجمت مجموعات مسلحة المدينة واشتبكت مع السكان، وذلك رغم اعلان السلطات بولاية غرب دارفور حالة الطوارئ في المنطقة والدفع بتعزيزات عسكرية الى هناك.

وقالت تهاني حبيب – كادر طبي في مستشفى الجنينة- في مقابلة مع (عاين) “هناك مستشفى داخل مدينة فور برنقا يمكنه استقبال جرحى الاشتباكات ولكن توجد حالات مثل كسور العظام تحتاج تدخلا جراحياً مما تستوجب نقلها الى الجنينة لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة”.

وتضيف “هناك صعوبة بالغة في التواصل مع الفرق الصحية في فور برنقا نتيجة لرداءة شبكة اتصالات والانترنت، وليس هناك حصيلة دقيقة لعدد القتلى والمصابين ولم يصل مستشفى الجنينة أي جرحى او قتلى حتى اليوم”.

ووصل الى محلية فور برنقا، والي ولاية غرب دارفور خميس ابكر على رأس وفد ولائي رفيع ضمن مساعٍ لتهدئة الأوضاع الأمنية في المدنية، ويشير شهود الى أن المنطقة شهدت الأربعاء هدوءا حذرا بينما يعيش سكان عاصمة الولاية الجنينة توجس كبير اثر مخاوف من انتقال الصراع الى داخلها.

وقال الوالي خميس في بيان الثلاثاء، إن لجنة أمن الولاية فوضت القوات النظامية بمختلف وحداتها باستعمال القوة الحاسمة اثناء قيامها بواجباتها المتعلقة بحسم المتفلتين ومحاربة كافة اشكال الظواهر السالبة لفرض الامن والاستقرار وبسط هيبة الدولة بكافة المناطق في ولاية غرب دارفور.

وترى الناشطة في منظمات المجتمع المدني صفاء العاقب، أن زعزعة الأمن في دارفور أمر مقصود ومدبر وأن الدولة في اعلى قمتها لا تريد لهذا القتال أن يتوقف فبالتالي ظل مسلسل القتل مستمراً في الإقليم.

وتقول العاقب في مقابلة مع (عاين) “تدخل الجيش بشكل حاسم عندما تم الهجوم على منسوبي الجمارك بغرب دارفور وحسم الأمر وكان بامكانه استخدام نفس الأسلوب في حماية المدنيين ولكن لا يريد فهناك من يتعمد استمرار الاقتتال بالإقليم”.

وأضافت “ما يحدث ليس صراعا قبليا، وإنما هو صراع إحلال وابدال لمجموعات سكانية وأخرى تمارس التجييش والاستحواذ على الأرض، وهناك تداخل إقليمي في هذا النزاع. سيظل الاضطراب الأمني باقيا في دارفور ولو تم توقيع الآلاف من اتفاقيات السلام ما لم يتم القضاء على المليشيات وتكوين جيش مهني موحد قادر على حماية الحدود ومواطنيه”.

وأبدت العاقب اسفها لسقوط عشرات القتلى في فور برنقا في سيناريو ومشهد متكرر، وقالت “هناك انباء تشير الى ان الجثث ما تزال متناثرة في أرجاء المدينة وجرحى لا يجدون من يسعفهم ويضمد جراحهم”.